آلاف الأرواح من أطفال وشيوخ ونساء ممن قتلتهم آلة العدوان الإسرائيلية، ربما باتوا يحلقون في لاهاي، حيث محكمة العدل الدولية، ليتساءلوا "أما حانت لحظة القصاص العادل من دولة الاحتلال؟"، التي مارست كل فنون الانتهاكات منذ 75 عاما، عبر استهداف مدارس فلم ترحم أطفالها، والمستشفيات فلم تشفق على مرضاها، بل ووضعت النساء هدفا لها، وداست المقدسات، بينما لم يراعي العالم المتشدق بحقوق الانسان مآسيهم على مدار عقود، في ظل انحياز صارخ لكيان عنصري وقادته الذين باتوا يشربون دماء البشر كالمياه، لتتجه أنظار الفلسطينيين المكلومين لفقدان فلذات أكبادهم إلى القضاء لعله يكون منصفا في عالم افتقد أدنى معايير العدالة.
وبدأت محكمة العدل الدولية أولى جلساتها بشأن الدعوى التي رفعتها جنوب أفريقيا على إسرائيل بتهمة ارتكاب إبادة جماعية بحق الفلسطينيين في قطاع غزة .
وقالت جنوب إفريقيا إنها "تعترف بالنكبة المستمرة للشعب الفلسطيني" في تصريحاتها الافتتاحية التي أدلت بها الخميس في جلسة استماع محكمة العدل الدولية في قضية الإبادة الجماعية ضد إسرائيل.
وقال ممثل جنوب أفريقيا أمام محكمة العدل الدولية، إن الاحتلال الإسرائيلي مزق الشعب الفلسطيني وأهدر حقهم في تقرير المصير، من خلال تكثيف انتهاكاتها في قطاع غزة وبقية الأراضي الفلسطينية.
واتهمت جنوب أفريقيا إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية بأنها "دفعت أهالي غزة إلى حافة المجاعة".
وأضاف ممثل جنوب أفريقيا خلال مرافعته أمام محكمة العدل الدولية، أن إسرائيل ارتكبت منذ عقود أعمال إبادة وفرضت حصارا على قطاع غزة.
وأشار ممثل جنوب أفريقيا، إلى أن مستقبل الفلسطينيين يعتمد على قرار محكمة العدل الدولية.
وقال مقرر محكمة العدل الدولية، إن جنوب أفريقيا تؤكد أن جرائم إسرائيل في غزة "إبادة جماعية"، مشيرا إلى أن دعوى جنوب أفريقيا تطالب بالحصانة للمدنيين في غزة وتطالب بوقف فوري لإطلاق النار.
وأوضح الممثل القانوني لجنوب أفريقيا، أمام محكمة العدل الدولية، أن بلاده لديها أدلة جمعت خلال 13 أسبوعا تؤكد تعمد إسرائيل ارتكاب إبادة جماعية في غزة، متهما الاحتلال بأنها يتمت أعدادا كبيرة من الأطفال في قطاع غزة.
وأضاف الممثل القانونى لجنوب أفريقيا أن ما أثبتته الوقائع في قطاع غزة يقتضي تدخل هذه المحكمة، مشيرا إلى أن شاحنات المساعدات التي تدخل قطاع غزة تخضع لثلاث مراحل من التفتيش.
وأوضح أن النية بارتكاب إبادة جماعية متوفرة لدى إسرائيل، كما أن تل أبيب لم تتورع عن استخدام أسلحة الدمار الشامل ضد المدنيين في غزة، وقنص النساء والأطفال في قطاع غزة.
واستشهد ممثل جنوب أفريقيا بتصريحات نائب رئيس الكنيست والتي دعا فيها إلى محو غزة من على وجه الأرض، كما استشهد بتصريحات ووزير الدفاع الإسرائيلي والتي قال فيها إنهم يحاربون حيوانات بشرية، معلقا بالقول: النية لتدمير قطاع غزة موجودة لدى أعلى المستويات السياسية في إسرائيل.
وتابع نية ارتكاب إبادة جماعية في غزة توجه أفعال وسلوك الجنود الإسرائيليين على الأرض، مؤكدا ان إسرائيل تستخدم الخطاب الديني لتبرير قتل الأطفال والمدنيين في غزة.
وعرض ممثل جنوب أفريقيا أمام محكمة العدل الدولية، مقاطع فيديو لجنود الاحتلال يرقصون ويتوعدون سكان قطاع غزة بالدمار.
قال الفريق القانوني لجنوب أفريقيا، أمام محكمة العدل الدولية، إن إسرائيل وعلى مدى سنوات طويلة اعتبرت نفسها فوق القانون، مشيرًا إلى أن خطابات المسؤولين الإسرائيليين التي تحرض على إبادة في غزة توجه أفعال الجنود الإسرائيليين على الأرض.
أضاف الفريق القانوني لجنوب أفريقيا خلال جلسة استماع أمام محكمة العدل الدولية في اتهام إسرائيل بارتكاب جرائم بحق الشعب الفلسطيني، أن 13 دولة ومنظمة التعاون الإسلامي عبروا عن دعمهم للقضية المرفوعة مما يؤكد ضرورة اتخاذ المحكمة لتدابير مؤقتة.
أشار إلى أن الوضع في غزة غير مسبوق وحقوق الفلسطينيين يجب حمايتها، مضيفا: "من حق الفلسطينيين في قطاع غزة عدم التعرض للإبادة الجماعية"، داعيا دول العالم بالقيام بواجبها في منع الإبادة تجاه الفلسطينيين .
أكد أن من حق جنوب أفريقيا الإشارة إلى مسؤولية إسرائيل عن انتهاك اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، مشددا على أن محاولة إسرائيل تبرير هجومها لن ينقذها من نية ارتكاب الإبادة بحق جميع الفلسطينيين في غزة.
كشف الفريق القانوني لجنوب إفريقيا، عن مقتل 48 امرأة و117 طفلا في قطاع غزة بمعدل يومي، مضيفا: "معظم مباني غزة ومنشآتها مسح عن الأرض".
وفي الدعوى المؤلفة من 84 صفحة، تشير جنوب أفريقيا إلى أن إسرائيل فشلت في تقديم الأغذية الأساسية والمياه والأدوية والوقود وتوفير الملاجئ والمساعدات الإنسانية الأخرى لسكان القطاع.
وأشارت أيضا إلى حملة القصف المستمرة التي دمرت مئات الآلاف من المنازل واضطرت نحو 1.9 مليون فلسطيني إلى النزوح، وأسفرت عن مقتل 23 ألف شخص وفقا لبيانات السلطات الصحية في غزة.
ومن المتوقع صدور حكم بشأن التدابير المؤقتة في وقت لاحق هذا الشهر. وأحكام محكمة العدل الدولية ملزمة، لكن المحكمة لا تملك تنفيذها.
وفي دلالة على ثقل مصطلح الإبادة، أرسلت إسرائيل قاضيا سابقا بالمحكمة العليا كان قد نجا من المحرقة النازية (الهولوكوست) التي وقعت قبل توقيع اتفاقية الإبادة الجماعية. وستعين جنوب أفريقيا قاضيا أمضى في شبابه 10 أعوام في جزيرة روبن التي التقى فيها الرئيس السابق لجنوب أفريقيا نيلسون مانديلا.
وتحقق محكمة أخرى في لاهاي، وهي المحكمة الجنائية الدولية، بشكل منفصل في تهم ارتكاب فظائع في غزة والضفة الغربية وفي هجوم السابع من أكتوبر على إسرائيل، لكنها لم تسم أي مشتبه بهم. وإسرائيل ليست عضوا في المحكمة الجنائية الدولية وترفض ولايتها القضائية.
من جانبه قال رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا الأربعاء "معارضتنا للمذبحة الجارية بحق شعب غزة دفعتنا بصفتنا دولة إلى اللجوء إلى محكمة العدل الدولية".
وأضاف "بصفتنا شعبا تجرع يوما مرارة السلب والتمييز والعنصرية والعنف الذي ترعاه الدولة، نحن واضحون في أننا سنقف في الجانب الصائب من التاريخ".
وقال رونالد لامولا وزير العدل في جنوب افريقيا أن منع وعقاب جريمة الإبادة الجماعية في الأراضي الفلسطينية التزام نحو الشعب الفلسطيني، لافتا إلي أن العنف والتدمير في فلسطين لم يبدأ في أكتوبر ولكنه مستمر لـ 76 عاما وحتي اليوم في 2024 .
في المقابل قال إيلون ليفي المتحدث باسم الحكومة الإسرائيلية، ستمثل دولة إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية لدحض فرية (سفك) الدماء العبثية التي أطلقتها جنوب أفريقيا، إذ تمنح بريتوريا غطاء سياسيا وقانونيا لنظام (حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية)".
وأكدت جامعة الدول العربية دعمها وتأييدها بشكل كامل الدعوى التي رفعتها جنوب أفريقيا ضد إسرائيل بتهمة ارتكاب جرائم إبادة جماعية وخرق اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية لعام 1948، معربة عن تطلعها إلى حكم عادل يوقف الحرب العدوانية على قطاع غزة ويضع حدا لنزيف الدم الفلسطيني.
وقال الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط، في تصريحات صحفية، إن الأمانة العامة للجامعة تدعم المسعى الجنوب أفريقي بكل السبل الممكنة من خلال الاستعداد لتقديم ما يخدم القضية ويعزز الموقف الفلسطيني، مضيفا أنها خطوة مهمة ليس فقط نحو وقف إطلاق النار ولكن أيضا مساءلة الاحتلال الإسرائيلي.
في السياق، أعلن المجلس الرئاسي الليبي تأييده للدعوى ضد إسرائيل، وأكد في بيان الدعم بكل السبل للخطوة المتخذة من جنوب أفريقيا تجاه الشعب الفلسطيني، وما يتعرض له من إبادة جماعية غير مسبوقة على يد الاحتلال الإسرائيلي.
وفلسطينيا، تجمع العشرات في رام الله بالضفة الغربية المحتلة لـ "شكر" جنوب أفريقيا على رفعها الدعوى أمام محكمة العدل الدولية.
وقال رئيس بلدية رام الله عيسى قسيس للحشد من أمام تمثال لنيلسون مانديلا يبلغ ارتفاعه 6 أمتار قدّمته في العام 2016 بلدية جوهانسبرج (جنوب أفريقيا) "نشعر أن جنوب أفريقيا تسمع قلوبنا، وتسمع آلامنا".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة