الذاكرة الوطنية الفلسطينية فى خطر.. وزارة الثقافة: حرب شاملة يشنها الاحتلال لإبادة التراث الفلسطينى.. وتطالب منظمة اليونسكو والصليب الأحمر بتشكيل لجنة أممية للكشف عن انتهاكات قوات الاحتلال وسرقة آثار غزة

الثلاثاء، 02 يناير 2024 08:04 م
الذاكرة الوطنية الفلسطينية فى خطر.. وزارة الثقافة: حرب شاملة يشنها الاحتلال لإبادة التراث الفلسطينى.. وتطالب منظمة اليونسكو والصليب الأحمر بتشكيل لجنة أممية  للكشف عن انتهاكات قوات الاحتلال وسرقة آثار غزة غزة
كتب أحمد منصور ـ أحمد عرفة

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

أصدرت وزارة الثقافة الفلسطينية تقريرا أوجزت فيه مجمل الانتهاكات الإسرائيلية بحق قطاع الثقافة في فلسطين، منذ أن بدأت الاعتداءات الإسرائيلية على قطاع غزة.

وقال الدكتور عاطف أبو سيف وزير الثقافة: "إن اسرائيل تشن حملة إبادة ممنهجة وموجهة تستهدف قطاع الثقافة والتراث بمكوناته المادية وغير المادية بشكل مباشر، سعت من خلالها لمحو الذاكرة الوطنية وتعزيز تشويه الحقائق ومحاربة الرواية الفلسطينية"، كما أن كل سياسات الاحتلال لن تغير الحقيقة الأزلية والأبدية أن فلسطين للفلسطينيين فهم أهل البلاد وأصحابها.

وقال أبو سيف: "إن الحرب الممنهجة التي تشنها دولة الاحتلال على شعبنا هي استكمال للنكبة التي بدأت قبل خمسة وسبعين عاماً وما زالت مستمرة، وخلالها واصلت سرقة التراث والآثار والمقتنيات الثقافية وسلب ونهب منجزات شعبنا ومحاربة روايتنا الوطنية".

وقالت وزارة الثقافة في تقريرها الصادر مساء اليوم شملت الإجراءات الإسرائيلية مجموعة من الانتهاكات بحق القطاع الثقافي يتمثل أبرزها بالتالي: "اغتيال وقتل للفنانين والكتاب واعتقال بعضهم على خلفية أعمال فنية ومحتوى فني، الأسر والتهويد خاصة في المناطق الأثرية والبلدات القديمة في القدس نابلس والخليل وسبسطية، تدمير مبانٍ تاريخية وأثرية ومتاحف، تدمير ميادين عاملة ونصب تذكارية وأعمال فنية في الميادين العامة وجداريات فنية، سرقة الآثار واللقى الأثرية في مناطق القدس ونابلس والخليل وغزة خلال الحرب الدائرة، هدم مؤسسات ثقافية ومسارح ومطابع وجاليرهات فن  ومكتبات ودور نشر ومراكز للأرشيف، إغلاق مؤسسات ثقافية ومؤسسات عاملة في قطاع الثقافية في القدس، منع نشاطات ثقافية في القدس، حرمان من التنقل للمشاركة في فعاليات ثقافية داخل فلسطين ومنع العديد من الفنانين والكتاب من السفر للمشاركة في فعاليات ثقافية خارجية".

وجاء في التقرير: "لقد استهدفت قوات الاحتلال معالم المدن الفلسطينية فقصفت الميادين العامة والنصب والأضرحة التذكارية والحدائق والجداريات الفنية وقد تم رصد عشرات الاستهدافات لأعمال فنية ونصب تذكارية في الميادين العامة خاصة في مدينة غزة".

فقد قام الجيش بتدمير كل النصب التذكارية في الميادين العامة على طول شارع الرشيد من مفترق السودانية شمال غزة حتى جسر وادي غزة كما قامت بتجريف وتدمير حديقة الجندي المجهول في حي الرمال والنصب التذكاري الشهير فيها.

كما دمرت تمثال العنقاء في قلب ميدان فلسطين في غزة الذي يشير إلى شعار مدينة غزة، بجانب استهداف المجسم الفني "الحروف" في منطقة تل الهوى، وتدمير النصب التذكاري لصرح الشهداء الستة في مخيم جباليا وغيرهم الكثير.

واتبعت دولة الاحتلال نفس الآلية في استهداف الميادين العامة والنصب التذكارية في الضفة الغربية مثل استهداف معالم رئيسية في مدينة جنين منها ميادين الشهداء وتدمير وسرقة التمثال الحديدي "حصان جنين"، والذي صنعه النحات الألماني وماس كبلبر من مخلفات اجتياح الاحتلال لمدينة جنين ومخيمها عام 2002 وهو أحد الشواهد على جرائم الاحتلال.

كما كان لسياسات الاحتلال أثرٌ على توقف الكثير من النشاطات الثقافية بسبب الاجتياحات المتكررة والمجازر المختلفة التي ارتكبتها في مناطق مختلفة.

فقد تم إلغاء مهرجان الصابون في مدينة نابلس الذي كان مزمعاً تنظيمه في شهر نيسان ضمن تحضيرات وزارة الثقافة لتسجيل الصابون في قائمة التراث العالمي بسبب اجتياح المدينة، كما تم إلغاء كافة الاحتفالات بيوم التراث الوطني خلال الحرب الدائرة على شعبنا بجانب إلغاء مهرجان المسرح الوطني الذي كان مقرراً في نوفمبر.

وخلال العام استشهد عدد كبير من الفنانين والكتاب والمبدعين خلال مجازر الاحتلال بحق شعبنا، وقد استطاعت الوزارة رصد استشهاد 44 من العاملين في قطاع الثقافة من مبدعين وكتاب، أربعة منهم في الضفة الغربية فيما تركز الجزء الأكبر في غزة في حرب الإبادة الدائرة بحق شعبنا هناك، وشمل هؤلاء شعراء وروائيين وكتاب وأعضاء في فرق دبكة بما في ذلك فرق الأطفال.

كما شملت الاستهدافات رحيل قامات أدبية وفنية كبيرة كان لها دور هام في إثراء الثقافة الفلسطينية من شعراء وفنانين تشكيلين وموسيقيين، كما تواصلت عمليات الاعتقال والتوقيف بحق الفنانين، حيث اعتقلت قوات الاحتلال 9 من المبدعين بسبب نتاجاتهم الفنية من غناء وموسيقى بجانب صنّاع المحتوى خاصة في الضفة الغربية.

وشملت الانتهاكات الإسرائيلية تدمير المباني التاريخية والأثرية والثقافية بحيث بلغ مجموع ما تم رصده من مبان مدمرة في قطاع غزة 207 يمكن تصنيفها وفق التالي (144 مبنى في البلدة القديمة لمدينة غزة منها مباني أعطت المدينة شكلها وهويتها التاريخية مثل القيسارية أو سوق الزاوية وحمام السمرة وسبط العلمي وقصر الباشا، 25 مبنى وكنيسة ومسجدا ومواقع أثرية أهمها والمسجد العمري وكنيسة القديس برفيريوس ومسجد السيد هاشم، حيث قبر جد الرسول الكريم ومسجد كاتب ولاية وغيرها، 26 مركزاً ثقافياً ومسرحاً، 9 دور نشر ومكتبات، و3 شركات انتاج فني وإعلامي).

كما شمل الاستهداف متاحف مثل متحف القرارة ومتحف رفح ومتحف البادية وفندق المتحف ومتحف الباشا، ويضاف إلى هذا تدمير النصب تذكارية وميادين عامة في الضفة وغزة بجانب تدمير العديد من المباني التاريخية خلال اجتياح البلدة القديمة في نابلس، بجانب تدمير مقر الأرشيف المركزي لمدينة غزة.

كما اقتحمت قوات الاحتلال 14 مركزاً ثقافياً في الضفة الغربية بينهم مكتبتان تم مصادرة وتدمير محتوياتهما وإغلاقهما إضافة لاعتداءات على أكثر من 5 مؤسسات في مدينة القدس واقتحام وفض العديد من النشاطات والتجمعات الثقافية.

وواصلت سلطات الاحتلال حرمان الكتاب والمثقفين والفنانين الفلسطينيين من السفر وبالتالي عدم المشاركة في الفعاليات المتنوعة وعدم تمثيل فلسطين في المحافل الدولية، كما منعت العديد من الكتاب والفنانين والناشرين العرب من المشاركة في معرض فلسطين الدولي للكتاب الذي نظمته الوزارة في سبتمبر عام 2023. بجانب حرمان مئات الكتاب من غزة من المشاركة في فعاليات الوزارة في رام الله خاصة ملتقى الرواية ويوم الثقافة الوطنية ومعرض الكتاب.

وفي مدينة القدس يعاني المشهد الثقافي من محاولات التشويه والتحريف المستمرة للتاريخ والمواقع الأثرية ومحاربة الفعل الثقافي بكافة أشكاله، وفي سبيل ذلك ضاعفت سلطات الاحتلال من الميزانية المخصصة لعمليات الأسرلة تلك التي تمس الثقافة العربية في القدس إذ بلغت 284 مليون دولار.

ويشمل اهتمام الاحتلال في القدس تخصيص نحو 20 مليون شيكل لتطوير الحدائق والمجمعات الترفيهية، وتخصيص 32 مليون شيكل لوزارة القدس والتراث لإنشاء مباني عامة فيها.

ويشمل استهداف الاحتلال في المدينة ملاحقة المؤسسات الثقافية بالضرائب كضريبة الدخل والضريبة المفروضة على العقارات (ارنونا) والمراقبة على أعمالها بطرق مرهقة ومبالغ فيها هدفها عرقلة العمل الثقافي تتضمن طلب معلومات وصور لسنوات سابقة، وتهديدات بالإغلاق، ومنع كامل لكل ما يشير إلى دعم حكومي فلسطيني رسمي علني لمؤسسات القدس.

كما تعرضت مؤسسات القدس إلى محاولات تفكيكها وجعلها غير قادرة على الاستمرار وليس فقط محاربة الفعل الثقافي، ومنع وصول الأموال لهذه الجمعيات مثل منع وصول التمويل لجمعية الملتقى الشبابي التراثي المقدسي وإغلاق الحسابات البنكية مثلما حصل مع مسرح الحكواتي، وتعمل سلطات الاحتلال على وضع كل ما من شأنه إبقاء هذه الجمعيات غير فاعلة وإيقاف نشاطها بالكامل وذلك بطرق إدارية وقانونية خانقة.

وفي المقابل تقوم قوات الاحتلال في حي الشيخ جراح والمهدد بالمصادرة ببناء مدرج للاحتفالات وموقع لتنظيم مختلف العروض ومسرح، كما أنها لا تفرض أي من هذه الضرائب والقيود على الجمعيات الاسرائيلية في المدينة.

وفي السياق ذاته يواجه النظام التعليمي في القدس لمحاولات أسرلة المنهاج وتجريده من المفاهيم الوطنية والعربية بهدف محو الثقافة العربية ونشأة بيئة تعليمية يهودية إسرائيلية بكافة الطرق عبر التعديل على المنهاج ووضع معيقات لدخول الطلبة الفلسطينيين الجامعات العبرية وإضعاف التعليم العربي عموماً.

وقال التقرير الصادر عن الوزارة إنه في الوقت الذي تستمر الحرب المسعورة على غزة فإن المؤكد أن المتاحف والمواقع الأثرية تتعرض لعملية تدمير لمحتوياتها معربة عن قلقها من أن تتعرض اللقى الأثرية والتمثايل والجرار القديمة لعمليات سرقة على يد جنود الاحتلال أو بعض لصوص الآثار الذين قد يصاحبون الجيش في عملياته العدوانية.

وطالبت الوزارة منظمة اليونسكو والصليب الاحمر بتشكيل لجنة أممية للكشف عن هذه الآثار والمواقع المستكشفة والمتاحف، وقالت إن المساس بالآثار الفلسطينية والممتلكات الثقافية في فلسطين هو مساس بجزء هام من ذاكرة البشرية وعليه يجب أن يقف المجتمع الدولي وقفة حقيقية أمام مسؤولياته لحماية هذه الذاكرة.










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة