طرق مختلفة تستخدمها قوات الاحتلال الإسرائيلى لقتل والإبادة الجماعية للفلسطينيين، ليست الهجمات وحدها التى تقتل الأطفال والفئات الأكثر ضعفا فى الأراضى الفلسطينية، ولكن أيضا التجويع والبرد القارس الذى يعيشه الملايين من أبناء الشعب الفلسطينى منذ أكثر من 100 يوما.
تحذيرات ونداءات أممية تطلق بشكل متكرر يوميا للمجتمع الدولى لإغاثة الشعب الفلسطيني فى الوقت الذى تستهدف فيه قوات الاحتلال موظفى وعمال الإغاثة الأمميين أيضا لعرقلة وصول المساعدات إلى المحتاجين فى غزة والأراضى الفلسطينية ليصل عدد الشهداء من عمال الإغاثة والموظفين بالأمم المتحدة 150 شهيدا.
من جانبهم، حذر خبراء أمميون من أن سكان غزة يمثلون 80% من جميع الأشخاص فى العالم الذين يواجهون خطر المجاعة أو الجوع الكارثى، فى ظل استمرار القصف والحصار من جانب قوات الاحتلال الإسرائيلية.
وأكد الخبراء عدم وجود مكان آمن فى غزة، وقالوا إن إسرائيل فرضت "حصارا كاملا" على غزة منذ 9 أكتوبر مما حرم 2.3 مليون فلسطينى من الماء والغذاء والوقود والإمدادات الطبية، ويأتى هذا بعد 17 عاما من الحصار الإسرائيلى الذى ترك قبل هذه الحرب نحو نصف سكان غزة يعانون من انعدام الأمن الغذائى وأكثر من 80% منهم معتمدين على المساعدات الإنسانية".
وقال الخبراء: "إن جعل سكان مدنيين بأسرهم يعانون من الجوع بهذا الشكل الكامل والسريع أمر غير مسبوق، فإسرائيل تدمر النظام الغذائى فى غزة وتستخدم الغذاء كسلاح ضد الشعب الفلسطيني".
وأضاف الخبراء أن كل الناس فى غزة الآن جائعون، ويواجه 25% من السكان مستويات كارثية من الجوع، ويكافحون لإيجاد الغذاء ومياه الشرب، كما أن حدوث المجاعة أصبح وشيكا.
وأضاف الخبراء المستقلون أن إسرائيل تدمر وتمنع الوصول إلى المناطق الزراعية والبحر، وتشير تقارير حديثة إلى أن القوات الإسرائيلية جرّفت نحو 22% من الأرض الزراعية فى غزة، بما فيها البساتين والصوبات الحرارية، منذ بدء العملية البرية فى أكتوبر.
ونقل الخبراء عن التقارير قولهم أن إسرائيل دمرت حوالى 70% من أسطول الصيد فى غزة، ودمرت أيضا أكثر من 60% من المنازل الفلسطينية فى القطاع، بما يؤثر بشكل مباشر على القدرة على طهى أى طعام ويتسبب فى القضاء على المنازل عبر التدمير الشامل للمساكن وجعل المنطقة غير صالحة للعيش.
وتُقدر الأمم المتحدة أن ما يقرب من 85%- أى 1.9 مليون شخص- من سكان غزة نازحون، وقد هُجر الكثيرون منهم عدة مرات إذ تُضطر الأسر إلى الانتقال عدة مرات بحثا عن الأمان.
وقال الخبراء إن "إسرائيل لا تقدم فقط على قتل المدنيين الفلسطينيين وإلحاق ضرر بهم لا يمكن إصلاحه، بقصفها العشوائى، لكنها تتسبب أيضا- عن علم وقصد- فى المعدلات العالية من الأمراض وسوء التغذية طويل الأمد والجفاف والتجويع، من خلال تدمير البنية التحتية المدنية".
وحذر الخبراء من أن النساء الحوامل لا يحصلن على ما يكفى من التغذية والرعاية الصحية بما يعرضهن للخطر، ولفتوا أن جيلا كاملا معرض للتقزم فيما يتعرض جميع الأطفال تحت سن الخامسة، البالغ عددهم 335 ألفا، لخطر الإصابة بسوء التغذية الحاد مع زيادة الظروف المؤدية للمجاعة. ويحدث التقزم عندما يتأثر نمو الطفل بعدم كفاية التغذية. ويتسبب التقزم فى إعاقات جسدية وإدراكية لا يمكن علاجها، بما يُقوض القدرة التعليمية لجيل بأكمله.
وشدد خبراء الأمم المتحدة المستقلون على ضرورة توصيل المساعدات الإنسانية إلى سكان غزة فورا وبدون أى عوائق لمنع المجاعة. وقالوا أن تحذيرهم من وقوع الإبادة الجماعية لا يرتبط فقط بالقصف الراهن لغزة، ولكنه يتعلق أيضا "بالمعاناة والموت بشكل بطيء بسبب الاحتلال الطويل والحصار"، وأشار الخبراء إلى أن الإبادة تتطور عبر عملية مستمرة وليست حدثا منفردا.