نجيب محفوظ يفوز بجائزة نوبل 1988.. هل كان نائما لحظة معرفته الخبر؟

الأحد، 13 أكتوبر 2024 07:00 م
نجيب محفوظ يفوز بجائزة نوبل 1988.. هل كان نائما لحظة معرفته الخبر؟ نجيب محفوظ
كتب محمد فؤاد

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

تمر اليوم ذكرى حصول الأديب المصري الكبير نجيب محفوظ على جائزة نوبل في الأدب، ليكون أول مصري وعربي يحصد هذه الجائزة العريقة التي تعد أهم وأعرض جائزة عالمية، وذلك في 13 أكتوبر 1988، وفى ضوء ذلك نستعرض لكم كيف استقبل أديب نوبل خبر فوزه بالجائزة.

حسب ما جاء في كتاب صفحات من مذكرات نجيب محفوظ للكاتب الكبير رجاء النقاش،  يقول رجاء النقاش في كتابه وعلى لسان نجيب محفوظ: لم يكن من بين أحلامى الحصول على جائزة نوبل فى الأدب، ولم أتطلع إليها فى يوم من الأيام، وكنت أعجب من الكتاب العرب المهتمين بها، ربما يعود ذلك إلى أسباب كثيرة، منها: أننا جيل نشأ على "عقدة الخواجة"، وهى العقدة التى أحدثت فى نفوسنا نوعا من عدم الثقة بإمكانياتنا، خاصة أن ذلك العصر كان مليئًا بالعمالقة من الكتاب العالميين، الذين كانوا يمثلون بالنسبة لى رومزًا وأساتذة‏ مثل: برنارد شو وتوماس مان وأناتول فرانس، وجان بول ستار‏ وألبير كامى، كما كان لدينا كتاب عمالقة من أمثال عباس محمود العقاد الذى كنت أرى أنه يستحق الجائزة عن جدارة، وربما فاق فى موهبته عددًا من الأدباء الذين حصلوا عليها، لم أضع جائزة نوبل فى ذهنى أبدَا، وأحمد ‎الله على ذلك،‏ فلو كنت أعطيتها اهتمامًا مبالغًا فيه لكان حدث لى "حرق دم" من متابعتها سنويًا، أو من انتظار وصولها إلى، وحتى يوم إعلان الجائزة، الخميس 13 أكتوبر 1988، لم يكن عندى أى توقع للفوز بها، ذهبت إلى جريدة "الأهرام" كعادتى، وجلست مع الأصدقاء والزملاء،‏ وتحدثنا في موضوعات شتى، كان من بينها "جائزة نوبل" المنتظر إعلانها فى ذلك اليوم، وقلت لهم إننا  سوف نقرأ فى الصفحة الأولى من "الأهرام" يوم غد الجمعة خبرًا صغيرًا عنها كالمعتاد، ونعرف من فاز بها!. وعدت إلى البيت، وكانت زوجتى بمفردها ترتدى زى المطبخ وتكاد تنتهى من إعداد الغداء، أما ابنتاى فهما فى عملهما، تناولت الغداء ودخلت عرفة النوم لأستريح؛ ولم تمض دقائق معدودة إلا ووجدت زوجتى توقظنى من النوم فى لهفة: "قوم.. قوم.. "الأهرام" اتصلوا بك وبيقولوا إنك أخذت جائزة نوبل"!.

فاستيقظت وأنا فى غاية الغضب، معتبرًا كلام زوجتى مجرد هلوسة خاصة بها، لأنها منذ عدة سنوات، وهي دائمة الحديث عن جائزة نوبل وأحقيتى فى الفوز بها، وكنت أقول لها إننى أرجوها أن "تعقل" وتفهم أن جائزة نوبل ليست سهلة المنال؛ كما أننى لا أفكر فيها، وأرجوها ألا تأتى بسيرتها أمامى، أو تفكر هى فيها، كنت أقول لها إن حياتنا ممتازة ومستورة، ولا أريدك أن تتصورى أنه سيحدث لنا مثلما يحدث فى كتاب "ألف ليلة وليلة" من مفاجآت خيالية، وفيما أتكلم مع زوجتى دق جرس التليفون، وكان المتحدث الأستاذ محمد باشا الصحفى بالأهرام، وبادرنى بالتهنئة: "مبروك يا أستاذ؛!. فرددت عليه: "خير إن شاء الله"، قال لى إننى فزت بجائرة نوبل، فلم أصدقه، فأعطى سماعة التليفون إلى الأستاذ سلامة أحمد سلامة مدير تحرير الأهرام الذى حدثنى بصوت تملؤه الفرحة:"مبروك يا أستاذ.. شرفتنا"!. و"جاءتنا نتائج جائزة نوبل وأنت فزت بجائزة الأدب"..

حتى تلك اللحظة كنت أظن أنها مجرد دعابة من الأستاذ محمد باشا، وأنه ربما أراد أن يدبر لى مزاحًا باردًا، واستعان بأى شخص بجانبه يمكنه تقليد صوت الأستاذ سلامة أحمد سلامة، ولكن لم تمض سوى دقائق معدودة؛ كنت أجلس خلالها فى فراشى محتارًا وغير مصدق، حتى دق جرس باب الشقة، وفتحت زوجتى الباب وهى بعد بملابس المطبخ، ودخل رجل طويل ومعه مجموعة من المرافقين، فنهضت من فراشى، إلى الصالة مرتديا ملابس النوم "البيجامة"، ونظرت إلى الرجل الذى حسبته فى البداية صحفيًا، وفوجئت بأحد مرافقيه يقدمه لى:"سعادة سفير السويد وحرمه".

هنأنى السفير بالجائزة وقدم لى هدية رمزية عبارة عن قدح من البنور أشبه بصناعات خان الخليلى، واستأذنت منه ودخلت غرفتى وارتديت بدلة، لأننى تأكدت أن المسألة جد، وبمجرد انصراف سفير السويد بالقاهرة تحولت شقتى الصغيرة إلى شىء أشبه بالسوق، صحفيون ومصورون ومهنئون وفرحة غامرة فى المكان، وأحاديث صحفية سريعة، والتليفون لا يتوقف عن الرنين، وأحيانًا أرد بنفسى، وأحيانًا يتولى صديق أو أحد الصحفيين الموجودين معى فى البيت الرد، وابل من الأسئلة‏ وكنت أجيب بما أستطيع الإجابة به فى‏ مثل هذا الحدث الطارئ الذي لم أحسب له حسابًا من قبل، وكانت زوجتي في غاية الحيرة وهي وحدها في المنزل، تحاول القيام بواجب الضيافة قدر استطاعتها.










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة