منح العام الجديد2024، بارقة أمل للسودانيين بإنهاء الصراع فى السودان والذى اندلع بين الجيش وقوات الدعم السريع منذ منتصف أبريل 2023، مع الاعلان عن لقاء مرتقب بين قادة طرفى النزاع، عبد الفتاح البرهان وحميدتى، لإنهاء الأزمة السياسية التي تؤثر بالتبعية وتزيد من معاناة السودانيين وتفاقم من أزماتهم، ومع إطالة أمد الصراع يبرز التساؤل حول تداعياته على السودان الذى يمتلك ثروات هائلة وموارد طبيعية ضخمة.
دراسة للمركز المصرى للفكر والدراسات الإستراتيجية أكدت التداعيات السلبية للصراع الحالي على موارد السودان، ولفتت إلى أن حالة عدم الاستقرار السياسي ونشوب الحروب الأهلية تسببت في ضياع كثير من الفرص على السودان، أدّت إلى تأخره وعدم تطوره رغم أنه يُعد ثالث الدول الأفريقية من حيث المساحة وعدد السكان، إذ يصل عدد سكانه نحو حوالي 48 مليون نسمة بحسب تقديرات عام 2023.
ووفقا للدراسة، فإن الصراع السودانى الحالي سيكون له تأثير على قطاع النفط كمصدر رئيس للاقتصاد السوداني والذى أدى دورًا حاسمًا في السياسة والاقتصاد في هذا البلد.. لكنه عمق جراحها وذلك بعد انفصال جنوب السودان، والتي تمتلك غالبية الاحتياطيات النفطية المؤكدة. وبشكل خاص، واجه قطاع النفط تحديات كبيرة، جرّاء عدم الاستقرار السياسي.
ورأت الدراسة أن تطور الحرب (من الناحية الجغرافية) مما قد يشمل الحقول النفطية، وذلك بالنظر إلى استهداف منطقة أم عليلة فهي تحتضن مستودعات الوقود الرئيسية لولاية الجزيرة عبر الخط الناقل للنفط، هذا يقودنا إلى قصف مصفاة الجيلي للنفط بالخرطوم بحري، مع تبادل الاتهامات بين طرفي الحرب حول المسئولية بما جعلها تخرج من الخدمة"
ورجحت الدراسة عدم تأثر إمدادات النفط العالمية من النفط الخام بالصراع، وذلك نظرًا لحجم الإنتاج الحالي للسودان (مستويات منخفضة)، فضلا عن أن مصالح الشركات الأجنبية قد تكون على المحك، وفي مقدمتها الشركة الصينية التي تمتلك حصصًا رئيسية في المصافي السودانية وخطوط الأنابيب.
حيث إن الأحداث الجارية في السودان، قد تكون نوعًا من المخاطر السياسية على المشاريع الصينية في السودان (تأثير محدود)، ولكن مواصلة الصراع قد يكون لها تأثير بشكل أكبر على قطاع النفط الذي تستثمر الصين فيه بشكل كبير، كما أن الصراع الراهن يهدد سلامة خط الأنابيب. وقد يعزز الصراع المخاوف من تأثر واردات المشتقات البترولية التي يستوردها السودان من الخارج وفقا للدراسة.
ووفقا للدراسة التي نشرها المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، قد يؤثر الصراع سلبا على الدول الأفريقية المرتبطة بالسودان خاصة المغلقة منها مثل إثيوبيا، وذلك نظرًا للاعتماد على الموانئ السودانية في التجارة الدولية، بالإضافة إلى أن مرور بضائعها عبر ميناء بورتسودان، أصبح محل تهديد كبير منذ بداية الصراع.
شدة النزاع ومحاولة كل طرف الانتقام من الآخر، ليكون النفط ضحية هذا الانتقام، وبالأخص أن هناك استهدافًا ومستوى من الدمار الواضح طال البنى التحتية للدولة السودانية، مع محاولة تكبيد الحكومة أكبر الخسائر.
وفتت الدراسة إلى أن الحرب الحالية لم تخلق أزمة السودان الاقتصادية التي تتفاقم منذ سنوات من دون أي أفق للحل لكنها باتت تهدد بتأجيجها.
وبالنسبة لقطاع الذهب حيث يعد السودان منتجًا رئيسيًا للذهب في أفريقيا، فإن انتاجه تراجع منذ اندلاع الحرب ليصل إلى طنين فقط، مقارنة بإنتاج العام الماضي والذي تجاوز حوالي 18 طنًا، حيث يرجع التجار الأسباب إلى ارتفاع تكلفة الإنتاج. ويعتمد السودان في إنتاج الذهب على القطاع التقليدي الذي ينتج حوالي 90% من إجمالي الإنتاج المحلي. حيث وجهت الحرب في السودان ضربة قوية لعمليات إنتاج الذهب الذي يُعد أحد أهم القطاعات التي تعول عليها الدولة في جني الإيرادات من العملة الصعبة.
واختتمت الدراسة بأن الحرب ستفاقم من هدر المعادن، وسوف تزيد من المخاطر الاقتصادية ومن معاناة الشعب السوداني، ولفتت الدراسة إلى أن إدارة قطاع المعادن في السودان كانت تواجه صعوبات كبيرة، نسبة لتقاطع المصالح بين الجهات المختلفة والصراع بين شبكات المصالح المرتبطة بالصراع الحالي وضعف الرقابة الحكومية وضعف جهاز الدولة الإداري في مواجهة هذه المجموعات، مما تسبب في كارثة التهريب. بالإضافة إلى أن المساحة الحالية المستغلة في التعدين لا تتعدى حوالي 20%.