إرث ثقيل، هى الكلمة التى يمكن أن تصف ما ورثه العام الجديد 2024 من العام المنصرم 2023، إذ يبدأ العام الجديد، وسط حالة من التوتر فى ظل قضايا كثيرة مفتوحة وملتهبة فى بقاع مختلفة من العالم، جعلت العالم على صفيح ساخن.
ولا يمكن لأحد إنكار حقيقة أن العام المنصرم 2023، كان عام قاس وصعب على مستويات عديدة، ومر العالم خلاله بالعديد من الأزمات التى بدأ بعضها فى 2023 وستستمر معنا فى العام الجديد، فيما بدأ بعضها فى سنوات سابقة مثل جائحة كورونا التى اجتاحت العالم منذ أكثر من 3 سنوات، إلا أنها تأبى المغادرة، ومصرة على إكمال المسيرة بمتحورات جديدة.
ويرصد هذا التقرير عدد من الأزمات والحروب وغيرها التى تمثل عبء كبير وميراث ثقيل للبشرية فى مطلع العام الجديد، وهو ما يجعله عام ملئ بالتحديات والقضايا الملتهبة العالقة دون حلول جذرية تلوح فى الأفق حتى هذه اللحظة.
"غزة" فى مرمى نيران آلة الحرب الإسرائيلية الغاشمة
فى 7 أكتوبر 2023، بدأت كتائب القسام الجناح العسكرى لحركة حماس، مواجهات مع قوات الاحتلال الاسرائيلى، فيما عرف بـ"طوفان الأقصى"، ردًا على الانتهاكات الاسرائيلية المتواصلة لسكان قطاع غزة المحاصر منذ سنوات عديدة.
وكان الرد الاسرائيلى الغاشم على هذه التحركات الفلسطينية هو فتح النيران على المدنيين، والأطفال، وكبار السن، واستهدفت إسرائيل المنازل، وفجرتها فوق روؤس قاطنيها، وهى الأحداث التى أسفرت عن استشهاد الآلاف منذ بداية العدوان الإسرائيلى على القطاع، وأغلبهم من الأطفال والرضع، فى انتهاك كبير لكافة القواعد الإنسانية، حيث كشفت بعض الاحصائيات أن عدد الوفيات تخطى 20 ألف شهيد، وأكثر من 54 ألف مصاب.
وتجرى إسرائيل محاولات مستميتة لتهجير الفلسطنيين من أرضهم، ودفعهم باتجاه الجنوب، إلا أن موقف مصر القوى جاء رافضًا لمحاولات التهجير القسرى للفلسطينيين، ودعمهم للصمود على أرضهم.
فيما نظم الملايين من الأشخاص حول العالم، تظاهرات للدفاع عن حق الفلسطنيين فى الحياة، وضمان إقامة دولة لهم، ومطالبات مستمرة بوقف إطلاق النيران، إلا أن الوضع يظل على ما هو عليه، وتواصل إسرائيل ممارسات جرائمها بحق الفلسطينيين، عمومًا، والأطفال بشكل خاص.
السودان يقع فى فخ "الحرب الأهلية"
لم يكن السودان بحال أفضل حيث وقع فى فخ الحرب الأهلية، بعدما وقع الصدام بين قوات الدعم السريع بقيادة حميدتى، والقوات المسلحة السودانية بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان، وبدأت المواجهات العسكرية بين الطرفين، وكغيرها من الحروب التى تنشب داخل المدنن يدفع ثمنها دائمًا المدنيين الأبرياء.
وعلى الرغم من مرور شهور عديدة منذ اندلاع القتال الذى بدأ شهر إبريل الماضى، إلا أن الجهود الدولية لم تنجح فى إعادة الاستقرار للدولة، وهو ما دفع الملايين من المواطنين للنزوح للدول المجاورة هربًا من نيران الحرب.
وتبدأ السودان العام الجديد، بنفس الوضع، فيما تستمر العمليات العسكرية والقتال بين الجانبين، ويعانى المدنيين تحت وطأة القتال المستمر.
كوفيد 19 "الجائحة الأقسى فى الألفينيات"
ملف آخر عالق ومستمر معنا منذ سنوات، وهو جائحة فيروس كورونا "كوفيد 19"، التى اجتاحت العالم نهاية عام 2019، وأسفرت الجائحة عن ملايين الوفيات حول العالم، وكان تأثيرها الأكبر على كبار السن، وحصدت أرواح الملايين منهم فى وقت قليل، وهى الجائحة التى أجبرت الحكومات على اتخاذ اجراءات احترازية قاسية، وأغلقت الدول مطاراتها أمام السياح، وأُجبرت العديد من الأعمال على التصفية، فيما استمرت حالة الإغلاق لمدة شهور متواصلة.
وعلى الرغم من تمكن الأطباء والعلماء من ابتكار لقاحات لمواجهة فيروس كورونا، وتمكنت هذه اللقاحات من تخفيف حدة الأعراض، وبدأت فى ترويض الفيروس القاتل، وبدأت الحياة تعود تدريجيا لطبيعتها بعد اكتساب مناعة جماعية، وانتشار اللقاحات فى كل دول العالم.
إلا أن فيروس كورونا مازال موجود معنا، ويمكن القول أن الفيروس أصبح أقل حدة فى متحوراته الجديدة، إلا أنه مازال سريع الانتشار، وقادر على إصابة الكثيرين فى وقت قصير، وفيما يواصل الأطباء طمأنة المصابين به، أن الفيروس فى أضعف حالاته، وأن تحوراته بالضرورة تجعله أضعف، لكنه يستمر معنا فى عام 2024، فى موسم الأمراض التنفسية فى فصل الشتاء وإن كان أقل حدة.
"روسيا وأوكرانيا" طبول الحرب تواصل القرع فى قلب القارة العجوز
فى فبراير 2022، بدأت روسيا تحركات عسكرية موسعة فى الأراضى الأوكرانية، ردًا على محاولات أوكرانيا الانضمام لحلف الناتو، والذى اعتبره فلاديمير بوتين الرئيس الروسى، تهديدًا لأمن بلاده، فبعد اعتراف روسيا، بجمهوريتى "دونتيسك ولوجانسك" الشعبيتين، أمر بوتين بتحريك القوات الروسية إلى دونباس، ووصف التحرك وقتها بأنه "مهمة لحفظ السلام".
وفى 23 فبراير، أعلنت أوكرانيا حالة الطوارئ على مستوى البلاد، باستثناء الأراضى المحتلّة فى دونباس، وبدأت روسيا فى نفس اليومِ إخلاء سفارتها فى كييف وأنزلت أيضًا العلم الروسى من أعلى المبنى، وتعرَّضت مواقع البرلمان والحكومة الأوكرانيين، إلى جانب المواقع المصرفية، للقصف، وفى الساعات الأولى من يوم 24 فبراير، ألقى زيلينسكى الرئيس الأوكرانى خطابًا متلفزًا وُصف بالعاطفى حيثُ خاطب فيه مواطنى روسيا باللّغة الروسية وناشدهم لمنع الحرب.
وأثرت الحرب الروسية الأوكرانية والمستمرة لهذه اللحظة، على سلاسل الإمداد فى العالم أجمعه، كما أضرت بتجارة الحبوب حول العالم، إذ تعتبر روسيا وأوكرانيا، من أكبر مصدرى القمح فى العالم، وهو ما نتج عنه ارتفاع كبير فى أسعار القمح حول العالم.
وعلى الرغم من أن الحرب قاربت على إكمال عامها الثانى، إلا أن كافة الجهود الدولية فى إنهاء الصراع فشلت بشكل كبير، ومازالت الحرب تقرع طبولها فى قلب القارة العجوز.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة