فى الوقت الذى حاولت فيه إسرائيل التنصل من جريمة الإبادة الجماعية للشعب الفلسطينى، وروج الوفد الممثل لكيان الاحتلال الإسرائيلى أمام محكمة العدل الدولية، للعديد من الإدعاءات والأكاذيب، ولعل أبرزها أن مصر هى المسئولة عن منع دخول المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى قطاع غزة من الجانب المصرى لمعبر رفح، ترقب الجميع رد القيادة السياسية على هذه الادعاءات على مدار الأسبوع الماضى إلا أنها ترفعت عن الرد بالقول وتركت المواقف تكشف حقيقة ادعاءاتهم، ولعل أبرزها خلال الأيام القليلة الماضية هو جهود الدولة فى دخول الصحفى الفلسطينى وائل الدحدوح إلى مصر من معبر رفح لتلقى العلاج فى قطر.
وأمام كل هذه المهاترات المعتادة من قبل الكيان الصهيونى، ومحاولات استفزاز القيادة السياسية منذ بداية الحرب على غزة فى السابع من أكتوبر الماضى، تستمر الدولة على موقفها الثابت فيما يخص القضية الفلسطينية منذ اللحظة الأولى للحرب، ودعمها الكامل لأهل غزة بتقديم المساعدات الإنسانية واستقبال المصابين من معبر رفح لتقديم الرعاية الصحية اللازمة لهم، تزامنا مع مساعى الدولة فى نزع فتيل الوضع المتأزم بوقف إطلاق النار فى غزة، وهنا يتصدر المشهد مقولة "الرجال أفعال وليس أقوال".
ويأتى ذلك بالتزامن مع العمل على قدم وساق لاستكمال مخططاتها التنموية المستمرة، ولعل ما يأتى على رأس أولويات القيادة المصرية والحكومة حاليا فى إطار التنمية هو ما تشهده سيناء من خطة تنموية وتضع القيادة السياسية لتنمية سيناء مبالغ ضخمة فى الموازنة العامة لتعميرها وجذب المستثمرين.
وحرصت الحكومة خلال خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية لعام 23/24 التى بدأ تطبيقها منذ أول يوليو على إحداث طفرة فى محافظات بعينها لم تكن تحظى فيما سبق بالقدر الملائم من العناية، لتعظيم الاستفادة مما تزخر به من خيرات وثروات وإمكانيات تنموية وذلك من خلال الاستثمارات المخصصة لها فى خطتها.
وجاءت خطوات الرئيس عبد الفتاح السيسى والحكومة المصرية خلال الأيام الماضية ثابتة على موقفها فى دعم القضية الفلسطينية المستمر تاركة خلفها محاولات الكيان الصهيونى إتهام مصر بالتقصير فى دخول المساعدات على غزة، حيث أن تضامن القيادة المصرية مع القضية الفلسطينية واضح وثابت منذ اللحظة الأولى ولا يحتاج للحديث عن الدور التاريخى الذى تلعبه مصر فى دعم أهل فلسطين ورفض التهجير القسرى وسعيها المتواصل لوقف إطلاق النار، وكأنها لم تسمع ادعاءاتهم الخائبة وكأن القيادة متوقعة هذا الأمر مثلما أكدت من خلال موقفها الأول من الحرب على غزة أنها تقرأ الصورة كاملة ولها نظرة بعيدة للمشهد.
فقد خرج الرئيس عبد الفتاح السيسى فى بداية الحرب على غزة معلنا ثلاث "لاءات" خلال "قمة مصر للسلام 2023" حيث قال الرئيس السيسي: "جميع الأعمال المنافية للقانون الدولى.. لتهجير القسرى غير مقبولة ولا يمكن تبريرها بالدفاع عن النفس ولا بأية دعاوى أخرى وينبغى وقفها على الفور".
كما جاء فى كلمة الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، أن "دعوات التهجير القسرى تمثل جريمة دولية ومخالفة صريحة للقانون الدولى والإنسانى"، وأكد ولى العهد السعودى الأمير محمد بن سلمان رفض المملكة القاطع للحصار والتهجير.
"الـ لا الثانية" كانت "لا لسياسة العقاب الجماعى واستهداف المدنيين" حيث شدد الرئيس السيسى على رفض سياسات العقاب الجماعى لأهالى غزة.
"الـ لا الثالثة" تمثلت فى رفض أى شروط قد يضعها الاحتلال لوقف إطلاق النار، وما زالت القيادة المصرية متمسكة بموقفها حتى اليوم، وتكثف جهودها واتصالاتها لوقف إطلاق النار والمجازر المتواصلة فى غزة.
ومن ناحية أخرى جاء حجم المساعدات المقدمة من المجتمع المدنى المصرى تجاوز الـ1000 قاطرة محملة بحوالى 13 ألف طن منوعة ما بين المواد الغذائية والمستلزمات الطبية والأدوية والملابس والخيام وغيرها منذ بداية الحرب وحتى وقتنا هذا وما زال مد أهالى فلسطين بالمساعدات مستمر.
البرديسي: مصر أقوالها تتطابق مع الأفعال والممارسات وأكبر من الرد على مهاترات الصهاينة
وفى هذا السياق أكد دكتور طارق البرديسى خبير العلاقات الدولية، أن مصر ترد على ادعاءات الكيان الصهيونى أمام محكمة العدل الدولية بمواقفها الثابتة والواضحة، فمصر دولة ملتزمة إلتزام تاريخى وحضارى وقانونى وسياسيى، ملتزمة بكل تعاهداتها ولم تضبط ولو مرة واحدة متجاوزة أو غير مطبقة لنص قانونى أو مبدأ من مبادئ التنظيم الدولى أو لأى مضمون من الاتفاقيات الدولية بشكل عام.
وأضاف "البرديسي" فى تصريح خاص لـ "اليوم السابع" أن مصر أكبر بكثير من أن ترد على مثل هذه المهاترات والإدعاءات، واتضح بما لا يدعو مجال للشك أمام العالم مدى التدليس والكذب الإسرائيلى وأنهم يمتهنون ذلك الكذب والتزييف لكن مصر واضحة وبالفعل أقوالها تتطابق مع الأفعال والممارسات فى كل السلوك المصرى وفى كل المسارات وعلى كافة المستويات.
أستاذ قانون دولي: مصر ترد على أكاذيب الصهاينة بحزم ولن يفلتوا من العقاب هذه المرة
ومن جانبه قال الدكتور محمد محمود مهران أستاذ القانون الدولى لـ"اليوم السابع"، إن محاولات إسرائيل توجيه الاتهامات لمصر التى شهدناها أمام محكمة العدل الدولية ما هى إلا محاولات يائسة ومضحكة لن تجديها نفعًا أو تنقذها من ارتكاب جرائمها الدولية.
وأضاف أن المحكمة ستقيّم الوقائع والأدلة الماثلة أمامها بحيادية وموضوعية، مشيرًا إلى أن ما قدمته جنوب إفريقيا من مستندات وأدلة ستجعل من الصعب على إسرائيل إنكار جرائمها أو التملص من المحاسبة والعقاب.
وأوضح "مهران" أن مصر ردت بحزم على محاولات إسرائيل إسقاط التهمة وتوجيه اتهامات كيدية لها، مؤكدةً أنها تتبنى موقفًا ثابتًا داعمًا للشعب الفلسطينى وناقدًا بشدة لسياسات الاحتلال العنصرية، وأكدت مصر على أنه سترد رسميا على تلك الأكاذيب أمام المحكمة لتؤكد انتهاكات إسرائيل باستمرار للقانون الدولى دون عقاب، مشيرًا إلى جهود مصر الحثيثة على الصعيدين السياسى والإنسانى تجاه القضية الفلسطينية، مضيفا: هنا تأتى مقولة "الرجال أفعال وليس كلام" فالصهاينة اعتادوا الكلام للتملص من جرائمهم، ومصر اعتادت على المواقف التاريخية.
وطالب مهران المجتمع الدولى بعدم الانجرار وراء محاولات التشويش الإسرائيلية، والوقوف صفًا واحدًا لإدانة جرائم الاحتلال وإنهاء حالة الإفلات من العقاب التى طال أمدها.