لا تزال أوروبا تعانى من التضخم والأزمة الإقتصادية، ويظهر اقتصاد منطقة اليورو علامات ضعف أقوى مما توقعه البنك المركزي الأوروبى، وخاصة في الاستهلاك والإنتاج.
ويأمل محافظو البنوك المركزية في أن يستقر كل شيء في الأشهر المقبلة، لكنهم يحذرون أيضًا من أن رفع سعر الفائدة في عام 2022 سيستمر في الضغط على الاقتصاد لسنوات، وسيكون الاختبار الحقيقي عام 2025.
وانتهى اجتماع البنك المركزي الأوروبي في شهر سبتمبر دون مفاجآت كبرى: فكما كان متوقعاً، خفضت المنظمة أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس، وحدَّثت جدول توقعاتها للاقتصاد الكلي بخفض تقديرات النمو لمنطقة اليورو هذا العام والعامين المقبلين بمقدار العُشر.
ونشر محضر الاجتماع تفاصيل أهم النقاط التي تم تسليط الضوء عليها في النقاش بين أعضاء مجلس الإدارة، ويخرج بعدة استنتاجات، والسبب الرئيسي هو أن البنك المركزي الأوروبي واثق من الوصول إلى هدف التضخم في العام المقبل، وهو نجاح يرتبط مع ذلك بالتدهور الاقتصادي في اقتصاد الكتلة الذي يثير قلق محافظي البنوك المركزية بشكل متزايد.
وكان ماريو دراجى، الرئيس السابق للبنك المركزى الأوروبي ورئيس الوزراء الإيطالى السابق، المعروف بـ "منقذ اليورو"، تحذيرا شديد اللهجة بشأن التدهور الاقتصادى المتزايد فى القارة العجوز، واصفا الوضع بأنه "موت بطئ " ناجم عن سنوات من الإهمال الاقتصادى والاستثمارى.
وقالت صحيفة الباييس الإسبانية فى تقرير لها نشرته على موقعها الإلكترونى، إن الرئيس السابق للبنك المركزى أثار قلقا كبيرا حول الوضع الاقتصادى فى أوروبا، حيث أنه حذر من أن أوروبا تواجه معاناة اقتصادية إذا لم تتخذ إجراءات فورية وقوية، كما يحذر التقرير، الذى كلفت المفوضية الأوروبية بتقديمه إلى رئيستها أورسولا فون دير لاين، من افتقار القارة إلى القدرة التنافسية فى مواجهة قوى مثل الصين والولايات المتحدة، وحث على إصلاح الهيكل السياسى والاقتصادى لتجنب التدهور.
ووفقا لتقرير نشرته صحيفة لابانجورديا الإسبانية فإن العلامات التي تشير إلى أن التضخم يسير على الطريق الصحيح نحو الهدف واضحة، "معظم قراءات التضخم، بما في ذلك تلك التي تحتوي على محتوى عالٍ للتنبؤ بالمستقبل، مستقرة عند مستويات تتفق مع هدفنا"، كما توضح الوثيقة. البيانات الوحيدة التي لا تزال مثيرة للقلق بهذا المعنى هي التضخم المحلي، والذي يرتبط أكثر بقطاع الخدمات، والذي حذرت رئيسة البنك المركزى ، كريستين لاجارد، بالفعل قبل عام واحد من أنه أصبح العقبة الأخيرة التي يتعين عليهم تخفيفها لتحقيق النصر.
ويسلط المحضر الضوء على أن "التضخم المحلي لا يزال مرتفعا بسبب زيادات الأجور"، لكنهم يدركون أيضا كيف "من المتوقع أن يكون الانخفاض المتوقع في نمو الرواتب العام المقبل هو المساهم الرئيسي في المرحلة الأخيرة من تباطؤ التضخم حتى الوصول إلى الهدف"، كما يوضح المحضر.
وبهذه الطريقة، تركز المنظمة بشكل كامل على بيانات التضخم المحلي، لكنها تدرك أن الوضع قد يتغير، ولا تستبعد أنه في المستقبل، سيتعين تسريع أو تأخير معدل تخفيضات أسعار الفائدة، اعتمادًا على الظروف.
ووفقا للتقرير فإنه لا شك أن أعضاء البنك المركزي الأوروبي يدركون أن السياق الحالي الذي يعيشه الاقتصاد الأوروبي يتسم بالضعف، وأن الهشاشة التي أظهرها التعافي أعظم مما توقعوا، وخاصة على جبهة الاستهلاك والإنتاجية. وعلى الرغم من كل شيء، فإن السيناريو الذي يديره البنك المركزي الأوروبي خلال الأرباع القادمة يستبعد حدوث ركود في منطقة اليورو.
ويرتبط الضعف الذي يشهده التعافي الاقتصادي في منطقة اليورو بشكل مباشر بارتفاع أسعار الفائدة، ويُظهر محضر اجتماع سبتمبر كيف يراقب البنك المركزي الأوروبي عن كثب تأثير رفع أسعار الفائدة لعام 2022 على الاقتصاد، ويرى أنه لا يزال يعوق النمو في المنطقة.
علاوة على ذلك، فإنهم يحذرون من أنها ستستمر على الأرجح في القيام بذلك لفترة طويلة من الزمن، وجاء في الوثيقة: "تستمر السياسة النقدية في التأثير على الاقتصاد، ويشير التحليل إلى أن آثار ارتفاع أسعار الفائدة قد تستمر لعدة سنوات قبل أن تتبدد بالكامل".
سيكون الاختبار الحقيقى عام 2025
ورغم أن كل شيء يبدو وكأنه يهدف إلى تحقيق هدف التضخم في الأمد المتوسط، فإن أعضاء البنك المركزي الأوروبي لا يريدون ادعاء التقدم والإزدهار، والواقع أن حالة عدم اليقين بالنسبة لهم لا تزال كبيرة إلى الحد الذي يجعلهم لا يستبعدون أن ينتهي الأمر بالتضخم إلى الانخفاض إلى ما دون هدف الـ 2% الذي تسعى المنظمة إلى تحقيقه. يجب ألا ننسى أن الزيادة في الأسعار بلغت 1.8% بالفعل في سبتمبر.
وتحت عنوان "أوروبا فى خطر" قدم دراجى تقريره الذى أثار قلق العديد من الخبراء الآخرين، حيث أنه قال " لقد وصلنا إلى نقطة حاسمة إذا لم نتحرك فسوف نضطر إلى تعريض بيئتنا ورفاهيتنا وحريتنا للخطر"، مضيفا "علينا مواجهة التحديات التى أمامنا بمزيد من الجدية".
وتشمل الإصلاحات التى تقترحها الحد من البيروقراطية، وتبسيط العمليات التشريعية والتنسيق حول استراتيجية صناعية قوية.