رغم أن الفوز بجائزة نوبل فى الأدب وهى الجائزة الأرفع عالميا فى هذا المجال، أمنية أى كاتب وأديب حول العالم، إلا أن هذه الجائزة الكبرى أحيانا تتحول إلى نقمة ولعنة تصيب أصحابها، فالبعض بعد أن يحصل على هذه الجائزة إما أن يصاب بالسكتة الإبداعية أو أنها تصبح لعنة تنهى حياته بعد بفترة قصيرة.
فى كتاب "جائزة نوبل.. أزمة ثقة" للكاتب عزمى عبد الوهاب، والصادر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب تتبع لعنة نوبل التى أصابت الشاعر الإيطالى جوزويه كاردوتشى (27 يوليو 1835 - 16 فبراير 1907) والذى لُقب بشاعر البلاط، أحد الفائزين بجائزة نوبل فى الأدب عام 1906، وأول إيطالى يحصد تلك الجائزة.
يقول "عزمي" إن لعنة نوبل أصابت كاردوتشى عندما مات بعد حصوله عليها بأسابيع قليلة، أى فى 16 فبراير 1907؛ وقتها ظهرت الأعمال الكاملة للشاعر فى عشرين جزءًا ضمت دواوينه المشهورة "أشعار جديدة" المنشور عام 1872، و"قصائد متوحشة" المنشور عام 1877، كما ضمت أعماله الكاملة كتابين من إبداعاته النثرية تحت عنوان "نثر جوزويه كاردوتشي" نشرت بعد وفاته بعام واحد، كما نشرت مختارات من أعماله الشعرية والنثرية جمعها بعض تلاميذه.
الشاعرة الأمريكية لويز جلوك، الحاصلة على جائزة نوبل فى الأدب لعام 2020، هى الأخرى أصيبت بلعنة نوبل، فالكاتبة التى حصلت أهم الجوائز الأدبية العالمية، نظرا لبراعة صوتها الشعرى الذى لا لبس فيه، والذى يجعل الوجود الفردى عالمياً بجماله الصارم، لم تكتب بيتا واحدا منذ إعلان فوزها بالجائزة والتى أصبحت بفضلها أول شاعرة أمريكية تحصل عليها منذ 70 عاما حين حصلت عليها تى إس إليوت، بل إنها سرعان ما بدأت تتدهور صحتها بعدها بشهور بسيطة، ولم يكد يمر عامين على إعلان فوزها حتى رحلت عن عالمنا، وأعلن أصدقاء الكاتبة الراحلة لصحيفة "نيويورك تايمز"، أن جلوك "توفيت بالسرطان فى منزلها فى كامبريدج، ماساتشوستس".
والكاتب الأردنى الكبير فخرى صالح، تساءل عبر صفحته الشخصية على موقع التواصل الاجتماعى "فيس بوك" هل تقضى نوبل على أصحابها إبداعيا، ونقل ما قال أحد الكتاب الحاصلين على جائزة نوبل للآداب فى تصريحات نشرتها صحيفة الباييس الإسبانية، قائلًا: إن الحصول على الجائزة غير مؤلم، لكنه (بمعنى من المعاني)، يقضى إبداعيًّا على الحاصلين عليها، بعضهم لا يكتب شيئًا ذى أهمية بعد أن ينالها. وهو يضرب أمثلة على استنتاجه: كاميلو خوسيه سيلا، لو كليزيو، نادين غورديمر، هيرتا مولر.. هم يموتون بالسكتة الإبداعية.
الأمر ربما اتضح أكثر، بعدما كشف الأديب الصينى مو يان الحائز على جائزة نوبل فى الأدب عام 2012، أنه استخدم برنامج الذكاء الاصطناعى ChatGPT لكتابة خطاب إشادة بزميله المؤلف يو هوا، وأضاف: "قبل أيام قليلة، كان من المفترض أن أكتب إشادة به كما أفعل ذلك عادةً، لكننى عانيت لعدة أيام ولم أستطع التوصل إلى أى شيء، لذلك طلبت من طالب دكتوراه مساعدتى باستخدام شات جى بى تي، وفقًا لجريدة "جنوب الصين الصباحية" South China Morning Post، كان هناك "شهقة مسموعة" من الجمهور عندما اكتشفوا أن الحائز على جائزة نوبل صاغ خطابه باستخدام الذكاء الاصطناعي.