قال الفنان إيهاب زاهدة وهو مخرج وممثل مسرحي فلسطيني أن المسرح الفلسطيني استطاع ان يحجز لنفسه مكاناً على خريطة العمل الفني المسرحي العربي والعالمي رغم ما اكتنفه من صعوبات ومضايقات، وأضاف خلال ورقة عمل قدمها لمهرجان المسرح العربي ببغداد عن المجايلة المسرحية وأثرها على الفنان المسرحيّ قائلا : تقف المجايلة لتشكل مفهوماً في التفاعل والتبادل الثقافي والاجتماعي والتواصل الذي يحدث بين الأشخاص من أجيال مختلفة، لدرجة أنها باتت تعتبر جزءًا أساسيًا من التطور الاجتماعي والثقافي للمجتمعات، ويتعدى ذلك لتشمل تبادلاً في الخبرات والمعرفة والقيم والثقافة بين الأجيال المختلفة؛ بحيث يمكن لكل جيل أن يستفيد من تجارب الأجيال السابقة ويستثمرها في مساعدتهم على مواجهة التحديات الحالية وبناء مستقبل أفضل، الأمر الذي يؤدي إلى تعزيز الاحترام والتفاهم فيما بينهم، علاوةً على أنها تسهم في تعزيز التعاون والتكامل بين الأجيال وتعمل على تقوية هوية المجتمع بأكمله.
وأوضح زاهدة قائلا : عن تجربتي الشخصية هناك مسارات تركت بصمة في حياتي المهنية منها مرحلة التعلم والتلقي في التجربة المسرحية؛ من خلال برنامج التدريب الخاص في معهد يوم المسرح الهولندي الفلسطيني بالشراكة مع وزارة الثقافة الفلسطينية، وقد أشرف على هذه المرحلة الأستاذ يان وليمز المخرج الهولندي الذي تلقيت على يده ومن خلاله الكثير من المعرفة ويعود الفضل بالمخزون المعرفي والمهني الصلب له، فهو من علمني أبجديات العمل المسرحي بداية من التمثيل وصولاً الى الاخراج لفترة دامت 11 عاماً، تنقلت فيها بالكثير من المحطات الهامة للانطلاق والإبحار في هذا العالم الواسع لتقديم تجربتي الخاصة.
وأضاف أيضا : كما أنه في بداياتي ألهمتني مشاهدة أعمال مسرحية إبداعية ومتميزة عملت على زيادة اهتمامي وشغفي بهذا المجال منها: مسرحية "حب في الخريف" عام 1998 للمخرج التونسي عزالدين قنون التي شاهدتها ضمن مهرجان أيام عمان المسرحية الذي شاركت فيه كممثل متدرب بمسرحية "المقهى الزجاجي" لسعد الله ونوس، ومسرحية "منطق الطير" للمخرج فرانسوا أبوسالم، ومسرحية "المهاجر" للمخرج المغربي محمد خُميس التي أعدها جورج ابراهيم عن مسرحية مهاجر بريسبان، ومسرحية "ترنيمة الكرسي الهزاز" للمخرج العراقي عوني كرومي، في المسرح الوطني الفلسطيني في القدس، ومسرحية "الشيء" للمخرج الفلسطيني يعقوب إسماعيل"، ومسرحية "هبوط اضطراري" تأليف سلمان ناطور وإخراج الفلسطيني مازن غطاس، ومسرحية "الزير سالم" للمخرج محمد خميس، ومسرحية "باب الشمس" عام2000 للمخرج المغربي نجيب غلال وغيرهم، ومن خلال مشاهدتي لأعمال هؤلاء المخرجين الكبار، استوعبت أساليبهم الفنية المبتكرة وتجاربهم الإبداعية.
وأشار زاهدة : انتقلت وبشكل لافت لعالم الإخراج على يد المخرجة الهولندية إليزابيث كولتوف، التي تتلمذت على يديها للانطلاق في عالم الإخراج المسرحي، وفي مرحلة متقدمة؛ كانت لي الفرصة بأن انخرط في دراسة تكميلية في بولندا بإشراف الدكتور ادم رزولسكي من جامعة جيدانسك، ومن الشخصيات التي كان لها أثر مهم في حياتي السيدة زينب فرحات من تونس، فقد جمعتني الصدفة بها إبّان عرض مسرحية "بانتظار جودو" لصومئيل بيكت، وهو العمل الذي يمثل باكورة تأسيس مسرح نعم مطلع عام 2008.
وأكد أيضا بان المشاركة في المهرجانات المسرحية أمراً هاماً للمسرحي، فهي تعزز خبراته المسرحية، وتوسع شبكة علاقاته، وتعرضه لجمهور متنوع، وتقدّم له الاعتراف والتقدير لتجربته
وهذا ما عايشته أثناء تواجدي في مهرجان المسرح العربي في دورته السادسة في الشارقة بعد أن تلقيت الدعوة من الأستاذ إسماعيل عبد الله الأمين العام للهيئة العربية للمسرح إثر لقائي به والأستاذ غنام غنام في قرطاج، وأثناء حضوري للمهرجان ومشاهدتي معظم ما قدم من الأعمال الفنية وقياسي للذوق الفني الجمعي خُلِقَ لدي حافز وأُثيرت رغبتي في أن أقوم بعمل مسرحي جديد أستطيع من خلاله استكمال الخطى باتجاه مسيرة التواجد في المحافل الدولية.
وأشار زاهدة لمؤشرات التأثير، ومنها تأسيس مسرح "نعم في عام 2008، برفقة الفنانين محمد الطيطي ورائد الشيوخي، وهو المسرح الأول والوحيد في محافظة الخليل، وقد تم تأسيس المسرح اندفاعاً مع زملائي بالمخزون العلمي والمعرفي بعد رحلة طويلة وصعبة، ولإيماني العميق بأهمية استكمال العمل في المدينة، وضرورة وجود بنية مسرحية تفتح فضاءً إبداعياً، حيث لم تكن فيها أية بادرة مسرحية من قبل، إلا اللهم مبادرات فردية كتجارب متقطعة لمجموعة أفراد، في فترة السبعينيات، لم ترَ النور في حينها، وكانت تجاربهم وثقافتهم المسرحية منحصرة ومستوحاة من الأعمال المسرحية المتلفزة في حينه.
وأكد أيضا أن المجايلة من بديهيات العمل الفني، فالفنان لا يمكنه أن يتخلى عن إرثه الفني وما هو إلا حلقة في سلسلة مجتمعه، ولكن عليه ألاّ يركن إلى ماضيه الفني فحسب، بل يسعى نحو الزيادة عليه بالخبرة والكفاءة والعمل الجاد، وألا يكون مستنسخاً أو مقلداً في طرحه وأسلوبه، لذلك أعتقد أن هذا التواصل المستمر مع الزملاء والمسرحيين الآخرين هو جزء ضروري من ابتكاري وتطوري المستمر في المسرح. وأدرك أنه لا يمكنني أن أنجز أو أكمل كل ما أتطلع إليه بمفردي. لذلك، فإن التفاعل مع الآخرين واستيعاب ما قدموه من تجارب ومعرفة في المسرح يمكن أن يساعد على النمو والتطور في عملي المسرحي.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة