بدوره، قال الخبير فى القانون الدولى الدكتور سعد جبار، إن قرار محكمة العدل الدولية فى دعوى جنوب أفريقيا ضد إسرائيل بتهمة الإبادة الجماعية فى قطاع غزة، يشكل إحراجا دوليا لحلفاء تل أبيب، مضيفا أنه حظى بإجماع كبير.
وقال جبار - خلال مداخلة مع إحدى وسائل الإعلام - إن قرار المحكمة الدولية فى لاهاى جسّد الضمير الجماعى الدولى لكل القضاة من مختلف المناطق الجغرافية، "وهو ما يعكس الضمير المهنى والاستقلالية والشجاعة".
وأضاف أن "القرار بمثابة قنبلة نووية ضد كل من يقف إلى جانب إسرائيل ورئيس وزرائها بنيامين نتنياهو، ويشكل إحراجا لواشنطن وحلفاء تل أبيب على الصعيد الدولي".
غزة
وشدد على أن القرار وضع إسرائيل بقفص الاتهام، مؤكدا أنه قرار نهائى وملزم بالنسبة لتل أبيب، ويبقى تنفيذه من عدمه أمرا آخر، قبل أن يستدرك بالقول إن إسرائيل لا يمكنها التذرع بعد الآن بأنها دولة قانون وديمقراطية إن خرقت قرار المحكمة".
وأشار إلى أنه لم يكن أحد يتوقع أن تتجرأ المحكمة لإصدار قرار ينص على وقف الأعمال التى تقتل المدنيين، التى قال إنها تشمل الأعمال العدائية والعسكرية، مبينا أنه كان متوقعا إصدار قرار حول ما يسمى حماية حقوق المدنيين، وهو ما يعنى أن المحكمة ذهبت لأقصى المطالب.
وحول إجماع قضاة المحكمة، بيّن الخبير القانوني، أن ذلك يعنى بوضوح أن المحكمة لم تسيس قرارها وحكمت بضميرها المهني، وتجاوبت مع مأساة الغزيين، وكذلك مع مطالب الشعوب الحرة.
وأضاف أن المحكمة أدركت الخطورة القصوى لما يجرى فى غزة، مجددا حديثه أن دعوة المحكمة لإسرائيل لوقف هذه الأعمال يقصد منها الأعمال العسكرية، وأكد أن السند القانونى للمحكمة كان دقيقا ومستقلا وموضوعيا.
ولفت إلى أن جنوب أفريقيا انتصرت لصالح الفلسطينيين، وحصلت على كل ما تريده، مؤكدا أن ما طلبته الدولة الأفريقية يعد مطلبا إنسانيا.
غزة
أما فريق الدفاع الإسرائيلى -وفق جبار- فقد دفع بقوة باتجاه عدم اختصاص المحكمة وعدم توفر شروط الإبادة الجماعية فى غزة، واعتمد فى مرافعته على ضرورة ألا تصدر المحكمة أى تدابير عاجلة؛ وهو ما لم يحدث.
ونبّه إلى أن إسرائيل تعودت على التصرف بأنها دولة فوق القانون وبدون عقاب، ثم "أتى قرار المحكمة الدولية ليقلب الطاولة رأسا على عقب".
من ناحية أخرى، أكد رئيس المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان رامي عبده أن قرار العدل الدولية يعطي بارقة أمل للشعب الفلسطيني في ظل الوضع الإنساني المأساوي والمعاناة الراهنة في قطاع غزة.
وقال عبده ـ في مقابلة خاصة مع قناة (القاهرة) الإخبارية اليوم (الجمعة) ـ إن قرار المحكمة لصالح الشعب الفلسطيني والذي يتمثل في وقف العدوان نصرة لمنظومة العدل الدولية حول العالم أجمع.
غزة
وردا على سؤال حول مدى إمكانية التزام إسرائيل بقرارات العدل الدولية ووقف العدوان على غزة، قال :"إن إسرائيل تمتلك القدرة على وقف العدوان، ولكن ما يحدث حاليا في غزة هو جنون، بسبب الغطاء الأوروبي والأمريكي والغربي لها"، موضحا : "إذا لم تمتثل إسرائيل لقرارات محكمة العدل الدولية، فعليها أن تتحمل غضب شعوب العالم أجمع".
ودعا رئيس المرصد الأورومتوسطي جميع الدول المنضوية تحت إطار الأمم المتحدة إلى ضرورة إلزام إسرائيل بتنفيذ كافة قرارات محكمة العدل الدولية بما يفرض على الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوروبية وقف الدعم الكامل المقدم للاحتلال، كما يجب إتخاذ كافة الإجراءات التي من شأنها أن تنهي بشكل كامل العدوان على قطاع غزة.
وأشار المسؤول الحقوقي إلى استعانة فريق العدل الدولية بالتقارير الصادرة من المرصد الأورومتوسطي حول الجرائم الإسرائيلية التي ترتكب بشكل يومي بحق الشعب الفلسطيني، مؤكدا أن إسرائيل ترتكب جرائم وانتهاكات غير مسبوقة في تاريخ الصراعات.
بدوره، رحب المتحدث باسم حركة فتح الدكتور حسين حمايل، بقرار محكمة العدل الدولية الذى يؤكد أن القانون الدولى والقانون الدولى الإنسانى سيكون هو سيد الموقف وما سيتم العمل به لاحقا لمقاضاة هذا الاحتلال وإيقاف هذه الحرب على غزة.
وقال الدكتور حمايل - فى مداخلة لقناة (العربية) الإخبارية - "نقول كشعب فلسطينى أن هذا القرار التاريخى هو سند لمن يريد أن يقف مع القضية الفلسطينية وداعم آخر لكل من يريد أن يدعم الشعب الفلسطينى فى إيقاف تلك الحرب وتلك الجرائم".
العدل الدولية
وأضاف أن قرار المحكمة اليوم يضع المجتمع الدولى والقوة الدولية كافة على المحك، هل سيكون هناك تنفيذا لهذا القرار أم أن إسرائيل ستمعن فى جرائمها وفى مخالفتها للقانون الدولى ومخالفتها لسلطة المحكمة كأعلى سلطة قضائية فى العالم.
وأشار إلى أنه بالنسبة لنا كفلسطينيين نعتبر هذا القرار تاريخى ومهم وسيتم البناء عليه لاحقا، منوها بأن قرار المحكمة جاء بالتصويت وبأغلبية ساحقة ضد دولة الاحتلال وينصف الشعب الفلسطينى ، معربا عن شكره لكل من وقف مع الشعب الفلسطينى فى هذا القرار.
وأكد أن الشعب الفلسطينى صامد وثابت على أرضه ولولا هذا الثبات والصمود لما كان هناك الكثير من المواقف التى حدثت ، مثمنا ما قامت به القيادة الفلسطينية من اتصال مع دول العالم لتغيير الموقف الذى كان صدر عن كثير من دول العالم سابقا ، مشددا على ضرورة الضغط على دولة الاحتلال لاحترام القانون الدولى وتنفيذ آليات هذا القرار.
يذكرأن، رفضت محكمة العدل الدولية طلب إسرائيل بإلغاء الدعوى القضائية التى رفعتها دولة جنوب أفريقيا ضد إسرائيل بشأن الإبادة الجماعية للشعب الفلسطينى.
وبدأت محكمة العدل الدولية قراءة الحكم الخاص بإجراءات الطوارئ فى قضية الإبادة الجماعية ضد إسرائيل، بتسليط الضوء على الوضع الإنسانى فى غزة، واستشهدت رئيسة محكمة العدل الدولية، جوان إي دونوجو، عن الوضع الإنسانى في غزة، بتصريح لمنسق الإغاثة الطارئة التابع للأمم المتحدة، مارتن جريفيث، عندما قال إنّ "غزة أصبحت مكانا للموت واليأس".
وقالت رئيسة المحكمة، إن 1.7 مليون شخص نزحوا في غزة وأصبح القطاع "غير صالح للحياة"، بيد أنّها أشارت إلى أنه لا يمكن التحقق من أعداد الضحايا من جانب غزة بشكل مستقل، وأضافت أن 1.4 مليون شخص هم الآن في ملاجئ تابعة للأمم المتحدة، ويفتقرون إلى كل شيء.
وأضافت القاضية جوان دونوجو - خلال جلسة المحكمة المنعقدة اليوم الجمعة، فى لاهاى - إن المحكمة ترى أنها لا تستطيع الاستجابة لطلب إسرائيل بحذف القضية من القائمة العامة.. مضيفة "أنه من أجل الحصول على أي إجراءات مؤقتة، لا تحتاج جنوب أفريقيا إلى إثبات وقوع إبادة جماعية".
وأوضحت أن الفلسطينيين كشعب يستوفون المعايير اللازمة التي يجب أخذها في الاعتبار بموجب المادة 2 من اتفاقية منع "الإبادة الجماعية".. مضيفة "لدينا صلاحية للحكم ضد إسرائيل بإجراءات طارئة في قضية (الإبادة الجماعية)، وعلى كل الدول الأعضاء الالتزام بحكم المحكمة".
وأعربت القاضية جوان دونوجو عن أسفها إزاء استمرار الخسائر في أرواح المدنيين في قطاع غزة.
وقالت القاضية جوان دونوجو - خلال جلسة المحكمة المنعقدة اليوم الجمعة، فى لاهاى، إن محكمة العدل الدولية مختصة في النزاع بين جنوب أفريقيا وإسرائيل، بشأن ما إذا كانت تصرفات إسرائيل في غزة يمكن أن ترقى إلى مستوى الإبادة الجماعية.
وأضافت: "من وجهة نظر المحكمة، يبدو أن بعض الأفعال والتقصيرات التي قالت جنوب أفريقيا إن إسرائيل ارتكبتها في غزة، يمكن أن تندرج ضمن أحكام اتفاقية منع الإبادة الجماعية"، مؤكدة أن المحكمة رفضت طلب إسرائيل بسحب القضية.
وأوضحت القاضية جون دونوجو، أن المحكمة قررت أنه يجب على إسرائيل "اتخاذ جميع التدابير في حدود سلطتها" لمنع جميع الأعمال التي تدخل في نطاق اتفاقية منع الإبادة الجماعية.
كما قالت القاضية، إن المحكمة تعترف بحق الفلسطينيين في غزة في الحماية من أعمال الإبادة الجماعية، ويجب على إسرائيل أن تضمن "بأثر فوري" عدم قيام قواتها بارتكاب أي من الأفعال المنصوص عليها في اتفاقية منع الإبادة الجماعية.
وتطرقت القاضية جوان دونوجو - خلال الجلسة المنعقدة في محكمة العدل الدولية اليوم الجمعة، في لاهاي - إلى الوضع الإنساني في غزة، قائلة إن الوضع كارثي ومعرض لـ"خطر كبير" والمزيد من التدهور، لافتة إلى أن إلحاق الأذى المتعمد بالمدنيين قد ترقى إلى مستوى جريمة جنائية.
وذكرت القاضية الأمريكية وهي واحدة ضمن 17 قاضيا وافق منهم 15 على مجموعة تدابير يجب على إسرائيل الالتزام بها، أن المحكمة تشعر أنه من الضروري لها "الإشارة إلى تدابير معينة" من أجل حماية الحقوق التي تطالب بها جنوب أفريقيا، لافتة إلى أهمية وقف العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة وجميع الأنشطة التي تتسبب في القتل والدمار والتحريض وعرقلة المساعدات.
وكانت جنوب أفريقيا قد رفعت دعوى ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية، بتهمة ارتكاب إبادة جماعية ضد الفلسطينيين في غزة، وأنها فشلت في منع الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، وأن في ذلك انتهاك لالتزاماتها بموجب اتفاقية الإبادة الجماعية.