ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية وأمريكية أن تكلفة الحرب الاسرائيلية على الشعب الفلسطينى فى غزة وصلت لنحو 60 مليار دولار، بعد مرور ثلاثة أشهر بالضبط منذ اندلاع الحرب على قطاع غزة، وأكدت الصحف الإسرائيلية أن الخسائر الاقتصادية لتلك الحرب خلال 90 يوما من الحرب بلغت نحو 217 مليار شيكل، وتشمل هذه التكلفة كلا من الميزانية القتالية للجيش والمساعدات الواسعة للاقتصاد فى جميع المجالات.
كما بلغت تكلفة اليوم القتالى لجيش الاحتلال فى شهر أكتوبر بما فى ذلك الخدمة الاحتياطية الأولية لحوالى 360 ألف جندى تم استدعاؤهم مليار شيكل، وبعد التسريح الجماعى لعشرات الآلاف من الجنود مؤخرا تبلغ التكلفة حاليًا حوالى 600 مليون شيكل يوميا، فيما تقرر الاستمرار فى دفع مبلغ 300 شيكل يوميا لكل جندى احتياط يتم تجنيده حتى نهاية عام 2024، فقط هذه المدفوعات ارتفعت حتى الآن إلى نحو تسعة مليارات شيكل.
وعلى المستوى المدنى، تصل التعويضات بالفعل إلى عشرات مليارات الشواكل، ولكن حتى هذه التعويضات تنخفض بسبب عودة الاقتصاد إلى النشاط الكامل تقريبًا، فاعتبارًا من شهر ديسمبر، لم تعد التعويضات الكاملة بنسبة 100% تُدفع للشركات التى تأثر دخلها فى بئر السبع وأشدود.
ومن المتوقع حتى الآن أن تدفع الدولة للشركات المتضررة من دورات النشاط فى الأشهر الثلاثة الأولى حوالى 10 مليارات شيكل.
أيضا هناك نحو 125 ألف نازح من الشمال والجنوب، والذين تصل تكلفة دعمهم إلى مليارات الشواكل.
ويحصل كل من يقيم فى فندق على 6000 شيكل شهريا للشخص البالغ، و3000 شيكل للطفل، وفى الوقت الحالى، يبدو أن العديد من الأشخاص الذين تم إجلاؤهم لن يتمكنوا من العودة إلى منازلهم فى الأشهر المقبلة.
وأكدت صحيفة يديعوت احرونوت أن الأضرار التى لحقت بالاقتصاد الإسرائيلى خطيرة، وبلع العجز الكبير 111 مليار شيكل فى الميزانية.
ويواجه الاقتصاد الإسرائيلى تحديات متلاحقة منذ اندلاع حرب السابع من أكتوبر، مع ارتفاع الإنفاق الحكومى والاقتراض، وانخفاض عائدات الضرائب، إلى جانب تراجع مردودية قطاعات اقتصادية مؤثرة، حيث خفّض بنك إسرائيل المركزى، أسعار الفائدة على الاقتراض قصير الأجل للمرة الأولى منذ ما يقرب من أربع سنوات، لتكون إسرائيل أول دولة متقدمة تيسر سياستها النقدية، وفقا لرويترز.
واتجه البنك المركزى لخطوة سعر الفائدة القياسى بمقدار ربع نقطة من 4.75 بالمئة إلى 4.50 بالمئة، بعد صدور بيانات أظهرت ضعف الاقتصاد وتراجع التضخم نتيجة لحرب إسرائيل الدائرة ضد حماس فى غزة.
وقال البنك بحسب ما أعلنته قناة الحرة فى تقريرها الشامل حول خسائر الاقتصاد لدولة الاحتلال أن "للحرب تداعيات اقتصادية كبيرة سواء على النشاط الاقتصادى الحقيقى أو على الأسواق المالية، مؤكدا على حالة "عدم اليقين" فيما يتعلق بـ"خطورة الحرب المتوقعة ومدتها، وهو ما يؤثر بدوره على مدى تأثيرها على النشاط".
فى السياق ذاته، ذكر تقرير لصحيفة "واشنطن بوست"، نشرته بعض وسائل الاعلام أن تداعيات الهجوم على الاقتصاد الإسرائيلى كانت قوية، مشيرا إلى أن بعض الاقتصاديين يتوقعون "صدمة" شبيهة بالأضرار التى لحقته جراء جائحة فيروس كورونا، بينما يتوقع آخرون أن تكون "أسوأ" مع تضرر التصنيف الائتمانى للبلد.
وينتظر أن يعرف الناتج المحلى الإجمالى انخفاضا من توقعات، كانت تشير إلى من 3 بالمئة فى 2023 إلى 1 بالمئة فى 2024، بحسب أرقام بنك إسرائيل المركزى.
وقالت الصحيفة، أن تأثيرات الحرب على قطاع التكنولوجيا الفائقة الذى يعد محركا رئيسيا للاقتصاد الإسرائيلى "مثيرة للقلق"، موردة أن شركات عاملة فى المجال تكافح من أجل مواصلة استثمارها فى البحث والتطوير والحفاظ على حصتها فى السوق، فى ظل تجنيد الآلاف من عمالها.
و أعلنت وزارة المالية أن قرار منع دخول العمال الفلسطينيين منذ السابع من أكتوبر، يكلف البلاد أكثر من 800 مليون دولار شهريا.
ولم يكن القطاع السياحى بمعزل عن الصدمة الاقتصادية التى يواجهها البلد، حيث أن شواطئ تل أبيب والبلدة القديمة فى القدس خالية من الزوار الأجانب، كما ألغيت احتفالات أعياد الميلاد فى بيت لحم بالضفة الغربية.
ويعرف القطاع السياحى حالة من الانهيار مع انخفاض عدد السياح بنسبة 90 بالمئة، شهر نوفمبر، وفقا لأرقام لوزارة السياحة الإسرائيلية، ويأتى هذا الانخفاض الحاد فى الوقت الذى كان مسؤولو الوزارة يتوقعون تحقيق القطاع السياحى لأرقام قياسية للسياحة بعد التعافى العالمى من جائحة كورونا.
من جهته، يعانى قطاع البناء الذى يعتمد عادة على العمالة الفلسطينية من نقص كبير فى العمال، بعد أن علقت السلطات الإسرائيلية تصاريح العمل الخاصة بأكثر من 100 ألف فلسطينى.
كما عاد آلاف العمال الأجانب من الصين وتايلاند والفلبين ودول أخرى إلى بلادهم بعد الهجوم الصادم، مع توقف الاقتصاد، وفقا لصحيفة "تايمز أوف إسرائيل".
وأشارت الحرة نقلا عن الصحيفة إلى أنه، فى ظل هذا الواقع الجديد يتنافس المقاولون الإسرائيليون على عدد أقل من العمال، ويدفعون أجورا أعلى فى الساعة، آملين فى أن يؤدى قرار الحكومة بالسماح بدخول اليد العاملة الأجنبية فى تخفيف الصعوبات التى يواجهونها.
وإلى جانب كل ما سبق، بحسب قناة الحرة، انخفضت صادرات البلد فى جميع المجالات، وأغلقت حقول الغاز الإسرائيلية فى البحر الأبيض المتوسط، فى أيام الحرب الأولى قبل أن تستأنف نشاطها، وفقا لواشنطن بوست.
وأجرى زفى إيكشتاين، نائب محافظ بنك إسرائيل السابق والخبير الاقتصادى فى جامعة رايخمان، بحثا مع اقتصاديين آخرين، وأفادوا بأن التأثير على ميزانية الحكومة، بما فى ذلك انخفاض عائدات الضرائب، للربع الرابع من عام 2023 بلغ 19 مليار دولار ومن المحتمل أن يصل إلى 20 مليار دولار فى الربع الأول من عام 2024.
ويقول يارون زليخة، الأستاذ فى كلية أونو الأكاديمية، وهو خبير اقتصادى سابق فى وزارة المالية الإسرائيلية، أن تكاليف الحرب، تشمل الميزانية المخصصة للعمليات، والانخفاض الحاد فى النشاط الاقتصادى وما نتج عنه من انخفاض فى الإيرادات.
ويضيف الفاعل الاقتصادى، أنه ينتج عن العجز فى الإنفاق ارتفاع تكاليف الاقتراض، والتى ستؤثر على الميزانية لفترة طويلة حتى بعد انتهاء القتال.
وتسبب استدعاء قوات الاحتياط وعمليات النزوح، وباقى الآثار غير المباشرة للحرب فى "تعطيل ما يصل إلى 20 بالمئة من العمال الإسرائيليين".
ووقّع أكثر من 191 ألف إسرائيلى على طلبات الحصول على إعانة بطالة، منذ بداية الحرب فى السابع من أكتوبر وحتى أواخر الشهر الماضى، بحسب صحيفة "نيويورك تايمز".
وأظهر استطلاع للرأى أجرته مجموعة "لاتيت" أن 45 بالمئة من الإسرائيليين يعترفون بـ"القلق" من أن الحرب ستسبب لهم صعوبات اقتصادية.
وقال اقتصاديون للصحيفة، أن هجمات حماس كانت "كارثة"، أدت إلى تآكل ثقة المواطنين والشركات والمستثمرين فى الحكومة والجيش، مشيرين إلى أن استعادة هذه الثقة سيستغرق وقتا.
وبالرغم من التحديات الاقتصادية العميقة التى تواجه البلد، أعلنت وزارة المالية الإسرائيلية، الأسبوع الماضى، أن البلاد بحاجة إلى زيادة إنفاقها الدفاعى بنحو 30 مليار شيكل (8.3 مليار دولار) خلال العام المقبل، حسبما نقلته وكالة بلومبرغ.
وأشارت الوزارة إلى أن "الموازنة بشكل عام ستصل إلى نحو 562 مليار شيكل مقارنة بحوالى 513 مليار (139 مليار دولار) تم إقرارها مع طرح خطة الإنفاق فى مايو الماضي".
وبجانب الإنفاق العسكرى، قالت وزارة المالية إنها "ستكون بحاجة إلى 10 مليارات شيكل (2.7 مليار دولار)، لتغطية نفقات إجلاء نحو 120 ألف شخص من الحدود الشمالية والمناطق الجنوبية فى البلاد، وزيادة ميزانية الشرطة والجهات الأمنية الأخرى، بجانب إعادة بناء المستوطنات التى دمرتها حماس خلال هجوم السابع من أكتوبر".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة