سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 14 يناير 1952.. استشهاد الطيار مدنى أحمد عصمت بعد قتله ثلاثة من جنود الاحتلال الإنجليزى والملك فاروق يقرر تحمل نفقات تعليم أطفاله ومرتبات شهرية لهم

الأحد، 14 يناير 2024 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 14 يناير 1952.. استشهاد الطيار مدنى أحمد عصمت بعد قتله ثلاثة من جنود الاحتلال الإنجليزى والملك فاروق يقرر تحمل نفقات تعليم أطفاله ومرتبات شهرية لهم الملك فاروق

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
اشتعلت الأعمال الفدائية ضد الاحتلال الإنجليزى بمدن القناة، وتعددت جرائمه فى مواجهتها، ويرصدها عبدالرحمن الرافعى فى كتابه «مقدمات ثورة 23 يوليو»، ومن أبرزها ما جرى فى 11 يناير 1952 حيث أكرهت قوة إنجليزية أصحاب منازل عزبة «أبى سلطان» على إخلائها، وجمعوا رجال القرية فى مكان واحد وأحاطوهم بسياج من الأسلاك الشائكة، ووضعوا النساء والأطفال داخل سياج آخر، وفتشوا المنازل واحدا واحدا، واعتقلوا بعض المواطنين ونقلوهم إلى أحد المعسكرات.
 
وفى يومى 12 و13 يناير 1952 هاجمت قوة انجليزية بلدة التل الكبير، وأسرت سبعة فدائيين وصلبوهم على الأشجار، وأطلقوا عليهم الكلاب المفترسة لحملهم على الاعتراف على زملائهم، فلما أبوا أعدموهم رميا بالرصاص فى أحد معسكراتهم.
 
رفعت هذه الممارسات الدنيئة وتيرة الغضب لدى الشباب المصرى، وكان ما جرى من الشهيد طيار مدنى أحمد عصمت نموذجا، ويذكر «الرافعى»: «هو الشهيد الطيار أحمد عصمت خريج مدرسة الطيران نجل المهندس أحمد عصمت، وحفيد عبدالقادر حلمى باشا القائد المصرى الباسل «فى عهدى الخديو إسماعيل، والخديو توفيق»، وثارت نفسه لما طالع فى الصحف أنباء المعارك الدامية فى منطقة القنال، فترك منزله صبيحة 14 يناير، مثل هذا اليوم ، 1952، وسافر بسيارته الخاصة إلى التل الكبير، متحديا القوة الغشوم، فلما وصل إلى نقطة التفتيش البريطانية فى أبى حماد أوقفته القوة البريطانية إلى جانب رتل من السيارات المصرية فى انتظار دوره فى التفتيش».
 
يضيف الرافعى: «رفض الشهيد تفتيش سيارته، وقدم بطاقته الشخصية إلى رئيس القوة، فأصر هذا على تفتيش سيارته، فثار شعوره وأخرج مسدسه فى سرعة وأطلق منه النار على قائد القوة فأرداه قتيلا، وصرع حارسه الخاص، ثم جنديا آخر، وأراد أن يوالى إطلاق النار، لولا أن عاجله الإنجليز بضربة مدفع فخر صريعا شهيدا، وشيعت جنازته بالقاهرة يوم 15 يناير 1952 فى احتفال كبير مهيب». 
 
كان أحمد عصمت فى الثلاثين من عمره وقتئذ، فهو من مواليد نهاية نوفمبر 1922 بمنطقة عين شمس، ونشأ فى أسرة ثرية، وتوفى والده وعمره أربع سنوات، وحصل على الابتدائية والتحق بالجامعة الأمريكية لكنه تركها بسبب تركيزه فى رياضة التنس وكان أحد أبطالها، ودرس فى مدرسة الطيران.
 
تنقل الأهرام خبر استشهاده فى عددها، 15 يناير، 1952، قائلة: «حدث أن كان الطيار المصرى الشهير أحمد محمد عصمت وهو من طيارى شركة مصر للطيران، قاصدا بسيارته إلى بورسعيد، فلما وصل إلى مركز التفتيش البريطانى عند مدينة التل الكبير، أوقفته القوات البريطانية إلى جانب رتل من السيارات الأهلية فى انتظار دوره فى التفتيش، وكان البريطانيون فى ذلك ينقلون جثث قتلاهم الذين صرعهم الفدائيون صباح أمس بالقرب من التل الكبير، ويمسكون بالأهلين انتقاما لهؤلاء القتلى بشتى وسائل التنكيل والتعذيب أمام هذا الجمع الكبير من ركاب السيارات التى كانت فى انتظار التفتيش، وفى هذه الأثناء حاول بعض الجنود البريطانيين تفتيش سيارة الطيار الشهيد، وكان تأثره مما شاهد من وحشية الإنجليز قد بلغ أشده، فرفض تفتيش سيارته، وقدم بطاقته الشخصية إلى رئيس هذه القوة، ولكن ذلك لم يحل دون إصرار رجال القوة على تفتيش السيارة، فلم يتمالك الطيار الجرئ شعوره، فأخرج فى الحال مسدسا من جيبه وأطلق منه النار على رئيس القوة فخر صريعا، ثم شدد نيران مسدسه إلى أحد الجنود فأرداه قتيلا، وحاول أن يسدد ما تبقى من رصاص مسدسه على الجنود الآخرين، ولكنهم تكاثروا عليه، فأصيب برصاصة قاتلة نفذت من صدره إلى عينيه فخر على الأرض مضرجا بدمائه».
 
تضيف الأهرام: «على أثر ذلك استولت القوة البريطانية على سيارته وطلبت من البوليس المصرى نقل جثته، فنقل إلى المستشفى الأميرى، ثم انتقل إلى القاهرة حيث تشيع جنازته فى ضاحية عين شمس، وأبلغت زوجته بهذا النبأ المروع فقابلته بشجاعة ورابطة جأش، وقالت إن زوجها الشهيد ترك كتابا طويلا قبل سفره، قال فيه: إن مت فأرجو أن يعلم كل مصرى أننى شاب متزوج ولى ثلاثة أطفال إلى جانب أمى وإخوتى، ومع ذلك فقد ضحيت بنفسى ليعيشوا أحرارا فى بلدهم».
 
تذكر «الأهرام» فى نفس العدد خبرا متصلا نصه: «لما رفع إلى مسامع صاحب الجلالة الملك المعظم أن الشهيد طيار أحمد عصمت أب لثلاثة أطفال هم، بهى الدين وعمر من طلبة مدرسة النقراشى باشا النموذجية، وفاطمة بمدرسة الليسيه الفرنسية بمصر الجديدة أمر أن تكون نفقات تعليمهم على الجيب الخاص فى جميع مراحله، وأن تقرر لهم مرتبات شهرية تصرفها الخاصة الملكية»، وفى خبر آخر: «لما استمعت صاحب السمو الملكى الأميرة فريال قصة هذا الشهيد، أرادت أن تعبر عن عطفها لكريمته الطالبة فاطمة، فأرسلت إليها مصحفا قيما كهدية من سموها الملكى».






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة