منذ نهاية ديسمبر الماضي زاد الاهتمام الإعلامي والتفتت انظار العالم بشكل كبير إلي محكمة العدل الدولية وذلك علي خلفية الدعوي التي رفعتها جنوب أفريقيا ضد إسرائيل بما يتعلق بالانتهاكات الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة والأراضي الفلسطينية واتهامها بارتكاب إبادة جماعية وانتهاك القوانين الدولية
تأسست محكمة العدل الدولية، التي يقع مقرها في قصر السلام في مدينة لاهاي بهولندا، عام 1945 كوسيلة لتسوية النزاعات بين الدول محكمة العدل الدولية هي المحكمة الدولية الوحيدة التي تتولى تسوية النزاعات بين الدول الأعضاء في الأمم المتحدة البالغ عددها 193 دولة، وهذا يعني أنها تقدم مساهمة مهمة في السلم والأمن العالميين، وتوفر وسيلة للدول لحل القضايا دون اللجوء إلى الصراع.
الفرق بين محاكم العدل الدولية والعدل الأوروبية و الجنائية الدولية؟
تُعرف محكمة العدل الدولية على نطاق واسع باسم "المحكمة العالمية"، وهي واحدة من الأجهزة الرئيسية الستة للأمم المتحدة، وعلى عكس محكمة العدل التابعة للاتحاد الأوروبي، فإن محكمة العدل الدولية ليست محكمة عليا يمكن للمحاكم الوطنية أن تلجأ إليها، فهي لا تستطيع النظر في النزاع إلا عندما يُطلب منها ذلك من قبل دولة واحدة أو أكثر. وفق مركز إعلام الأمم المتحدة
وفي ذات السياق هناك خلط متكرر بين المحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية، لكن أبسط طريقة لشرح الفرق هي أن قضايا محكمة العدل الدولية تشمل دولا، أما المحكمة الجنائية الدولية فهي محكمة جنائية تُرفع فيها قضايا ضد أفراد بتهمة ارتكاب جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية.
بالإضافة إلى هذا، فإنه في حين أن محكمة العدل الدولية هي أحد أجهزة الأمم المتحدة، فإن المحكمة الجنائية الدولية مستقلة قانونا عن الأمم المتحدة (على الرغم من اعتمادها من قِبل الجمعية العامة).
الدول الأعضاء في الأمم المتحدة البالغ عددها 193 دولة ليست جميعها أطرافا في المحكمة الجنائية الدولية. ويجوز للمحكمة أن تمارس اختصاصها عندما يكون الشخص المدعى ارتكابه الجريمة من مواطني دولة طرف في المحكمة الجنائية الدولية أو في إقليم دولة طرف كما يجوز لدولة غير طرف أن تقرر قبول اختصاص المحكمة.
هيئة المحكمة ومسار الدعوي
تتألف المحكمة من 15 قاضيا، يتم انتخابهم لولاية مدتها تسع سنوات من قِبل الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن. وتجرى الانتخابات كل ثلاث سنوات لثلث المقاعد، ويجوز إعادة انتخاب القضاة المتقاعدين. ولا يمثل أعضاء المحكمة حكوماتهم، بل هم قضاة مستقلون، ولا يوجد سوى قاض واحد في المحكمة من أي جنسية.
تبدأ القضايا عندما تقوم الأطراف بتقديم المرافعات وتبادلها والتي تحتوي على بيان تفصيلي للوقائع والقانون الذي يعتمد عليه كل طرف، ومرحلة شفهية تتكون من جلسات استماع عامة يخاطب فيها الوكلاء والمحامون المحكمة وتتراوح المدة الزمنية التي تستغرقها الدعاوي بالمحكمة ما بين بضعة أسابيع وعدة سنوات.
دعوي جنوب أفريقيا ضد اسرائيل
والدعوى التي قدمتها جنوب أفريقيا ضد إسرائيل في 29 ديسمبر 2023 هي المرة الأولى التي يتم فيها رفع قضية خلافية ضد إسرائيل في محكمة العدل الدولية حيث أنه في 2004 خلص رأي استشاري للمحكمة إلى أن الجدار الذي بنته إسرائيل في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك في وحول القدس الشرقية والنظام المرتبط به، يتعارض مع القانون الدولي.
ووفقا للدعوة التي تقدمت بها جنوب أفريقيا، فإن أفعال إسرائيل "تعتبر ذات طابع إبادة جماعية، لأنها ترتكب بالقصد المحدد المطلوب" لتدمير الفلسطينيين في غزة كما تشير الدعوى إلى أن سلوك إسرائيل - "من خلال أجهزة الدولة ووكلاء الدولة وغيرهم من الأشخاص والكيانات التي تعمل بناء على تعليماتها أو تحت توجيهها أو سيطرتها أو نفوذها" - يشكل انتهاكا لالتزاماتها تجاه الفلسطينيين في غزة بموجب اتفاقية الإبادة الجماعية.
وتسعى جنوب أفريقيا إلى تأسيس اختصاص المحكمة على اتفاقية الأمم المتحدة للإبادة الجماعية لعام 1948، والتي وقعت عليها البلدان، بينما ترفض إسرائيل هذه الاتهامات. أما بالنسبة للإجراءات الاستشارية أو الفتاوى، ففي نهاية عام 2022، طلبت الجمعية العامة فتوى من المحكمة بشأن "الممارسات الإسرائيلية التي تمس حقوق الإنسان للشعب الفلسطيني في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية".