قانونها الإنسانية، وروحها الانحياز للضعفاء والمتألمين؛ لذا ليس غريبا أن تكون المسيحية بجانب فلسطين، وأن تضرب كنائس مصر مثالا مضيئا فى التمسك بمسقط رأس يسوع، والدفاع عنه فى وجه التغول الصهيونى. والتاريخ القريب يحفل بعشرات المواقف الراسخة من أقباط مصر، وكل كنائسها، دعما لفلسطين وأهلها.
ومنذ بداية القضية لم يتوقف الدعم والإسناد، والذاكرة فيها محطات مضيئة للبابا كيرلس السادس، وكان نموذجها الأوضح مع البابا شنودة، وإلى اليوم يقف البابا تواضروس خلف القيادة السياسية فى رؤيتها الصلبة لمركزية فلسطين، معلنا تأييده الكامل لموقف الرئيس السيسى، قائلا: «نؤيد بكل قلوبنا ما أعلنه الرئيس بأن إزاحة الوجود الفلسطينى من غزة إلى سيناء تفريغ للقضية، وأمر مرفوض جملةً وتفصيلا».
البابا شنودة وحرب 1948
ذكر فيلم «الراعى» الذى أنتجه دير الأنبا بيشوى بوادى النطرون عن حياة البابا شنودة الثالث حتى رسامته أسقفا للتعليم، أنه شارك مع الجيش المصرى فى حرب 1948 دفاعا عن فلسطين، وكان من الضباط الغاضبين على الفساد والهزيمة.
البابا كيرلس السادس
وكان البابا كيرلس واحدًا من أصحاب المواقف الناصعة. ويقول القمص يوسف تادرس الحومى، أستاذ التاريخ الكنسى، إنه كان يؤازر عبدالناصر والقضية العربية، وكانت كل تصريحاته تساند الدولة، وقد خاطب الامبراطور الإثيوبى هيلا سلاسى، طالبا منه تأييد قضية العرب والوقوف بجانب فلسطين فى الأمم المتحدة.
ويقول الباحث إسحاق إبراهيم الباجوشى، عضو لجنة التاريخ القبطى بالكنيسة، إن مجلة «رسالة المحبة» الصادرة فى الستينيات نشرت طلب البابا من رجال الكنائس بالجمهورية العربية ودول أفريقيا والشرق التابعة للكرازة المرقسية، بالاشتراك فى تعبئة الجماهير استعدادا للجهاد المسلح، كما دعا رجال الجمعيات والهيئات والأقباط عامة للاشتراك فى التدريب العسكرى وأعمال الدفاع المدنى.
قرار المجمع المقدس
أهم خطوة اتخذتها الكنيسة الأرثوذكسية كانت قبل أكثر من أربعين سنة، إذ واجهت الاحتلال بضراوة شديدة عندما أعلنت موقفها التاريخى فى اجتماع المجمع المقدس، 26 مارس 1980، بمنع الأقباط من زيارة القدس.
وبالبحث عن أصل القرار، وصلنا إليه بمجلة الكرازة المرقسية التى كان يرأس تحريرها البابا شنودة، والنص بحسب عدد 4 إبريل 1980: «عدم التصريح لرعايا الكنيسة بالسفر إلى القدس، فى موسم الزيارة أثناء البصخة المقدسة وعيد القيامة، لحين استعادة الكنيسة رسميا لدير السلطان.
البابا تواضروس الثانى
لم يخرج البابا تواضروس عن خط الكنيسة الثابت فى الدفاع عن فلسطين وقضيتها، والتصدى لجرائم الاحتلال الصهيونى، فقد رفض زيارة القدس حينما دعاه الرئيس الفلسطينى عام 2015 خلال جنازة مطران دير السلطان.
وأعلن البابا مؤخرا عن استنكاره البالغ لما يحدث فى فلسطين من قتل ودمار، مضيفا: «قلوبنا تُعتصَر ألما، هناك أعداد كبيرة من القتلى والضحايا والجرحى والمشردين، وباسم الكنيسة القبطية ندين الأعمال الوحشية».
الكنيسة الإنجيلية
الكنائس الأخرى لم تكن بعيدة عن الحالة، فقد أدانت الطائفة الإنجيلية قصف كنيسة الروم الأرثوذكس، وقال القس أندريه زكى: «يحدث انتهاك واضح للقانون الدولى، الأمر الذى خلّف كثيرا من الخسائر فى أرواح المدنيين ويشكل عقابًا جماعيًّا». وثمنت الهيئة القبطية الإنجيلية للخدمات دور التحالف الوطنى للعمل الأهلى، تنفيذا لتوجيهات الرئيس السيسى، وشاركت فى أنشطة المساعدة.
الكنيسة الكاثوليكية
أدانت الكنيسة الكاثوليكية، الحرب وقالت إنها لن تحل شيئا وستزيد الكره ورغبة الانتقام، وقد خصصت يوما للصلاة تلبية لدعوة بابا الفاتيكان، الذى طالب بتخصيص آخر جمعة فى أكتوبر الماضى للصلاة من أجل السلام.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة