تسعى الحكومة ممثلة فى وزارتى الموارد المائية والري والزراعة واستصلاح الأراضى للنهوض بزراعات قصب وبنجر السكر، وذلك في إطار البرنامج القومي للنهوض بـ المحاصيل السكرية ، لتحقيق أهداف إستراتيجية التنمية الشاملة والمستدامة التي تتبناها الدولة المصرية، وتماشياً مع التوجهات العامة للدولة للإرتقاء بزراعة وصناعة السكر في مصر إنعاكساً لرؤية مصر 2030.
وأولت القيادة السياسية المحاصيل السكرية اهتمامًا كبيرًا، ضمن خطتها الطموحة لتحقيق الاكتفاء الذاتي، والحفاظ على استدامة المحاصيل الاستراتيجية، ومضاعفة إنتاجيتها وتقليل معدلات استيرادها بالعملة الصعبة، وهناك أهمية لكل من قصب وبنجر السكر، كأحد أبرز المحاصيل الزراعية والصناعية في مصر بعد محصول القمح، حيث تبلغ المساحة المزروعة بالقصب نحو 330 ألف فدان، بينما تبلغ مساحة البنجر 650 ألف فدان.
أوضح المهندس محمد غانم المتحدث الرسمى باسم وزارة الموارد المائية والري أن هناك تعاون بين أجهزة الدولة المختلفة لتحقيق أفضل عوائد ممكنة تعود بالنفع على المزارعين بزيادة انتاحية المحاصيل السكرية ، بما يُسهم فى ترشيد إستخدام المياه وتعظيم العائد من وحدة المياه، وتقليل معدلات الإستيراد والمساهمة في سد الفجوة بين الإستهلاك والإنتاج المحلي من السكر، وترشيد استخدام الأسمدة وكافة تكاليف الإنتاج، وتخطى كافة العقبات التي تواجه زراعة وصناعة السكر لتحقيق الإكتفاء الذاتى.
وأضاف أن محصولى قصب وبنجر السكر من المحاصيل القومية ذات الأهمية الإستراتيجية ، كونهما من محاصيل الصناعات التحويلية الهامة كما يتداخلان في العديد من المنتجات الثانوية في كافة المجالات الزراعية والصناعية ، مشيراً إلى أنه تم توقيع بروتوكول مؤخرا مع شركة السكر والصناعات التكاملية المصرية والتابعة للشركة القابضة للصناعات الغذائية التى تٌعد أحد قلاع الصناعة الوطنية في مصر حيث تمتلك 8 مصانع سكر بصعيد مصر، وهي واحدة من أكبر منتجي السكر في مصر، ومن أقدم مصانع السكر في مصر وافريقيا والشرق الأوسط.
وأوضح أن يتم تنفيذ تعاون مشترك في مزارع إرشادية تطبيقية تستخدم نظم الري الحديث للنظر في تعميم التجربة حال نجاحها علي مختلف المحافظات بهدف التوسع في زراعة محصولي قصب السكر وبنجر السكر ، مع إمكانية التعاون لتجربة أصناف جديدة في هذه المزارع الإرشادية، مع التأكيد على التنسيق مع كافة الجهات المعنية للاستفادة من الخبرات المتاحة لديها للارتقاء بهذه الزراعة وتقديم كافة أشكال الدعم الفني والبحثى.
وأضاف غانم أنه سيتم تحفيز مزارعي قصب السكر في المزارع الإرشادية التطبيقية الواقعة تحت إشراف وزارة الموارد المائية والري بمبلغ مالي قدره 5 آلاف جنيه يتم دفعه للمزارعين الملتزمين بإستخدام أساليب الري الحديث على ألا يقل معدل إنتاجية الفدان عن 50 طن في الموسم مع توريد المحصول كاملاً إلى أحد مصانع السكر التابعة لشركة السكر والصناعات التكاملية المصرية بأي من المحافظات المختلفة ، مع قيام الشركة أيضاً بدعم مزراعي محصولى بنجر وقصب السكر من خلال توفير جزء من قيمة الشتلات اللازمة بواقع "واحد جنيه" من قيمة الشتلة الواحدة شريطة ألا يقل معدل إنتاجية الفدان عن 50 طن بالموسم.
وأوضح الدكتور محمد أبو بكر بخيت، أن السكر يُنتج من محصولين رئيسيين هما قصب السكر وبنجر السكر، حيث يمثل القصب حوالي 65% من إنتاج السكر عالميًا، بينما يمثل البنجر 35%، مؤكدًا أن الاعتماد على القصب يعود إلى العصور القديمة، في حين يعتبر البنجر من محاصيل العصر الحديث، ومؤخراً أعلن مجلس الوزراء سعر توريد طن قصب السكر 2500 جنيه، وسعر توريد طن بنجر السكر 2400 جنيه، وذلك في إطار تشجيع المزارعين على زراعة تلك المحاصيل الاستراتيجية المهمة، والتوسع في زراعتها وزيادة الإنتاجية منها وفقا لتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية؛ بما يسهم في سد احتياجات السوق المحلية، وتقليل فاتورة استيرادها من الخارج، بالإضافة إلى تخفيف الضغط على العملة الأجنبية، فضلا عن زيادة دخل المزارعين، ورفع مستوى معيشتهم، علاوة على زيادة تشغيل المصانع بأقصى طاقة ممكنة.
أوضح الدكتور محمد أبو بكر بخيت – رئيس قسم المعاملات السابق بمعهد بحوث المحاصيل السكرية، أن مصر كانت مكتفية ذاتيًا من السكر في السبعينيات، وكان الاعتماد حينها على قصب السكر فقط، لكن الزيادة السكانية المتسارعة ضاعفت معدلات الاستهلاك، ما دعا الدولة إلى الاعتماد على كلا المحصولين القصب والبنجر.
وأضاف أن بنجر السكر بدأ في الثمانينيات وشهد تطورًا كبيرًا حتى عام 2015، حيث أصبح البنجر المنتج الرئيسي للسكر في مصر بسبب زيادة المساحات المنزرعة به وتطور المصانع التي تعالجه، مشيراً إلى أن إنتاجية السكر من البنجر تجاوزت القصب بعد عام 2015، وفى عام 2023 بلغ إنتاج السكر من القصب نحو 700 ألف طن فقط، مقارنةً بنحو مليون طن في السنوات السابقة، بينما يتراوح إنتاج السكر من البنجر بين 1.5 إلى 1.7 مليون طن.
و أوضح بخيت أن زراعة القصب والبنجر تساهم بشكل كبير في توفير المادة الخام لإنتاج السكر، مشيرًا إلى أن استهلاك مصر من السكر يصل إلى نحو 3.25 مليون طن سنويًا، ومع ذلك، فإن نسبة الاكتفاء الذاتي في العام الماضي بلغت 86%.
و أشار إلى أن حوالي 68-69% فقط من المساحة المزروعة بالقصب تستخدم في إنتاج السكر، بينما يتم توجيه باقي المحاصيل لأغراض أخرى مثل إنتاج العسل وتوفير البذور، مشيراً إلى أن زراعة قصب السكر في مصر تتم في موسمين رئيسيين، هما: الموسم الخريفي والذي يبدأ من أواخر سبتمبر حتى منتصف أكتوبر، بالإضافة للموسم الربيعي الذي يبدأ في مارس، ويعتبر الموعد الأمثل للزراعة.
وأوضح بخيت أن محصول البنجر يزرع في ثلاث عروات، وهى العروة المبكرة والتى تبدأ من منتصف أغسطس حتى منتصف سبتمبر، و العروة المتوسطة تبدأ من نهاية سبتمبر حتى منتصف أكتوبر، و العروة المتأخرة تستمر حتى منتصف نوفمبر.
وأضاف أن زراعة البنجر تخضع لعدة حوافز من شركات السكر المتعاقدة مع المزارعين، بما في ذلك علاوة تبكير وعلاوة السكر، بينما يعتمد حساب سعر قصب السكر على الطن المورد فقط، دون اعتبار لنسبة السكر.
وأضاف أن قصب السكر يعد أحد الحاصلات المعمرة، ويتم زراعته في السنة الأولى، وتستمر إنتاجيته لمدة خمس سنوات دون الحاجة لإعادة الزراعة، مشدداً على أهمية البدء باستخدام تقاوي سليمة لتحقيق إنتاجية عالية على مدار تلك السنوات، موضحًا أن التقاوي المأخوذة من "الغرس" الربيعي تعطي أفضل النتائج، حيث تُنتج دورة محصولية قوية ومستدامة مقارنة بالتقاوي المأخوذة من الخلفات القديمة مثل الخلفة الثانية أو الثالثة أو الرابعة، التي قد تؤدي إلى تقليل الكثافة النباتية وبالتالي انخفاض إنتاجية الفدان.
أضاف أن التقاوي تمثل حجر الأساس في الزراعة، وهو ما يفرض ضرورة الاستعانة بالتقاوي المخصصة لزراعة قصب السكر من محصول الغرس، ويجب أن تكون من نباتات سليمة وقائمة وليس من نباتات راقدة على التربة، محذرًا من تبعات استخدام التقاوي المصابة بأي آفات أو أمراض، حيث قد تؤدي إلى ضعف نسبة الإنبات وبالتالي تقلل من الإنتاجية.
وأكد أنه يجب على المزارعين تقديم عناية خاصة للحقول المخصصة لاستخراج التقاوي، مع الاهتمام بتطبيق معاملات تسميد مناسب وعناية فائقة بالنباتات و أن يكون العود المستخدم في زراعة التقاوي يعتمد في إنباته على الغذاء المخزن فيه، وبالتالي كلما كانت التقاوي مسمدة بشكل جيد وخالية من الأمراض، زادت فرص نجاح الإنبات وتحقيق إنتاجية عالية.
و هناك عدة عوامل أخرى تساهم في زيادة إنتاجية الفدان من قصب السكر والبنجر، حيث تعتمد هذه العوامل على اتباع المزارعين للتقنيات الزراعية السليمة، بما في ذلك العناية بالتربة واستخدام التقاوي الصحيحة وتوفير الري المناسب والتسميد الجيد.