كان المسيح سفيرا للمحبة والإنسانية، وعلى أثره سار أبناؤه سفراء للقيم، وتمضى الكنيسة القبطية المصرية سفيرًا لكل ما حملته من أمانة الاعتقاد المسيحى، وما أُضيف إليها من مكونات الهوية المصرية ورسالتها الحضارية، التى صارت حاضرة فى أرجاء الأرض بفضل السفارات الشعبية الكنسية، وسفراء مارمرقس، الذين يُكملون دور الدبلوماسية الرسمية ويُقدمون صورة إيجابية ناصعة عن أم الدنيا.
تتميز الكنيسة القبطية بحافظاتها الصلب على التراث الكنسى، وتقاليدها الاجتماعية والروحية، واهتمامها بأن تظل دعائم إيمانها المسيحى راسخة باتصال لا ينقطع مع طابعها المصرى الأصيل؛ لذا تهتم برعاية أبنائها فى أنحاء العام، ولا تهملهم أو تتركهم يذوبون تماما فى مجتمعاتهم الجديدة؛ إنما تعمل على أن يكونوا فاعلين فى بيئاتهم دون أن ينفصلوا عن وطنهم الأم، وهكذا تنشيط بكل قوّتها فى الخدمة بالخارج، ولا تتوقف عن أنشطة الرعاية والخدمة فى كل شبر يصله المصريون.
وذكر قداسة البابا تواضروس الثانى، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، خلال لقاء صحفى سابق مع محررى الملف القبطى، أن الكنيسة الأرثوذكسية لديها كنائس فى أفريقيا وأوروبا وآسيا، وكنيسة فى أورشليم، وتحضر بقوة أيضا فى أستراليا والولايات المتحدة وكندا والمكسيك وأمريكا اللاتينية، وترعى أقباطا هاجروا قبل 120 سنة، لافتا إلى أن فريق الخدمة بالخارج يضم 600 أسقف وكاهن وراهب، وهناك 10 أديرة ناشئة، وغيرها مضت على تأسيسها سنوات طويلة.
وأضاف البابا، أن الكنيسة اهتمت بالوجود فى الخارج لرعاية أبنائها، وحتى حتى لا يذوبوا فى المجتمع الغربى مُبتعدين عن التقاليد الروحية والاجتماعية الأصيلة. موضحا أن العمل مع المغتربين أكبر خدمة قدمتها الكنيسة القبطية لأولادها المنتشرين بالعالم، لا سيما أنها تُحافظ على الروح التى اعتادوها وتربطهم بالوطن رباطا وثيقا، فلا تختلف أجواء أية كنيسة فى المهجر عن نظيرتها فى شبرا أو غيرها من مناطق مصر، سواء فى الأجواء اليومية أو فى الصلوات والطقوس والألحان، ونعتبر أننا سفارات شعبية لمصر، ولا نبتعد عن السفارات الرسمية، فمنذ عهد البابا شنودة عندما ننظم أية زيارة خارجية نزور سفارات مصر ونجتمع بمسؤوليها من المسلمين والمسيحيين.
وأوضح البابا أن الكنيسة أصبحت مُمتدة وتقدم خدمات اجتماعية فى المجتمعات التى تحل فيها، فهناك مدارس فى أستراليا وكندا ودول أفريقية، مثل مدرسة التكنولوجيا فى بوروندى، وهناك مراكز طبية للخدمة بالخارج، ومستشفى الأمل فى كينيا الأكبر عالميا لعلاج الإيدز، وقد زاره وزير الخارجية سامح شكرى مؤخرا وأثنى على دوره وما يقدمه من خدمات، وقد تعرف الرئيس السيسى على خدمات الكنيسة القبطية بالقارة السمراء، وسُجلت بجانب إنجازات الخارجية والدولة المصرية فى أنحاء أفريقيا.
عقود جديدة بأمريكا
وإلى ذلك، لا تتوقف جهود التوسع لتغطية كل الأماكن، وتعزيز خدمات الكنيسة وقدرات وصولها لأبنائها فى كل مكان، ومؤخرا وقّع الأنبا يوسف، مطران تكساس وفلوريدا جنوبى الولايات المتحدة الأمريكية، عقد شراء الأرض الجديدة التى ستُقام عليها كنيسة القديس العظيم يوحنا الحبيب فى مدينة ناشفيل عاصمة ولاية تينيسى، بحضور عدد من الكهنة وأبناء الكنيسة.
وكانت الخدمة بالكنيسة قد انطلقت من مكانها الحالى «المؤقت» يوم 16 سبتمبر 2022، وستستمر كما هى أيام الجمعة والسبت أسبوعيا، إضافة إلى المناسبات الكنسية السنوية، لحين الانتهاء من عمليات الإنشاء والتعمير والتشطيبات النهائية الكنيسة وتشغيلها فعليا.
كما شهدت إيبارشية نيويورك ونيو إنجلاند قبل شهور توقيع عقد شراء دير جديد باسم القديسة مريم والقديس البابا كيرلس السادس فى منطقة أبستيت بنيويورك، بيد الأنبا ديفيد أسقف الإيبارشية، جاء ذلك عقب انتهاء القداس الإلهى احتفالا بعيد القديس القمص بيشوى كامل، بالكنيسة الجديدة التى تحمل اسم القديس أبونا يسطس الأنطونى والقديس أبونا بيشوى كامل فى جزيرة الستائن أيلاند بنيويورك، بحضور لفيف من كهنة وشعب الإيبارشية وإيبارشية نيو جيرسى، وعقب توقيع عقد الشراء الابتدائى هنأ الأنبا ديفيد شعب الكنيسة بالدير الذى سيكون بركة كبيرة لشعب الكنيسة، وسوف يقيم رهبان دير الأنبا بولا الذين يخدمون بالإيبارشية بعد توقيع العقد النهائى وانتهاء إجراءات نقل الملكية باسم الكنيسة القبطية.
طقوس التدشين بالخارج
وشهدت القدس تدشين الأنبا أنطونيوس، مطران الكرسى الأورشليمى والشرق الأدنى، كنيسة القديس البابا كيرلس السادس وشهداء القرن 21 بمدينة بيت لحم. وأُقيمت احتفالية مميزة بالمناسبة؛ إذ تحرك موكب الآباء من أمام كنيسة المهد متوجها للكنيسة الجديدة، وأزاح الأنبا أنطونيوس الستار عن اللوحة التذكارية، وقص الشريط، كما كرّم الحضور والمشاركين فى البناء، وبعدها توجه الموكب إلى الفندق لإقامة الحفل بحضور قيادات الكنائس المسيحية فى القدس.
أما فى كاليفورنيا الأمريكية، فقد دشّن الأنبا سرابيون، مطران إيبارشية لوس أنجلوس وجنوب كاليفورنيا وهاواى، كنيسة القديس يوحنا المعمدان، وتُعد أول كنيسة يُصلّى فيها طقس التدشين منذ إنشاء الإيبارشية بالعام 1995.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة