قال الدكتور محمد سالم، أستاذ التفسير وعميد كلية الدراسات السابق بجامعة الأزهر، إن الطالب الأزهري في الفترة الحالية يختلف عن الطالب الأزهري منذ 30 عاما، كما أن الأخير يختلف عن الطالب الأزهر منذ 60 عاما.
وأضاف سالم، خلال حواره مع الإعلامي محمد الباز، مقدم برنامج "الشاهد"، عبر قناة "إكسترا نيوز"، أن الطالب الأزهري يختلف عن الطالب الأزهري من 60 عاما في الثقافة المتأصلة، فكان الطالب لديه ثقافة ورسوخا، تجده قويا في لغته وأدبه وأسلوبه ومعلوماته وكيفية خطاب المجتمع بعيد عن التكفير والتشدد والتعصب.
وأشار إلى أن الأصل في الدراسة الأزهرية أنها دراسة متنوعة، فتجد الآراء المتعددة الفقهية والفلسفية والكلامية والعقائدية، وبالتالي نجد الطالب الأزهري منذ الصغر متفتحا ويقبل الرأي والرأي الآخر.
ولفت إلى أن الطالب الأزهري في الحقبة الأخيرة تسلل إلى الأزهر بطريقة ما فكر ليس أزهريا في الأصل، لكن دخل ليلتحق بالأزهر لكي يحصل على الورقة التي تؤهله إلى أن يقف في الناس والمجتمع ويقول "أنا أزهري".
وأضاف أن كلمة "أنا أزهري" لها ثقل داخل وخارج مصر، وبالتالي هذا الشخص يرغب في الشهادة التي توصله ل"ختم الاعتراف".
وأوضح أن الشخص يدخل الأزهر بمبرمج بفكر معين وثقافة أحادية، أن هذا الفكر ينتمي للتيار المتسلق أو السلفي الذي ينظر إلى عين واحدة للمسألة وإلى الرأي الواحد وإلى الراجح بها رأي واحد وفرضه على المجتمع.
وذكر أستاذ التفسير أن الإرهاب الفكري هو ربما يساوي الإرهاب بالسلاح، لأن الشخص إذا أرهب الآخرون فكريا بأن يعتقدوا فكرا ومذهبا واحدا وفرضه للمجتمع، هذا ما حدث في قطاع كبير للغاية في الأزهر.
ولفت إلى أن الثقافة لم تكن كما من قبل، مردفا: "كنا نقرأ في الأزهر في كتب الأدب وكتب لطه حسين والدكتور زكي نجيب محمود وللعقاد والزيات، بعضها في الدراسة بكتب الأدب واللغة والتاريخ، وبعضها اجتهادات شخصية لزيادة المعارف".
وأشار إلى أنه عندما كان صغيرا طلب من معلمه بطريقة لتحسين أسلوب كتابته وإضافة نوع من الجاذبية له، نصحه بقراءة كتب لطه حسين، مردفا: "أول كتاب قرأته له كان (الأيام)، وكتاب (حديث الأربعاء) كما قرأت له في الأدب الجاهلي".
وأكد أن المقصود هي أن الثقافة منفتحة، فطبيعة المجتمع آنذاك كانت طبيعة ثقافية منفتحة، مشيرا إلى أنه يتذكر أنه لم يستمع من مشايخ الأزهر مطلقا عندما كان صغيرا بأن الاستماع لأغاني أم كلثوم "حرام".
وأوضح أن أكثر المشايخ كانوا يستمعون إلى أم كلثوم وعبد الوهاب، وبعض القصائد والأغاني يحفظونها ويحللونها من الناحية اللغوية والأدبية والتربوية، فكان المجتمع آنذاك يعبر عن الثقافة المصرية وطبيعة الإنسان المصري".
وتابع: "ينظرون إليك الآن على أنك حالة شاذة، أنك غير متدين وقليل الدين إذا استمعت لأم كلثوم أو عبد الوهاب أو تقرأ كتب لطه حسين، فالبعض يطلق عليك زنديقا وضد الإسلام، وأن زكي نجيب محمود صاحب الفلسفة الوضعية المنطقية وإلى آخره".
وواصل: "الحمد لله أنا منذ الصغر منفتح على كل هذه الثقافات، وأستفيد من كل المدارس التي تربيت عليها في الأزهر، بأن عليك أن تنفتح على كل التيارات والمدارس".
وذكر أنه عندما كان مدرس مساعد اقترح أنه لابد من الباحث الأزهري والطالب الأزهري ينفتح على لغة الآخرين، وطرح حينها اسم الدكتور حسن حنفي رئيس الجمعية الفلسفية أستاذ الفلسفة بكلية الآداب جامعة القاهرة، بحضور مؤتمر عن الشيخ محمود شلتوت.
وأضاف أن بعض الأساتذة خاضوا معركة بسبب هذه دعوة الدكتور حسن حنفي، وتم فصلهم حاليا، مردفا: كتبوا شكوى ضدي لدعوتي الدكتور حسن حنفي إلى كلية أصول الدين بجامعة الأزهر".
وأوضح أن الشيخ" شلتوت "يعد أعظم عقلية أزهرية جاءت للأزهر، مردفا:" سمعت من أساتذتي أنه لم يأت شيخا للأزهر في علم شلتوت في هذا الوقت".
وتابع:" إذا أردت أن تقول للناس عن الإسلام الصحيح فاجعلهم يقرأوا للشيخ شلتوت ولا سيما كتاب (الإسلام عقيدة وشريعة) و(توجيهات الإسلام) فهو رجل كان مطلعا على التراث والواقع".