"بابا نفسي العب كاراتيه أنا بحبها جدا ونفسي أحقق حلمي بممارستها.. أرجوك ساعدني في تحقيق حلمي واحتراف هذه اللعبة" .. كلمات بسيطة رددتها طفلة عمرها 4 سنوات خلال حديث مع والدها في قطاع غزة وهو الطلب الذي تحرك الأب الفلسطيني على الفور تحقيق حلم ابنته حتى تحولت لواحدة من أفضل لاعبات الكاراتيه في فلسطين وقارة آسيا .. قصة كفاح ونضال كبيرة لأسطورة الكاراتيه الفلسطينية وواحدة من أفضل لاعبات فلسطين وآسيا البطلة نغم أبو سمرة.
أعلنت اللجنة الأوليمبية الفلسطينية، الجمعة، استشهاد أسطورة الكاراتيه في غزة نغم أبو سمرة الحاصلة على الحزام الأسود أحد أفضل اللاعبات الفلسطينيات في لعبة الكاراتيه، وذلك خلال تلقيها العلاج في الخارج عقب استهدافها بصاروخين من طائرة إسرائيلية طراز إف 16 في منتصف ديسمبر الماضي.
حصول نغم على ميدالية
اللاعبة نغم كانت نموذجاً يحتذى للرياضية الفلسطينية بما قدمته من جهد لنشر رياضة الكاراتيه في قطاع غزة بين الفتيات، معتبراً رحيلها خسارة للرياضة الوطنية ولمنظومة الكاراتيه بفلسطين.
"الاحتلال الإسرائيلي قضى على حلم نغم أبو سمرة أفضل لاعبة كاراتيه في فلسطين .. ابنتي التي تمتلك قدم قوية تهزم أي منافسة لها تعرضت للبتر نتيجة قصف طيران الاحتلال لمنزلنا في 17 ديسمبر الماضي وأصبحت "بطلة بلا قدم" .. ابنتي بين الحياة والموت فهي بغيبوبة تامة منذ ثلاثة أسابيع" .. كلمات بسيطة توضح الحالة الصحية لنجمة فلسطين في لعبة الكاراتيه نغم أبو سمرة التي أعلن عن استشهادها قبل قليل، نغم أبو سمرة قصة مصغرة لوضع القطاع الرياضي الذي ركز الاحتلال على تدميره منذ 7 أكتوبر الماضي.
نغم أبو سمرة
والد اللاعبة نغم أبو سمرة تحدث لـ"اليوم السابع" مطلع الأسبوع الماضي عن أحلام ابنته التي كانت تتمسك بحلم ممارسة لعبة الكاراتيه وهي بعمر الأربع سنوات ونصف وقد حققت أولى بطولاتها في الخامسة من عمرها، وتميزت في اللعبة التي عشقتها منذ نعومة أظافرها، مضيفا : "كنت أحرص ووالدتها على مرافقتها في أي تدريب للكاراتيه في النادي رغم رفض المجتمع الشرقي لممارسة الفتيات للعبة لأنها لعبة عنيفة."
"بابا نفسي العب كاراتيه وأرغب في ممارسة هذه اللعبة والاحتراف فيها .. هذا ما طلبته مني ابنتي وهي صغيرة وعلى الفور تحركت لتلبية رغبتها ودعمت حلمها .. تميزت ابنتي في اللعبة وحصدت عدة بطولات واتجهت لدراسة التربية الرياضية وحصلت على درجتي الماجيستر والدكتوراه من جامعة الأقصى بتقدير ممتاز."
نغم ترتدى ملابس الكاراتية
لم ينجو قطاع الرياضة من جرائم جيش الاحتلال الإسرائيلي الذي دمر وجرف وحرق ملاعب رياضية في قطاع غزة عدد كبير من اللعبات أبرزها كرة القدم والكرة الطائرة، وقتل جيش الاحتلال حوالي 150 رياضيا في عدوان المستمر على غزة وما يقرب من 500 جريح آخرين بينهم أطفال ولاعبين ولاعبات وأطقم مساعدة في مناطق متفرقة بغزة.
الاحتلال الإسرائيلي لم يكتف بقتل واستهداف الرياضيين الفلسطينيين بل وأد أي أحلام معهم من خلال تحويل عدد من الملاعب إلى مقابر جماعية بسبب التعذيب والممارسات البشعة للاحتلال الذي حول بعض الملاعب الرياضية لسجون تعذيب واعتقال للمواطنين الفلسطينيين في غزة.
قصة البطلة نغم أبو سمرة
نغم أبو سمرة واحدة من آلاف المصابين الفلسطينيين في العدوان الإسرائيلي على غزة لكن هذه الفتاة التي كانت بطلة للكاراتيه عانت كثيرا بسبب استشهاد والدتها على يد الاحتلال في نوفمبر الماضي، وكذلك شقيقتها روزان صاحبة الـ 27 عاما ولم يتوقف الاحتلال عن هذا الحد بل قرر اغتيال حلم البطلة نغم أبو سمرة وقصف منزلهم بصاروخين من طائرة اف – 16، ما حول اللاعبة إلى أشلاء وقضى على حلمها بالاستمرار في لعبة الكاراتيه لتحقيق المزيد من الألقاب ومواصلة اللعبة التي تعشقها.
يقول الحاج مروان أبو سمرة في حديثه لـ"اليوم السابع" مطلع الأسبوع الماضي إنه فخور بابنته التي حققت الكثير من الإنجازات بالحصول على عدة بطولات وعملها كمحاضرة في التربية الرياضية للفتيات بجامعة الأقصى، مشيرا في نبرة حزن وحسرة بأن الاحتلال قصف منزلهم بتاريخ 17 ديسمبر الماضي، ما أدى لضياع حلم نغم وبترت قدمها اليمنى وأصيبت إصابات خطيرة في الراس.
نغم أبو سمرة
لم يتوقف الأمر عن هذا الحد حيث دخلت البطلة الفلسطينية في غيبوبة لم تستفيق منها حتى اللحظة وتعرضت لكسور مضاعفة في القدم اليسرى وخلع في الكتف وكسور أيضا في يدها اليسرى والتهاب كبيرة، دخلت البطلة العناية المركزة في مستشفى شهداء الأقصى ونتيجة تم نقلها لتلقي العلاج بالخارج.
عاد والد البطلة ليفتش في دولاب ذكرياته ليعود بالزمن لأكثر من عقدين حيث تحدثت إليه ابنته نغم حول رغبتها في ممارسة لعبة الكاراتيه بسبب حبها لهذه اللعبة، مضيفا: شجعت ابنتي وسعيت لتحقيق حلمها وكنت حريص أنا ووالدتها على حضور النهائيات لتحفيزها.. ورغم نظرة المجتمع الشرقي الرافضة لممارسة الكاراتيه باعتبارها رياضة عنيفة لكني أصريت على تحقيق حلم ابنتي.
وأشار والد نغم إلى تفوق ابنته في الثانوية العامة ورغم حصولها على مجموع مرتفع إلا أنها فضلت دراسة التربية الرياضية وتفوقت على نفسها، وحبها للرياضة نابع من حب أسرتها للرياضة وعندما سعت لتجهيز نادي لتدريب الفتيات في غزة على ممارسة الكاراتيه ساعدتها في ذلك لتنشئ جيلا من الفتيات الرياضيات، وتابع في نبرة حزن وانكسار: بترت قدم ابنتي اليمنى بسبب القصف الإسرائيلي.. بترت قدم بطلة كان تمتلك قدم يخشاها أي لاعبة آسيوية منافسة لها.
نغم أبو سمرة لاعبة الكاراتية بغزة
كانت حياة البطلة نغم أبو سمرة حافلة بالنجاحات والبطولات لكن جريمة الاحتلال حولت ابنة الـ 26 عاما إلى "بطلة بلا ساق" ودخلت في غيبوبة منذ 4 أسابيع ولم تستفيق منها حتى أعلن عن استشهادها اليوم الجمعة.
البطلة الفلسطينية الواعدة حققت المركز الأول في لعبة الكاراتيه على مستوى قطاع غزة وفي عامي 2007 و2018 حصدت المركز الثاني على مستوى فلسطين في بطولة فلسطين، وحصلت على الحزام الأسود ضمن بطولات الفئات العمرية عام 2011 قبل أن تنضم لاحقا للمنتخب الفلسطيني الوطني باللعبة القتالية.
وربطت نغم حبها لرياضة الكاراتيه بمسارها الأكاديمي والعملي، بحصولها على شهادتيّ البكالوريس والماجستير بالتربية الرياضية، حيث افتتحت مركزاً في قطاع غزة لتدريب الفتيات على لعبة الكاراتيه ونشر اللعبة في الوسط النسوي.
رحلت البطلة نغم أبو سمرة عن الحياة لتلحق بوالدتها وشقيقتها اللائي سبقوها إلى الجنة بعد استشهادهم في قصف لجيش الاحتلال الإسرائيلي على مخيم النصيرات، لتسجل فلسطين اسم نغم أبو سمرة ضمن الأبطال الذين ارتقوا في العدوان على غزة ولعل أبرزها أيضا الكابتن هاني المصدر مدرب المنتخب الأوليمبي الفلسطيني الذي استشهد قبل أيام في قصف إسرائيلي على منزله شمال القطاع.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة