حكايات زينب.. حوارات مشايخ زمان فى المجلات الفنية منذ ٧٠ سنة.. عندما أخرج الشيخ الباقورى مشهدا رومانسيا وقال: أمثل وقريبا أؤلف فيلما..ووزير الأوقاف خطط لإنشاء سينما ومسرح ملحقين بكل مسجد ووافق على تجسيد الصحابة

السبت، 27 يناير 2024 03:14 م
حكايات زينب.. حوارات مشايخ زمان فى المجلات الفنية منذ ٧٠ سنة.. عندما أخرج الشيخ الباقورى مشهدا رومانسيا وقال: أمثل وقريبا أؤلف فيلما..ووزير الأوقاف خطط لإنشاء سينما ومسرح ملحقين بكل مسجد ووافق على تجسيد الصحابة حكايات زينب
ترويها زينب عبداللاه

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

- حوارات مشايخ زمان فى المجلات الفنية منذ 70 سنة

- الشيخ حسن مأمون مفتى الديار المصرية: السينما عمل نافع وليست مفسدة للأخلاق.. ولقاء الفن والدين جمع نعيمة عاكف وكبار النجوم والعلماء

 
 
يظن البعض أن هناك تعارضا بين الفن والدين ومقاطعة بين المشايخ والفنون، وأن رجال الدين يرون الفن حراما ولا يتفق مع صحيح الدين، بينما على مر العصور كانت العلاقة ممتدة بين رجال الدين وأهل الفن، وتكونت بينهم العديد من الصداقات والعلاقات، ودارت بينهم العديد من الحوارات والنقاشات، بل كان عدد من رجال الدين محبين للفنون والموسيقى والغناء والسينما، ولذلك كانت صفحات المجلات الفنية الصادرة فى الزمن الجميل تزخر بحوارات ولقاءات مع المشايخ وعلماء الدين، يتحدثون فيها عن القضايا الفنية ويقيمون الأعمال الفنية والسينمائية، أو تجمع هذه اللقاءات بين نجوم الفن والغناء مع المشايخ، وتدور خلالها نقاشات جادة وعميقة عن الفنون، وما يجب أن تكون عليه وعن دورها التنويرى فى حياة البشر.
 
وفى السطور التالية نستعرض عددا من حوارات وآراء المشايخ ورجال الدين، التى نشرت فى المجلات الفنية منذ ما يقرب من 70 عاما، وما دار بينهم وبين نجوم الفن من مناقشات ولقاءات. 

السينما عمل نافع وليست مفسدة

ففى عدد نادر من مجلة الكواكب صدر فى إبريل عام 1957، أجرت المجلة حوارا مع مفتى الديار المصرية، الشيخ حسن مأمون، تحدث خلاله عن آرائه فى السينما، ونشر الحوار تحت عنوان: «مفتى الديار المصرية يبدى آراء صريحة فى السينما».
 
وخلال الحوار قال الشيخ مأمون: «ليس صحيحا أن السينما مفسدة للأخلاق، بل إنها عمل نافع، ولا تقل أهميتها عن الإذاعة، وأنا أقصد السينما بمعناها الحقيقى وليس كما نراها الآن».
 
وتابع مفتى الديار موضحا ومنتقدا بعض ما يعرض فى السينما وقتها: «أعنى أن السينما ابتعدت عن هدفها، وأصبحت لا تطرق إلا الموضوعات المثيرة التى تؤثر فى الشباب وتحيد بهم عن الطريق السوى».
 
وحين عارضه محرر الكواكب قائلا:  «إن هناك رقابة تمنع عرض المسىء منها، وتحرص على أن يكون للفيلم هدف»، أجاب الشيخ مأمون:  «يجب أن نضع الشعب كله نصب أعيننا، فنحن نضع القوانين للمجموعة، وتتألف حياة الإنسان من عدة عوامل، البيت والمدرسة والأصدقاء، وعلينا أن نجتهد فى أن تكون منابع هذه العوامل كلها طيبة، ولنضرب لهذا مثلا، الشباب الذين يؤلفون عصابات للسطو والنشل هل فى مدارسهم عصابات؟ لا بد أنهم شاهدوا ذلك فى الأفلام وكل فيلم فيه مناظر».
 
وتابع: «إننا نريد أن نضفى على شبابنا ثوبا من الحياء والعفة فكيف وهم يرون هذه المناظر المبتذلة، وقد سررت لأنهم وضعوا قانونا يحدد سن السادسة عشر ويمنع من دونها من مشاهدة أفلام معينة»، مؤكدا أن المنع وحده لا يكفى، ويجب أن تكون الأفلام فى ذاتها نافعة، كالأفلام التاريخية، مشددا على ضرورة أن تبعد الشباب عن الجريمة والشر.
 
وسأل المحرر مفتى الديار المصرية: هل يوافق على تجسيد الشخصيات الدينية كشخصية النبى صلى الله عليه وسلم والصحابة؟ فأجاب بالنفى، وقال:  «إن لهذه الشخصيات احتراما خاصا فى نفوس المؤمنين، والممثل الذى يؤدى أدوارها لا يمكن أن يكون لديه القدرة على إظهار الروعة والصورة الحقيقية لهذه الشخصيات مهما أتقن دوره، والذين يطالعون هذه الشخصيات تكون لها فى نفوسهم صورة جميلة مشرفة، فإذا شاهد شخصياتها على الشاشة ضعفت نظراته لها».
 

وزير الأوقاف يخرج مشهدا رومانسيا

كان الشيخ أحمد حسن الباقورى، الذى تولى منصب وزير الأوقاف فى أول وزارة بعد ثورة يوليو 1952، من أكثر علماء الدين استنارة وتواصلا مع أهل الفن، وكانت له حوارات عديدة فى المجلات الفنية كما جمعته نقاشات كثيرة مع نجوم الفن. 
 
وعلى الرغم من أن الشيخ الباقورى شن هجوما فى الحوار الذى أجراه من مكتبه بوزارة الأوقاف مع مجلة الكواكب، يونيو عام 1954، على الأفلام السينمائية المعروضة وقتها، حيث نشر الحوار تحت عنوان: «أنا ضد السينما ومقدر لأمينة رزق»، فإنه أكد خلال الحوار أنه إذا ذهب للسينما يفضل مشاهدة الأفلام الأجنبية، منتقدا صناعة السينما فى مصر، مؤكدا أنها ليست أداة للترفيه ولكنها أخطر أداة للتوجيه والإرشاد والإصلاح، وشدد خلال الحوار، الذى أجراه الكاتب الصحفى لطفى رضوان، على رفضه للرقص والقبلات وكل ما يثير الشباب، وحين سأله رضوان بماذا نستبدل القبلات فى المشاهد الفنية على الشاشة، أجاب «الباقورى» قائلا:  «إن تصوير الحب بين البطلين دون تقبيل يكون له الوقع الأشد والأحسن بلا شك، ليقترب البطلان وينظر كل منهما للآخر النظرة النابعة من فيض العاطفة الشريف المتأججة، وليصور المصورون هذه النظرات وليترجموا هذه العواطف، وثق أن المتفرجين سيشعرون بالروعة وقوة الأداء أضعاف إحساسهم بهذه القبلات النارية التى تلهب الغريزة وتسىء إلى السمعة».
 
ورفض وزير الأوقاف وقتها تجسيد الشخصيات الإسلامية على الشاشة، ورفض أيضا منع الأطفال من مشاهدة السينما، ولكن طالب بتحديد أعمار المشاهدين، وأن تقسم الأفلام بحسب الفئات العمرية المناسبة لكل فيلم، مؤكدا أن للسينما دورا مهما كأداة إصلاح وتهذيب ودراسة وعلم.
 
وبسؤاله عن أحسن ممثلة مصرية من وجهة نظره، أجاب وزير الأوقاف بأنه من المعجبين بالفنانة أمينة رزق، وبالفنانة إحسان الجزايرلى الشهيرة بشخصية أم أحمد.

«الباقوى» ومشروع السينما الملحقة بالمسجد

وبعد عامين من هذا الحوار، نشرت مجلة الكواكب فى مارس 1956 حوارا ثانيا مع الشيخ الباقورى، تحدث فيه بشكل مستفيض عن السينما والفن، وكان أكثر انفتاحا وتحررا، وكان الحوار تحت عنوان: «الباقورى يقول: أنا أمثل فى كثير من الأوقات ولا أمانع فى ظهور الأئمة على الشاشة».

 

وخلال الحوار سأل محرر المجلة الكاتب الصحفى لطفى رضوان الشيخ الباقورى، مشيرا إلى أن طريقة الوعظ والإرشاد على المنابر وفى المساجد أصبحت قديمة وبالية، وعن إمكانية استخدام السينما لتبصير الناس بأمور دينهم، فأجاب الشيخ مؤكدا أنه فكر فى استخدام السينما والأفلام السينمائية، وأن تخرج وزارة الأوقاف أفلاما عن الإسلام وتعاليمه السمحة.
 
والأكثر من ذلك أن الشيخ أحمد حسن الباقورى أكد خلال الحوار أنه فكر فى أن يلحق بالمساجد دور سينما لعرض هذه الأفلام، وهى الفكرة التى لو قالها أحد الآن لتعرض للنقد الشديد والاتهام والتجريح بأنه يخالف شرع الله.
 
وأشار الشيخ الباقورى إلى أن وزارة الأوقاف تعتزم عقد مسابقة بين الأدباء، لتأليف القصص الإسلامية ذات المغزى وتخصيص جوائز مالية لهذه المسابقة الكبرى، تمهيدا لإعدادها كأفلام تعرض بالمجان للجمهور فى صالات العرض، المزمع إنشاؤها فى المساجد الجديدة التابعة للوزارة، وعلق «الباقورى»، قائلا:  «هكذا ترانى متحررا ما دام هذا التحرر يؤدى إلى تثقيف الشعب والاستزادة من أمور المعرفة بالدين والدنيا ». فما كان من المحرر إلا أن سأل الشيخ الباقورى:  وهل تمثل فى هذه الأفلام؟ 
 
فأجاب الشيخ الجليل: «إننى أمثل فى كثير من الأوقات، فوقوفى فى مواقف الخطابة وحديثى إلى الجماهير، والتقاط الصور وعرضها فى مجلة فنية، كل هذا يدخلنى فعلا فى زمرة النجوم ».
 
وتابع الشيخ الباقورى:  «لكننى سأنزل إلى ميدان التأليف السينمائى، ولعل فى هذا ما يشجع الأدباء، فنفوز بأروع القصص عن مآثر الإسلام ومصر الحديثة».
 
وسأل محرر الكواكب وزير الأوقاف وقتها، مشيرا إلى أن الوزارة دخلت الميدان التجارى فأنشأت العمارات السكنية والشركات التجارية، فلماذا لا تنشئ مسارح ودور سينما؟
 
فأجاب الشيخ المستنير:  «سنفعل ذلك بعد أن نتتهى من بناء العمارات السكنية التى ارتبطنا بإنشائها، فسأنشئ أكثر من مسرح ودور عرض سينمائى لتنفرج أزمة دور العرض، وبذلك نحقق رغبات الشعب».
 
وسألت الكواكب وزير الأوقاف «إن كان يمكنه التدخل لتذليل العقبات أمام من يحاولون إنتاج أفلام يظهر فيها الخلفاء الراشدون وكبار الصحابة؟ فأجاب الباقورى بأنه سيخطو خطوة قد يخالف بها بعض علماء الأزهر، وهو أنه لا يعارض تقديم شخصيات أئمة المسلمين الذين برزوا فى الميدان السياسى أكثر من بروزهم فى الميدان الدينى، مثل عمرو بن العاص وهارون الرشيد ويزيد بن معاوية، مؤكدا رفضه ظهور وتجسيد شخصيات الخلفاء الراشدين لما لهم من قدسية.
وأوضح «الباقورى» أنه يشاهد السينما أحيانا، مشيرا إلى أنه شاهد فيلم حصار طروادة، وأعجب به وببطلته.
 
واختتم محرر الكواكب، لطفى رضوان، حواره مع الشيخ الجليل بسؤال حول من تعجبه من الفنانات المصريات، فأجاب «الباقورى»: «تعجبنى السيدة الفاضلة أمينة رزق، كما يعجبنى صوت وغناء ليلى مراد، وأنت تقول إن ليلى فوزى جميلة، إذن سأعجب بها على مسؤوليتك ».

حوار فنى فى مكتب وزير الأوقاف

وبعد عام من هذا الحوار، فتح الشيخ الباقورى مكتبه بوزارة الأوقاف ليستقبل عددا من نجوم الفن فى لقاء نظمته مجلة الكواكب عام 1957، حيث اصطحبت الكواكب مجموعة من الفنانين وهم نعيمة عاكف وكمال الشناوى وعماد حمدى، وحسن رمزى رئيس غرفة صناعة السينما فى هذا الوقت، والمخرج حسين فوزى إلى مكتب الوزير، لمناقشة العديد من القضايا بين الفن والدين.
 
وخلال هذا اللقاء، تحدث الشيخ الباقورى عن رؤيته للفن والسينما وآرائه حول ما يقدم من أعمال خلال هذه الفترة، وما يعجبه وما لا يعجبه منها، وطرح الفنانون الحاضرون عددا من الأسئلة عليه.
تحدث «الباقوزى» خلال اللقاء عن أهمية دور السينما والفن فى خدمة المجتمع وتقديم القضايا المهمة، منتقدا بعض الأعمال الفنية التى تمتلئ بالحشو والتهريج والخلاعة، مؤكدا أن المتفرج تحول إلى ناقد واع يستطيع أن يميز بين الغث والسمين.
 
وقال الوزير: إنه حين سافر إلى شمال أفريقيا ومنها مراكش، وجد أن معظم الأفلام التى تعرض هناك مصرية، ولكنه لم يعجبه أغلبها لأنها كانت تعبرعن شعب يعيش على الخلاعة، وهو ما يخالف طبيعة الشعب المصرى، ناصحا أهل الفن أن يتوخوا الحذر فيما يصدروه عن صورة بلادهم ومواطنيهم فى هذه الأفلام.
 
وأشاد وزير الأوقاف وقتها بفيلم «بلال مؤذن الرسول»، مؤكدا أنه حين كان فى جاكرتا ومر من طريق رئيسى وجد تزاحما شديدا، فظن أن الجماهير اجتمعت لسماع خطاب الزعيم سوكارنو، ولكنه فوجئ بأنهم يتزاحمون لمشاهدة فيلم «بلال مؤذن الرسول»، مطالبا بالتوسع فى هذه النوعية من الأفلام.
 
وهنا قاطعه الفنان عماد حمدى، مشيرا إلى أن الأزهر والمشايخ يعارضون دائما تقديم أى أفلام يظهر بها شخصيات من الصحابة، لذلك يتجنب صناع السينما تقديم مثل هذه الأعمال.
 
ورد «الباقورى» على هذه الملاحظة، مشيرا إلى أن أى شخص يحاول أن يقوم بدور أستاذه لا بد أن يفشل إذا لم يكن قد درس الشخصية وفهمها جيدا، ولا يصلح مثلا أن يقوم بدور عمرو بن العاص شاب لا يعرف شيئا عن الصحراء وحياتها، مؤكدا أنه عندما يتم إعداد ممثلين قادرين على أداء هذه الأدوار، لن يعارض الأزهر فى تقديمها.
 
ووجهت نعيمة عاكف سؤالا للوزير حول أول مرة ذهب فيها للسينما، فأشار إلى أنها كانت عام 1938، وسألته إن كان أعجبه فيلم «ظهور الإسلام» الذى طرح فى السينما؟ فأجاب بالنفى مؤكدا أن الفيلم لم يعجبه، لأنه كان يغلب عليه طابع التهريج.
 
وسألت نعيمة عاكف الشيخ الباقورى إن كان يسمح لبناته بالذهاب للسينما؟ فأجاب قائلا: «طبعا بشرط اختيار الفيلم المناسب ».
 
p
p

 










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة