سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 18 يناير 1955.. وفاة الفنان سليمان نجيب بعد تلبية عبدالناصر لدعوته بحضور آخر عروضه المسرحية «المشكلة الكبرى»

الخميس، 18 يناير 2024 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 18 يناير 1955.. وفاة الفنان سليمان نجيب بعد تلبية عبدالناصر لدعوته بحضور آخر عروضه المسرحية «المشكلة الكبرى» سليمان نجيب

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
طلب الفنان سليمان نجيب، مقابلة الرئيس جمال عبدالناصر لأمر مهم خلال 24 ساعة، ثم توجه إلى مكتب صلاح الشاهد كبير الياوران، وعاتبه عتابا شديدا لعدم إتاحة الفرصة لمقابلة الرئيس، حسبما يذكر «الشاهد» فى مذكراته «ذكرياتى بين عهدين».
 
طلب سليمان نجيب مقابلة عبدالناصر، يسبقه تاريخه كأول فنان يحصل على لقب البكوية من الملك فاروق، وفى تاريخه أنه ولد فى 21 يونيو 1892، وابن الأديب مصطفى نجيب مدير الإدارة العربية بسراى عابدين بالديوان السلطانى فى معية الخديو عباس الثانى، وخاله أحمد زيور باشا من رؤساء وزراء مصر السابقين، وعمه محمود شكرى باشا رئيس الديوان، حسبما يذكر الكاتب والناقد الفنى جليل البندارى فى مقاله «قصة سليمان نجيب فيلم من الحياة» بمجلة «آخر ساعة، عدد 1057، 25 يناير 1955، وبدأ حياته الفنية بكتابة المقالات فى مجلة الكشكول الأدبية تحت عنوان «مذكرات عربجى» منتقدا فيه متسلقى ثورة 1919، وذيلها بتوقيع «الأسطى حنفى أبو محمود».
 
وفى تاريخه 40 مسرحية تأليفا وتمثيلا، و52 فيلما من بينها فيلم «غزل البنات» بطولة ليلى مراد وأنور وجدى، ويذكر «البندارى»: «كان يكتب للمسرح، وكتب عشرات المسرحيات التى مثلتها جمعية أنصار التمثيل والسينما والفرقة المصرية والمسرح الحديث، وكان يقدمها باعتباره مقتبسها أو ممصرها، ولم يزعم أنه صاحبها، وقال لى: إن موهبتى لا تؤهلنى لأن أقف فى مكان واحد بجوار سارتر وبرنارد شو ويوسف وهبى»، وفى تاريخه وهذا هو الأهم أنه أول مصرى يتولى رئاسة دار الأوبرا الملكية من عام 1938، وكان هذا المنصب موقوفا على الإيطاليين، حتى أنهم كانوا يطلقون على هذا المنصب «المستعمرة الإيطالية»، وظل فى منصبه حتى قيام ثورة 23 يوليو 1952، فأمدت عامين له بعد بلوغه سن المعاش.
 
هذا التاريخ الزاخر بالإبداع اعتزم سليمان نجيب أن يختتمه بالعرض المسرحى الذى دعا إليه  جمال عبدالناصر، ويذكر «الشاهد» أنه حين ذهب إليه ليعاتبه، قال بالحرف الواحد: ربنا ولا جمال عبدالناصر؟ رد الشاهد: «أستغفر الله، ما وجه الشبه بينهما؟، فقال نجيب: فى إمكانى مقابلة الله سبحانه تعالى، لو أطلقت على رأسى الرصاص فإنى سوف أكون فى لقاء الله بعد ثوان».
 
يضيف الشاهد: «ضحكت ودخلت على الرئيس وأبلغته ما حدث فضحك، وكان مجتمعا بالمرحوم أحمد حسنى وزير العدل، وأمر بإدخال الفنان العظيم، ودخل الفنان وبطريقته الظريفة ولهجته المحببة قال للرئيس عندما رأى معه وزير العدل، إنه كان ألفة عليه عندما كانوا تلاميذ فى المدرسة وهو الآن وزير وأنا ممثل».
 
طلب «نجيب» من الرئيس أن يشاهد آخر عمل مسرحى له الذى سيعتزل الفن بعده، وكان مسرحية «المشكلة الكبرى»، فوعده الرئيس بذلك، ويتذكر الشاهد: «ذهب الرئيس فعلا لمشاهدة المسرحية، وكان سليمان نجيب رائعا إلى حد كبير، وكأنه كان يحس أنه يمثل آخر أدواره على المسرح فأجاد وأبدع، وفى الاستراحة بين الفصول قابل سليمان نجيب الفنانة الكبيرة زينب صدقى، وقال ضاحكا: «أعرض عليكى اتفاقية جنتلمان، فكلانا أعزب، ومن يمت قبل أخيه يقيم بواجب الأخوة نحو منزله فيرعاه ويشرف عليه».
 
يكشف «جليل البندارى» أنه سمع من «سليمان نجيب» سبب عزوفه عن الزواج، حيث كان يحب فتاة وقت أن بدأ كفاحه فى سبيل لقمة العيش، وبعد 15 سنة أعد نفسه لزواجها، وفى اليوم الذى قرر أن يطلب يدها جاءه نعيها، وظل وفيا لذكراها أكثر من 20 سنة، فلم يفكر فى الزواج مرة أخرى طوال حياته، بل كان يواظب على زيارة قبرها كل أسبوع، ويضع على قبرها باقة زهور، ويحدثها قائلا: انهضى إنى أستطيع أن أحيا معك الآن حياة سعيدة، ويبكى ولا يفيق إلا بعد أن يرتب حارس القبر على كتفه. 
 
يؤكد «الشاهد»، أن عبدالناصر لبى دعوة سليمان نجيب بحضور عرضه المسرحى الأخير، ويضيف: «كان يتصرف وكأنه يحس بدنو أجله»، ففى 18 يناير، مثل هذا اليوم، 1955، انتقل الفنان  إلى جوار ربه، وأبلغت الرئيس جمال عبدالناصر بالنبأ، فكلفنى أن أنوب عنه فى تشييع الجنازة، وإقامة السرادق الخاص بالعزاء، والإنفاق على مصاريف الجنازة، وذهبت إلى منزل فناننا الراحل، فوجدت الجميع يبكى فيه مروءته، ولم أر أحدا من أقربائه لإبلاغه العزاء، وذهبت لمتعهد الفراشة الحاج جاد لإقامة السرادق، ولكنه أبلغنى بأن شخصا لا يعرفه قد دفع له مبلغ خمسمائة جنيه تكاليف الجنازة والسرادق والفراشين .. إلخ».
يذكر الشاهد: «شيعت جنازة المرحوم الرائد الفنان سليمان نجيب نيابة عن الرئيس عبدالناصر، وعلمت فيما بعد أن الشخص الذى تطوع للإنفاق على تشييع جنازة الفنان هو المرحوم محمد سلطان باشا». 






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة