قداسة البابا تواضروس فى حوار عيد الميلاد: الدولة صححت أخطاء 160 سنة ونضع أحلامنا على كتف الرئيس.. وبنعمة ربنا هيقدر يحققها..
القسوة اختراع بشرى وتعذيب البشر لبعضهم مش بنشوفه فى عالم الحيوان.. العالم باع ضميره قصاد اللى بيحصل فى غزة وكأن الإنسانية بتنتحر
المواطنة فعل مش مجرد صفة وأبرز مشاهدها كنيسة ومسجد العاصمة الإدارية وزيارات الرئيس للكاتدرائية
ذكرياته وقت إعلان رحيل قداسة البابا شنودة الثالث وأين كان وكيف تلقى الخبر.. وطقوس القرعة الهيكلية وتجليسه على كرسى مارمرقس قبل 11 سنة من الآن
أكتر كلمة بتعجبنى من الرئيس السيسى «إحنا بنبنى دولة».. وبقول له فرحانين برئاستك لمصر وربنا يديك الصحة والفكر وتقود البلاد زى السنين اللى فاتت
مصر ياما اتعرّضت لتحديات ودايما بتعدّى وتعبر.. وإحنا أصحاب حضارة وورانا ضهر غير اللى طالع فى المقدّر جديد
يجلس الرجل على جبل من التاريخ، بُعمر الكنيسة المصرية العريقة وحجم ما قدّمته للمسيحية والعالم، وما لعبته من أدوار رصينة وجلّية فى صيانة الهوية الوطنية؛ لا سيما مع الموجات العالية التى ضربتها من الخارج، مع تتابع الغزو والاستعمار، وبجانب قيمته الروحية السامية؛ فإن له مهابة لا تخلو من أُلفة، وعليه وقار لا يمنعه من البهجة والأريحية؛ حتى أن لقاءه والجلوس إليه ومُحادثته مما يطيب للنفس وتأتنس به، وهكذا كان حالنا منذ دلفنا من الباب، وإلى أن ودّعنا بابتسامته الوديعة.
حديث قداسة البابا تواضروس الثانى لليوم السابع
حديث قداسة البابا تواضروس الثانى لليوم السابع
وصلتم إلى كرسى مارمرقس فى وقت حساس واليوم تشهد المنطقة أوضاعا ساخنة أيضا فكيف ترون المشهد؟
أولا برحب بيكم، وسعيد إنى أتقابل معاكم وأتكلم مع «اليوم السابع»، كلنا بنشوف ونعرف من الإعلام، وبيوصل لنا قد إيه العالم بيواجه تحديات كبيرة، ومصر بالذات محاطة بتحديات غريبة وكل يوم يظهر تحد جديد، لكن دايما عندى ثقة ويقين إنها محفوظة فى قلب الله، وده مش بقوله علشان أنا رجل دين، لكنه ده إحساسى الصادق، واللى يقرا التاريخ يلاقى كده، ياما مصر اتعرّضت لتحديات وأزمات لكنها دايما بتقوّى وتكشف عن بطولات، ودايما مصر بتعدّى وتعبر، والعبارة اللى اتعلمناها زمان إن مصر رمانة الميزان فى الشرق الأوسط وأفريقيا، وعلاقاتها بآسيا وأوروبا، بتأكد إنها بلد كبيرة وليها أثر كبير قوى، وكل اللى بيحصل تقدر تتجاوزه وتنتصر عليه، وما تنسوش إننا أصحاب حضارة وورانا ضهر، غير اللى طالع فى المقدّر جديد يعنى.
أنجزت مصر استحقاق الانتخابات الرئاسية بكفاءة وتكافح فى خضم مرحلة من التحديات.. فما رسالة قداستكم للمصريين؟
اللى ابتدى مشوار يكمله، ومراجعة سريعة للسنين اللى فاتت بتأكد إن فيه إنجازات كبيرة، وفيه آمال بتحقق لقطاعات كتيرة من الشعب، مثلا مشروع «حياة كريمة» مهم ومفيد لأهلنا فى الريف، و«تكافل وكرامة» مؤثر، والمبادرات الصحية والاهتمام بصحة الإنسان اللى هى أغلى شىء، وإنهاء قوائم الانتظار، والمشروعات الصناعية والزراعية والرقمية، وطفرة تطوير العشوائيات، يعنى أنا خدمت فى مناطق فيها عشوائيات وكنت بسأل الناس دول عايشين إزاى، وعلى سبيل المثال مرة دخلت بيت من البيوت ما عندهمش سراير، فعاملين شوية طوب كأنها سرير، وما عندهمش كهربا وعايشين على لمبة جاز، فالجاز بيطلع كغاز يدوب فى الطوب النىّ وهما ليل نهار بيشموا ده، ويأثر على تنفسهم وبصرهم، ودخلت بيوت ما فيهاش بياض، وشفت ضعفات كتيرة، ونشكر ربنا، صحيح ما حققناش كل الآمال، لكن أنا أكتر كلمة بتعجبنى بيقولها الرئيس السيسى «إحنا بنبنى دولة»، لأننا فعلا بنبنى دولة هترجع بالنفع علينا كلنا، وربنا يدّى له الصحة هو واللى حواليه، والمسؤولين كل واحد فى مكانه، علشان نستكمل البناء ومصر تبقى دولة ليها حضورها وكيانها، وبلا شك أى مجتمع فيه أخطاء، إحنا مش ملايكة، لكن أخطاء قابلة للتعديل، وبنتعلم ونكبر وكل حاجة، وأكتر نقطة بحس إنها مؤثرة أو تحدى هى مسألة النقد اللاذع والكلام على مواقف سابقة، وفيه مثل شعبى بيقول «الكلام فى الفايت نقصان عقل»، وأتمنى الأمور تبقى أفضل والأزمة الاقتصادية تتحل، وواثق إنها هتتحل، وإن الأيام الجاية هتبقى أفضل، ونشكر ربنا على انتخاب الرئيس والقيادة السياسية بصفة عامة لاستكمال المشوار، وبناء دولة ده مشوار كبير، ده اللى بيبنى عمارة بيقعد خمس سنين، ما بالك ببناء دولة بكل تفاصيلها.
جانب من حوار قداسة البابا
يشاهد الجميع اليوم أطفال غزّة ونساءها يُقتلون على الهواء.. هل يعيش العالم مرحلة أقرب لموت الضمير؟
مش هقول كلام بيقولوه كل الناس، إن فيه ألم فى قلب الإنسان بالذات لما يتعلق الأمر والأطفال والنساء المقتولين والمجروحين واللى تحت الأنقاض، مشاهد مرعبة، صدقونى أحيانا لما بعمل كوباية شاى وأقلّب السكر بسأل نفسى الناس دى لو حد حب يشرب حاجة دافية هيعمل إيه؟ لا فيه وقود ولا مكان يحميهم ولو حد عنده دور برد مش هيلاقى الدواء، أنا طبعا بقول أمثلة بسيطة، لكن فى الواقع الإنسانية غابت خالص والعالم كله باع ضميره وإنسانيته، كأنهم ما شافوش اللى حصل من كورونا وما اعتبروش من الوباء، كورونا كان فيروس صغير لكن وقّف الدنيا بحالها، والحقيقة الأمر مذهل إن الدول الكبيرة اللى بتدعى التقدم والحضارة والعلم والتكنولوجيا مش شايفة اللى بيحصل، كأنهم مش بنى آدمين. القسوة اختراع بشرى، وتعذيب البشر لبعضهم مش بنشوفه فى عالم الحيوان. إحنا أمام حاجة بعيدة عن الله، بعيدة عن الضمير والإنسانية، وبعيدة عن المنطق، كأن الإنسان والإنسانية بينتحروا، عايز أقول إن زمن السيد المسيح كان فيه الملك هيرودس، وكان بيدور على المسيح باعتباره ملك اليهود، ولما ما لاقاش المسيح أمر بقتل كل الأطفال الذكور اللى عمرهم سنتين، فبقت مناحة فى بيت لحم، ودول باكورة شهداء المسيحية اللى اتقتلوا أطفال، كأن التاريخ بيعيد نفسه.
علّقت بيت لحم احتفالات عيد الميلاد وهو أمر نادر للغاية.. فكيف ستحتفل الكنيسة الأرثوذكسية بالعيد؟
عايز أقول لحضرتك إن عيد ميلاد المسيح بييجى مرة فى السنة، لكن فى بيت لحم عندهم الاحتفال طول السنة، لأن ده مسقط رأسه، يعنى فيه فرق وما أقدرش أحكم كده بكده، وعملية الاحتفال بتبقى بالمناسبة الدينية وباستقرار مصر، فلو كانت البلد مش مستقرة ما هيكونش فيه احتفال، وإحياء المناسبة لا يعنى أى شىء غير إن دى مناسبة سنوية، لكن بيت لحم متاحة للزيارة طول السنة، والحاجة التانية إن هنا احتفالاتنا بتاخد طابع دينى، بنصلّى وتانى يوم نقابل الناس كنوع من الود، لا أكثر ولا أقل.
تعبيرات قداسة البابا خلال الحوار
شهدت السنوات الأخيرة تطورا واضحا لمفهوم المواطنة.. ما تقييمكم لما أنجزته الدولة فى هذا الملف مقارنة بما سبق؟
المساواة والمواطنة هى الأصل، والخروج عنها انحراف، ومن أيام 2013 ومع القيادة السياسية والفكر الجديد ابتدت القيم الأصيلة تظهر بعد ما كانت غايبة، ودلوقتى بقت أوضح وعليها أضواء، المواطنة فعل مش مجرد صفة، وليها مشاهد كتيرة، مثلا زى افتتاح المسجد والكنيسة فى يوم واحد بحضور القيادات الدينية والسياسية والضيوف الأجانب، وبنائهما مع بعض فى نفس المدة وإنهما يكونوا بداية العاصمة الإدارية الجديدة، يعنى البداية روحية، كل ده تغيير فكر وممارسة وبداية قوية وتعبير صادق عن المواطنة، مثلا حضرتك ذكرت قانون بناء الكنائس، القانون ده صحّح وضع فات عليه أكثر من 160 سنة، وضع خاطئ وما كانش فى القانون، البلد كان ليها قوانين فى كل حاجة ما عدا بناء الكنائس بيرجع لأهواء كل مسؤول، وبالتالى الفكر الجديد تصحيح لضعفات كانت موجودة فى الماضى، وإحنا فى وقت جديد على مستوى مصر كلها، وفيه تصحيح لصورة المواطنة وفعل المواطنة، ومن الصور المهمة جدا تهنئة السيد الرئيس لكل المصريين ببداية العام الجديد من خلال الكاتدرائية، دى صورة جديدة ومعبرة، وقيس على كده صور كتيرة تانية.
جانب من حوار قداسة البابا
أصبح العالم معقدا وعنوانه الأزمات وهذا مناخ روحى بامتياز يلجأ فيه الناس إلى الله.. فكيف نُعيد السلام الروحى إلى المأزومين؟
اسمح لى أستفيض شوية، فيه نظرية اسمها «المكان الثالث»، كل واحد فينا عنده مكانين: رسمى وغير رسمى، الأول المدرسة أو الجامعة أو الشغل، أى إنسان بيلبس فى بيته لبس بسيط لأن كل اللى حواليه عارفينه ومتعودين على بعض، ولما بيروح المدرسة بيلبس ملابس رسمية، والمكان التالت بقى اللى بيروح له باختياره، وإحنا علشان فى الشرق بنقدر الحياة الروحية فالمكان هو المؤسسة الدينية، وأماكن تانية زى النوادى والجمعيات الخيرية، يعنى ده المكان اللى بلاقى فيه راحتى وسعادتى لأنى بروح باختيارى، علشان كده بينشأ عندى إحساس بالأمان والاستقرار، وممكن أضيف حاجة كمان إنى ألاقى فيه الحب، إيه مشكلة العالم النهارده؟ إن فيه نقص للحب، لأن العالم دلوقتى بيتحرك بالمصالح على مستوى الشعوب والدول، وغياب الحب عن الإنسان أنشأ كل الضعفات، علشان كده بنقول العالم جائع إلى الحب، وهو اللى بيخلى حياة الإنسان مستقرة، فيه عبارة جميلة فى سفر الأمثال بالكتاب المقدس بتقول «النفس الشبعانة من الحب تدوس العسل» يعنى مفيش حاجة تانية تغريها، و«للنفس الجائعة كل مر حلو»، والعنف اللى فى العالم أصله جوع من الحب، يعنى الراجل اللى بيروح يضرب أطفال ولّا مدرسة هو مش شبعان من الحب، مش حاسس بالأطفال والأُسر، بيقولوا الشخص اللى رمى القنبلة الذرية على هيروشيما بعد شوية أُصيب بلوثة عقلية لما شاف الانفجار واللى حصل وقابل ناس اتأثروا منها، فوظيفة المؤسسات الدينية بقى إشباع الناس من الحب، والأمان والسلام، فيطلع الإنسان من المؤسسة الدينية علشان ينشر ده فى المجتمع بتاعه، يعنى كنيستى بتعلمنى إزاى أصنع سلام فى المجتمع.
إنصات قداسة البابا للأسئلة
كثير من صراعات العالم تُثيرها مصالح ظاهرة وبعضها قد يبدو أن طرفا خفيا يُحركه.. هل تتفقون مع تلك الرؤية؟
للأسف، المصالح بتحكم وأطماع الاقتصاد بتدير العالم، فيه حد عايز يبيع سلاح علشان يحقق دخل وتبقى عنده ثروة فيزداد غنى، طب السلاح ده هيعمل إيه؟! مرة قريت حاجة إن بلد معين عنده كميات ضخمة من الرؤوس النووية وقادر يدمر العالم كذا مرة، فسألت نفسى هو بعد ما يعمل اللى يدمر العالم مرة محتاج الباقى فى إيه؟ ده غباء العالم، وصراع القوة والمصالح، وإن أنا الأعظم والأكبر، فى حين إن ممكن طفل صغير أو إنسان بسيط وأسرة محدودة جدا يكونوا أسعد من كل دول.
وما دور المؤسسات الدينية فى إذكاء قيم المحبة والسلام لحصار الجنون المتسلّط على العالم وتأهيل الأفراد للتعامل مع التحديات؟
عندنا أدوات كتيرة، وأول أداة مهمة جدا فصول مدارس الأحد الموجهة للأطفال، والطفل من صغره مرتبط بالكنيسة والعبادة عن طريق بابا وماما، لكن لما يكبر شوية بيرتبط بفصول كل واحد ليه خادم، بيكون شاب أو شابة حسب الفصل، وبيبقى مسؤول عن الأولاد دول ودوره يوصّل حب ربنا ليهم، فيطلع الطفل من صغره بين البيت والكنيسة والمدرسة بياخد جرعات حب ودعم نفسى فيكون متوازنا فى معادلته، محب ومحبوب، يعنى يكون محبوبا فى أسرته ويخرج يقدر يحب الآخرين، ولو أنا ما شبعتش من الحب فى أسرتى مش هعرف أحب حد بره، علشان كده موضوع الأسرة فى غاية الأهمية، وبنبذل فيه مجهودا كبيرا، الأداة التانية دروس للمقبلين على الزواج والخطوبة ودروس السنة الأولى فى التربية، وإزاى نتعامل مع الطفل، لأنه عجينة بتتشكل بالتربية، فيه طفل بيطلع ناقم على أسرته وطفل بيطلع ملتزم بيها، وبعد كده فيه اجتماعات شهرية فى كنائسنا لخدمة الأسرة بصفة عامة، يعنى الزوج والزوجة وأولادهم وبناتهم بيحضروا وبنناقش موضوعات تربوية وأسرية، والمحتوى بيتغير من زمن للتانى، وفيه أنشطة زى الرحلات الأسرية ومع الأصحاب، ومن الحاجات المهمة عندنا درسين فى الكنيسة كل سنة عن الانتماء لمصر، لأن السيد المسيح بعد ولادته زار مصر، وده درس مهم جدا، وفى شهر يونيو درس عيد دخول المسيح لمصر فى 1 يونيو، وممكن كمان يبقى فيه دروس تانية، وده بيربّى الانتماء، وأنا مثلا طلعت بحب مصر مش من المدرسة بس.
البابا تواضروس الثانى والزميل محمد الأحمدى
عندما يجلس قداسة البابا إلى نفسه فى أوقات الهدوء.. ماذا يستحضر فى ذهنه من ذكريات الماضى والطفولة؟
فاكر من أيام المدرسة لما كانوا بيوزعوا علينا صور الرئيس جمال عبدالناصر مع الأطفال، واتعلمت حب مصر فى الكنيسة، ومن دروس التاريخ، وكلها وسائل مهمة جدا إننا نشبع طاقة الحب عند الإنسان علشان يقدر يواجه المجتمع، ويكوّن أسرة قوية، مش زى ما بنسمع فلان خطب وفلان اتجوز ونقول مبروك وبعد أقل من سنة ينفصلوا، الزواج ده مشروع للعمر، وفيه عبارة أحب أقولها قدامكم إن كلمة family بالإنجليزية اختصار لـ6 كلمات: father and mother I love you، يعنى أنا جوّه أسرتى بشبع من الحب، علشان كده بحبهم وبطلع أحب المجتمع، تفتكر كل اللى انخرطوا فى تنظيمات إرهابية خرجوا من أسر شبعانة حب؟ لو درسناهم دراسة مستفيضة هنلاقى حاجة غلط، حاجة غلط خالص، مش ممكن يكون شبع من الحب ويعتدى على الآخرين، ودى المعضلة الرئيسية فى حياة الإنسان.
لكل منّا قدوة ونماذج محفزة.. مَن أبرز الشخصيات المؤثرة فى حياة قداسة البابا على مدار رحلته الطويلة؟
أنا الأكبر بين إخوتى وتأثرت جدا ببابا وماما وبأهلهم، أسرة والدى كانت أسرة مدينية فى القاهرة وأسرة والدتى كانت فى الريف وبتمارس الزراعة، وكانت الإجازة 3 شهور بنقضى أسبوعين فى القاهرة علشان أجازات بابا ما كانش ممكن تبقى أكتر من كده لأنه كان مهندس وعنده التزامات، لكن بقية الفترة بنقضيها فى البلد، فبقيت آخد من الناحية الحضارية والناحية الريفية، وده أثّر فيا جدا، واتأثرت بأخوالى وأعمامى وعمّاتى جدا، ثم مُدرستى «أبلة أنجيل» كنت بحبها جدا، واتوفت من تلات أربع سنين، ولآخر وقت كانت تقابلنى تاخدنى بالحضن وكأنى الطفل الصغير، وكنت متأثر بيها جدا ولما سألونى مرة ليه اتأثرت بيها قلت لأن ابتسامتها كانت حلوة ومريحة خالص، وأنا على تواصل مع أولادها.
البابا تواضروس الثانى عند الحديث عن ذكرياته
احتفلتم فى الشهر الماضى بعيد التجليس الحادى عشر فماذا تتذكرون من طقوس القرعة الهيكلية لقداستك وذكريات الاختيار للمسؤولية؟
زى ما التقليد الكنسى بيقول، ما حدش فينا بيرشح نفسه زى أى انتخابات، والاختيار بيعدى من خلال مراحل، الأول بيكون فيه عدد بمواصفات، وبعد كده بيُختصر من خلال لجنة خاصة لـ5 أفراد بس، وبعدين الخمسة بيدخلوا الانتخابات اللى بيشارك فيها عدد محدد من كل الكنائس فى العالم وبيختاروا أكثر 3، وبعدها بييجى «قداس القرعة» بنصلّى ويختاروا طفل بشروط معينة، يعنى يكون ولد وعنده 6 سنين. يومها اتقدم حوالى 500 طفل وعملوا قرعة اختاروا 12، ومن الاتناشر اختاروا واحد، وبعدها يتتغمّى عينيه ويمد إيده يختار ورقة من التلاتة، والاسم ده بيبقى البطريرك. ما حدش بيرشح نفسه ولا حد بيتكتك، ما عندناش الكلام ده خالص، ولا حد بيعمل دعاية انتخبنى وما تنتخبش غيرى، ويوم القرعة التلاتة بيكونوا فى أديرتهم، وتانى يوم اللى هو 4 نوفمبر كانت فيه مناسبة تانية هى عيد ميلادى، واليوم اللى قبليه رُحت دير الأنبا بيشوى وقضيت اليوم والليلة فيه ورجعت قلايتى، لغاية ما بلغونى إنى الاسم اللى تم اختياره، وبدأت الحكاية، وبعدها إجراءات كتيرة لغاية التجليس يوم 18، وطبعا أنا أول مرة أحضر الصلوات دى وأول مرة أشوفها، بس بيبقى يوم عصيب والصلوات بتبقى شديدة جدا، والمسؤولية بتبقى واسعة خالص لكن ربنا اللى بيشيل.
عندما رحل قداسة البابا شنودة.. أين كنتم قداستكم وكيف تلقيتم خبر نياحته؟
يوم وفاة البابا شنودة كنت فى مرسى مطروح، لأنها تبع الإيبارشية اللى كنت بخدم فيها، وصلت من دمنهور فى حدود الساعة 3 الضهر بعد سفر 400 كيلو، علشان أقعد معاهم 3 أيام خدمة، لكن قرب الساعة 5 جالنا خبر وفاة البابا، فرُحت على القاهرة فى نفس اليوم ووصلت بالليل متأخر، لكن شارع رمسيس كان مقفول تماما، وفضلت 3 أيام لغاية يوم التجنيز، وكان مشهد مؤلم جدا، كلنا كنا بنحب البابا وكتاباته وعظاته وخبراته وزياراته، وقعد ويانا 40 سنة بطريرك، وكلنا كنا تلاميذه.واتصالا باهتماماتكم الكروية.. هل يشجع قداسة البابا النادى الأهلى أم الزمالك؟
أنا لا أهلاوى ولا زمالكاوى، وما ليش فى الكورة قوى، وهقول لك على سر، أول مرة لعبت كورة كنت فى أولى إعدادى، وكانوا جايبين لى ساعة هدية، ويومها الساعة اتكسرت فحصل طلاق بينى وبين اللعب.
ابتسامة قداسة البابا تواضروس الثانى
عودة لعيد الميلاد وكان لكم تصريح بأنه يمتد من 25 ديسمبر لـ7 يناير فلماذا تختلف الكنائس فى توقيت الاحتفال؟
إحنا فى مصر عايشين بالتقويم القبطى، وده ليه شهور منفصلة تماما اللى هى توت وبابه وهاتور وكيهك وغيرها، وهو تقويم حسابى ومعناه إن كل الشهور 30 يوم وبالتالى فيه شهر برقم 13 اسمه «النسىء» عبارة عن 6 أيام، لكنهم بره بيعيشوا بالتقويم الميلادى «اليوليانى والجريجورى»، ومش هدخل فى تفاصيل كتيرة، بس هو عبارة عن شهور 30 وشهور 31 يوم وفبراير ناقص يوم أو اتنين، وفيه مثلا التقويم الهجرى إما 30 أو 29 ومفيش 31 لأنه مرتبط بالقمر مش بالشمس زى الشهور الميلادية. لكن الشهور القبطية مرتبطة بالحساب، وهى شهور زراعية، مثلا هاتور بيقولوا عنه «أبو الدهب المنتور» إشارة للقمح لما الفلاح بيبدره فى الأرض وقت الزراعة، وكيهك «صباحك مساك تقوم من على فطورك تدور على عشاك» لأن اليوم قصير، علشان كده إحنا فى الكنيسة بنعمل فيه سهرات لأن الليل طويل ومش هناخده فى النوم فبنحوله للصلاة والعبادة، والمعنى إن اختلافات الاحتفالات ومواعيدها بترتبط بالتقويم.
تعبيرات قداسة البابا خلال الحوار
ثمة مُشتركات تجمع المصريين عموما بتاريخ الكنيسة وكثير من المفردات الجغرافية والثقافية.. إلى أى مدى يبدو ذلك واضحا فى الهوية والممارسة؟
ده سؤال طيب، إحنا بنحتفل فى الكنيسة بعيد دخول السيد المسيح أرض مصر يوم 1 يونيو كل سنة، وده احتفال من القرن الرابع الميلادى وفيه بعض الأنشطة زى نزول نهر النيل، وعلشان يبقى عندكم فكرة رحلة الهروب لمصر جزء منها برى وجزء فى النيل، والفاصل بينهم منطقة المعادى. والاحتفال نفسه بنحتفل بيه دينيا وبعض الزوار اللى بييجوا مصر بيحبوا يزوروا أماكن الرحلة، والدولة بدأت تهتم فى السنوات الأخيرة بالموضوع لأن وجود «مسار العائلة المقدسة» ده ميزة تنافسية ما لهاش مثيل فى العالم خالص، خصوصا إن فيه جزء صغير جدا فى أرض فلسطين مكان ما المسيح اتولد، وجزء على ضفاف نهر الأردن، والجزء الأكبر فى مصر، والمشروع دخل فيه لجان ومحافظون ووزراء وأخد زخم كبير قوى فى التخطيط والتنفيذ وتهيئة المواقع، وهى عبارة عن 25 نقطة أو محطة، والميزة التنافسية هنا جميلة قوى فى فكرة السهولة، بمعنى إن أى مجموعة ممكن تزور جزءا من المسار يناسب وقتهم وظروفهم، فالسائح مثلا جاى مصر 3 أيام بس فممكن يزور 3 أو 4 محطات، وغيره قاعد أسبوعين وممكن يشوف المسار كله، ودى ميزة إضافية فى التسويق، وكمان المسار له جانب روحى وتاريخى إضافة للجانب السياحى والوطنى، أنا من سنين رُحت «سخا» فى كفر الشيخ، واسمها كلمة قبطية «بيخا إيسوس» ومعناها قدم يسوع، والقصة التاريخية بتقول إن المسيح رجله طبعت على الحجر وما زال موجودا هناك، والنقطة اللى هناك اتجهزت تماما.
تعيش المرأة مرحلة من التمكين تُعالج قصور عقود مضت وقد أثيرت مسائل مهمة بشأن الأسرة.. ماذا عن قانون الأحوال الشخصية وإلى أين وصلت مداولاته؟
إحنا عندنا فى الكنيسة مجلس اسمه «المجلس الإكليريكى للأحوال الشخصية» هو المسؤول عن موضوعات الانفصال أو بطلان الزواج أو الطلاق، والمجلس ده كان مسؤول عنه نيافة الأنبا بولا مطران طنطا، وكان بيلف العالم كله ويروح كل كنايسنا وإيبارشيتنا فى مصر، وده مجهود فوق الوصف، فلما ابتدت مسؤوليتى قسمنا المجلس ده 6 مجالس إقليمية، فبقى فيه واحد فى أمريكا وواحد فى أووربا، وآسيا وأستراليا، و3 داخل مصر فى إسكندرية والوجه البحرى، وفى القاهرة، والصعيد، والمجالس دى ليها نظامها وترتيبها ولائحتها، وبنسعى إن كل المسيحيين يكون ليهم قانون واحد، ودى أخدت مجهود كبير قوى، الكنيسة الكاثوليكية مثلا رئاستها فى روما خارج مصر، والكنائس البروتستانتية ليها ارتباط بالبروتستانت فى العالم، لكن الكنيسة القبطية رئاستها هنا وكل شعبها هنا، وهقول مثال صغير: الكنيسة الكاثوليكية مفيش عندهم لفظ «طلاق»، طيب إحنا عندنا ده، ومن هنا أخدنا سنين علشان نقعد كلنا مع بعض ونحاول نوجد حاجة واحدة، مش هنقدم للبلد قانون لكل كنيسة، وده احتاج وقت كتير، وبقت فيه بعض النقاط بنقف عندها ونقول البند ده لا يسرى على الكاثوليك، أو ده يهم الأرثوذكس والكاثوليك لكن ما يهمش البروتستانت، وقدرنا نوصل فى الآخر إننا نعمل قانون واحد، والخطوة دى خلصت وبعد كده القانون بيتقدم للدولة ورئيس الوزراء، والحكومة بتحيله لوزارة العدل ويودّوه البرلمان، والنواب ياخدوا دورهم فى مناقشته وإقراره، وهو حاليا فى الخطوة دى، والدولة بتحاول تصدر القانون اللى يخص المسلمين واللى يخص المسيحين فى قانون الأسرة، ويبقى فيه الشق المسيحى والشق الإسلامى.ما أبرز وصايا قداسة البابا فى ملف بناء الإنسان الذى تنتهجه الدولة المصرية فى سياساتها وبرامجها بالسنوات الأخيرة؟
الاهتمام بالتعليم وخصوصا الابتدائى، الأطفال دول هدية ربنا لينا وعجينة خام إحنا مسؤولين عن تشكيلها، ولما ييجى مدرس لا يصلح للتدريس وأحط فى إيده ابنى أو بنتى ده مش صح، ودايما بنادى إن مدرس الابتدائى أهم شخص مسؤول فى المجتمع، ولازم يبقى متنقى على الفرّازة زى الشرطة والجيش، معلم بكل ما تعنيه الكلمة، وزى ما بيت الشعر بيقول: «قم للمعلم وفّه التبجيلا كاد المعلم أن يكون رسولا»، دى نمرة واحد، ونمرة اتنين الإعلام، لازم يكون أكثر إيجابية وواقعية، وأحيانا لما تحصل حادثة فى المجتمع الإعلام بيصورها إن البلد كلها فيها مشكلة مش منطقة أو موضوع بعينه، وإحنا محتاجين نقدم صورا إيجابية وسريعة، بلاحظ مثلا فى نشرات الأخبار الأجنبية إن مقدمة النشرة ممكن تاخد 3 ثوانى وعندنا بتاخد 10، وعايز أقول كمان إن أى إنسان بيتشكل وعيه من خلال 5 مؤسسات: البيت والمدرسة والمؤسسة الدينية والمؤسسة الاجتماعية والأصدقاء والإعلام، وفى السنين الأخيرة الإعلام بقى رقم واحد، ثم المؤسسة الاجتماعية والمؤسسة الدينية والتعليم والأسرة، وللأسف دور الأسرة ابتعد ومحتاجين نصلّح ده ونستعيد مفهوم الأسرة صح، وده محتاج خبراء فى التعليم والتربية، مرة كنت فى خدمة مع فصول شبان وشابات فى الجامعة فقُلت لهم عايزين نحتفل بعيد الأم بس بطريقة غريبة وجديدة، فاقترحوا عليا اقتراح لطيف قوى وقالوا نجيب بابا وماما بتوع فلان اللى ويانا فى الاجتماع بقالهم 30 سنة متجوزين، جبناهم وسألناهم إيه أهم حاجة فى الجواز، فوقفت الأم وقالت الصراحة هى اللى حفظت جوازنا، ومرة تانية جبنا أب وأم من مكان تانى متجوزين بقالهم 41 سنة، والست قالت تعبير لطيف قوى: «مفيش يوم زعّلنى فيه»، ده واحد فاهم بيته ومسؤولياته، وهى فاهمة بيتها برضه، وقيسوا على كده، الأسرة هى اللى بتبنى المجتمع، وإحنا عايشين فى مجتمع واحد ولازم نعرف مفرداته، وأهمها دور البيت، أحيانا بتتعرض مسلسلات بتغذى فكر وحش عند الناس، وعند الشباب خصوصا، وعايز أقول إن فى مرة من المرات كنت بزور أسرة فى سنغافورة عندهم طفل صغير، وكان بيتفرج على التليفزيون والأب طلب من زوجته تقفله، لأن الدكتور طلب إنه يتفرج عليه ربع ساعة بس، واكتشفت إنه فعلاً كاتب ده فى الروشتة.خروجا إلى نطاق الهوايات والترويح عن النفس مجددا.. هل قداسة البابا متابع جيد للفن والدراما؟
لا للأسف، ما عنديش وقت خالص، أنا أقصى حاجة لما أقرا وأحب أشوف الأخبار، وبتابعها من قنوات إخبارية مختلفة.
أطلق موقع الكنيسة سابقا دعوة للقاء الأسر القبطية بقداستكم.. هل تشغل فكرة التواصل واسع المدى حيزا ثابتا من برنامج البابا؟
بحاول، بس هما 24 ساعة بس، فبحاول أتقابل مع قطاعات الأسرة والشباب، وبالذات الأسر اللى مُقيمة بره مصر وأولادهم صغيرين، علشان دول ما يعرفوش حاجة عن مصر فبيهمنى إنهم ياخدوا جرعة كاملة عن البلد ومن الكنيسة، وبعمل ده بقدر الإمكان.الكرازة المرقسية لها حضور قوى بالخارج ومهام رعوية لا تقف عند حدود مصر.. كيف تتواصل الكنيسة مع أبنائها المغتربين؟
المصريين اللى بره عددهم 7 ملايين منهم 2 مليون أقباط، ومن خلال الكنيسة بنعمل رعاية كاملة ليهم، وده سبب وجود أديرة فى الخارج للشباب، وفيه أديرة للرهبان وأديرة للراهبات فى كندا والنمسا وإيطاليا، وبعض الدول فيها أسرة قبطية واحدة ومفيش كنائس فبنبعت لهم كاهن كل 3 شهور يطّمن عليهم ويتواصل معاهم، دى حاجة إحنا مهتمين قوى بيها، وبإن كل حد مصرى مسيحى نحوّط عليه علشان ده بيعود بالصالح على مصر والأجيال اللى جاية كلها، ومن الحاجات الجميلة لما تسأل الأولاد الصغيرين فى زياراتهم لمصر هنا أحسن ولّا بلدكم يقولوا هنا لأن فيه دفء.
علاقة القيادة السياسية بالكنيسة قوية للغاية ويبدو ذلك واضحا فى كل المواقف والمناسبات.. ما الرسالة التى يوجهها قداستكم للرئيس السيسى مع بداية عام جديد؟
أقول له ربنا يديك الصحة والفكر والاتزان والحكمة، وتقود البلاد زى ما اختبرنا فى السنين اللى فاتت، وتستمر، وإحنا فرحانين بقيادتك لمصر وحاطين على كتفك أحلام وآمال كتيرة، وانت بنعمة ربنا هتقدر تحققها.ابتسامة قداسة البابا تواضروس الثانى
ما رسالة قداستكم للشباب الذين قد يشعرون ببعض الإحباط؟
الشباب طاقة وحيوية، ولا يصح أن يتسرب إليهم الإحباط، والشاب اللى عنده إصرار حتى لو بدأ بحاجة بسيطة جدا يقدر يكبر، ومن الضعفات الموجودة بالمجتمع أبيع أرضى وأبيع دهب أمى وأركب مركب علشان أغرق فى البحر، أى عقل يقول كده يا ابنى؟ ده انت بشوية الفلوس اللى معاك كنت تبتدى مشروع صغير، وعلى سبيل المثال إحنا بنعمل مشروعات صغيرة للشباب ومرة بنت قالت لنا هعمل ريّاشة وطلبت 2000 جنيه، ونجحت فى الموضوع وده خلّى البلد كلها تجيب رياشات، وجت بعدها تقول ممكن تساعدونى أعمل الشواية قلت لها يا بنتى ده هيمشى معاكى قالت آه، وبعد شوية قالت ممكن أعمل مطعم؟ لكن فيه واحد تانى بيستسلم، وإحنا عندنا بلاد أقل مننا جدا ولا مجال للإحباط.بماذا يصف قداسة البابا سيدات مصر المكافحات؟
فيه ستات شطار «مصفقا بيديه» وينطبق عليها المثل اللى بيقول بتعمل من الفسيخ شرباتوما رسالتكم لأصحاب الانتقادات اللاذعة؟
هصلّى لهم علشان تتعدل موجة عقولهمتستند مصر روحيا إلى عمودين راسخين.. ما رسالة قداسة بابا الإسكندرية لفضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر؟
شيخ الأزهر صديق عزيز وربنا يدّى له الصحة، إحنا بنتقابل كتير وبناخد وندّى مع بعض، وبنتناقش فى بعض الموضوعات، وأحيانا بنتكلم فى التليفون، وفيه صداقة ومحبة جميلة خالص، وهييجى يهنينا بعيد الميلاد.وختاما.. من أكثر شخصية تُبهج قداسة البابا وتصنع له السعادة؟
عادل إمام، وكل الفريق الكوميدى اللى معاه.