عصام عبد القادر يكتب: عن توطين الصناعة: ماهية التوطين.. دور البنية التحتية.. استلهام رؤى القيادة السياسية

الأحد، 13 أكتوبر 2024 03:59 ص
  عصام عبد القادر يكتب: عن توطين الصناعة: ماهية التوطين.. دور البنية التحتية.. استلهام رؤى القيادة السياسية عصام عبد القادر

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

يُسهم القطاع الصناعي لدى العديد من الدول المتقدمة في إحداث تنمية حقيقية تؤثر بصورة إيجابية على المجالات التنموية الأخرى؛ حيث تدعم الدخل القومي وتستثمر الطاقات البشرية وما لديها من خبرات ومهارات نوعية في العديد من أنماطها، كما تضيف إلى الرصيد الخبراتي وتعظم من موارد الدول المادية؛ لتستطيع أن تعمل وفق استراتيجية واضحة على توطين معظم الصناعات بها.

وإذا ما طالعنا ممارسات الدول الصناعية الكبرى على أرض الواقع نجد أنها تتعامل مع مواردها وفق مبدأ الاستغلال، الذي يعني في مضمونه استخدام المورد الخام والوصول به للمنتج في صورته النهائية والصالح للاستعمال ويحقق أوجه الاستفادة منه على المستويين المحلي والعالمي، والاهتمام بتحسين وتطوير هذه المنتجات يضيف إليها القيمة التي لا تقف عند حد التوطين، بل تتعداها للتنافسية والريادة.


وهناك علاقة طردية إيجابية بين التوطين والاستهلاك المحلي؛ حيث يساعد الأخير في عمليات التحسين والتطوير للمنتجات؛ إذ يدفع إلى تنامي الأيدي العاملة في مقابل معدلات الاستخدام أو الاستهلاك، ناهيك عن تعزيز مستويات الخبرة التي تكتسبها العمالة، وزيادة خطوط الإنتاج التي تستهدف الوصول لمراحل الاكتفاء والعمل على تلبية الطلب والحد من مساعي الاستيراد، وبلوغ غاية التصدير بعد تحقيق النجاح المحلي.
والدول التي ترغب في توطين صناعتها يتوجب عليها أن تمر بمراحل تلك الغاية الكبرى؛ حيث ضرورة توفير البنية التحتية التي تساعد في سهولة التنقلات، ودعم توفير متطلبات التصنيع، وتدشين الأسواق التي تستوعب المنتجات، والعمل على توفير المورد الخام بما يحقق المردود الاقتصادي من مراحل تصنيعه، وقد تمر عملية التوطين بعثرات تقوم الدولة على تذليها شيء فشيء حتى تستطيع المؤسسات والقطاعات الإنتاجية أن تصل لمرحلة التوطين الكامل.


وثمرات التوطين في المجال الصناعي نرصدها في توفير النقد الأجنبي اللازم لشراء المنتجات المستوردة، وفي ارتفاع القيمة الشرائية للعملة المحلية مقابل العملات الأخرى، يضاف لذلك أنه كلما شجعنا الصناعات المحلية وزاد الإقبال على شرائها فإن هذا الأمر له مردودًا اقتصاديًا لا يستهان به؛ إذ يسرع من وتيرة التوطين، بل ويحدث طفرة غير مسبوقة في الاقتصاد الوطني.


وتعد الدولة المصرية من الدول التي لها معدلات استهلاك مرتفعة في كثير من المنتجات الصناعية بمختلف تنوعاتها؛ لأن تعداد السكان بها يقارب المائة وعشر مليون نسمة، وفي ضوء الاحتياجات والوفاء بالمتطلبات نجد أن هناك ثمة عوائد ضخمة تأتي جراء القيمة الشرائية على المنتجات الصناعية بتنوعاتها المختلفة، وهذا ينبغي أن يستغل في فكرة العمل الدؤوب تجاه توطين معظم الصناعات، وهو ما أكده فخامة الرئيس في كثير من خطاباته وكلماته في العديد من المناسبات.


ودون مواربة نجد أننا نستلهم رؤى الرئيس في الدفع بمسار التنمية بوجه عام وتنمية الصناعة بوجه خاص؛ فهناك تحديات يصعب حصرها على كافة المستويات الداخلية والإقليمية والعالمية، والتي تحثنا بقوة إلى الأخذ بتوجه توطين كافة الصناعات الخفيفة منها والثقيلة في ضوء التطور التقني المتسارع، والدولة من ناحيتها تحاول توفير ما يلزم من دعم لوجستي يسهم في توطين الصناعة بربوع الوطن.


إن التنمية الصناعية التي تقوم على فلسفة التوطين تعتمد على إرادة سياسية وشعبية تدفع بمؤسسات الدولة أن تقدم صور التسهيلات الإدارية والتشريعية التي تهيئ المناخ الداعم لقطاع الصناعة، بل وتعمل الحكومة باعتبارها المنوط بها التنفيذ على توفير الدعم المادي والخبراتي في صورة تبادلات رسمية مع الدول المتقدمة في مجالات الصناعات المختلفة؛ لتدريب عمالة تمتلك المهارات والفنيات التي تسهم في تحقيق إنتاجية متميزة ذات جودة عالية، وجراء ذلك تزداد الربحية التي تصب في مصلحة الاقتصاد الوطني.


ونوقن بأن الدولة المصرية بفضل توجيهات قيادتها السياسية ومتابعتها المستدامة قد هيأت ومهدت البيئة المواتية والجاذبة للقطاع الصناعي وأطر الاستثمار المرتبطة به، ورصدنا جميعًا ذلك من خلال منهجية مشروعاتها التي اهتمت بتطوير وتدشين بنية تحتية قوية خلقت المناخ الداعم ليس للمجال الصناعي فحسب، بل لكل المجالات التنموية دون استثناء، وهذا يعد من ثمرات الرؤى المستقبلية ذات البعد الاستراتيجي للدولة وقيادتها الرشيدة.


وعلى قطاعات الدولة الصناعية الراغبة في التقدم والرقي والتي تستهدف توطين الصناعات بها أن تواكب التطور التقني في هذا المجال الذي يناله الحداثة كل يوم، وهذا دون شك لا يقف عند حد الإنتاجية فقط، بل يتعداه لمستويات رضا العميل الذي يقبل على عمليات الشراء، وهنا نعي توجيهات القيادة السياسية حيال توظيف التقنية ليس من قبيل الترف؛ لكن يترتب عليه خروج المنتج وفق معيارية قياسية تساعد في تأصيل فكرة التوطين وتحقق الفائدة المرجوة منها والمتمثلة في تنمية الخبرات وبلوغ الريادة في المجال.


وتطلعات الدولة المصرية وقيادتها السياسية الحكيمة نحو المستقبل نرصدها في الشراكات العالمية التي تبرم تباعًا وتستهدف فتح المزيد من الأسواق العالمية التي تستوعب صادرتنا ذات الطابع التنافسي في المجال الصناعي، وهذا يحقق المردود الاقتصادي المتمثل في زيادة الاستثمارات المحلية والأجنبية المباشرة، ويسرع وتيرة التنمية في المجالات الأخرى؛ حيث العلاقة بين أبعاد التنمية المستدامة يحكمها إطار شبكي متشعب.


ودعونا نذكر الجميع بأن جمهورية مصر العربية تمتلك العديد من الثروات المتمثلة في المواد والموارد الخام اللازمة للصناعة، منها النباتية بتنوعاتها؛ كالخضر والفاكهة والأقطان والكتان وقصب السكر، وغير ذلك، مما يصعب حصره، كما يتوافر فيها المعادن بصورها المتعددة والتي تعد لبنة الصناعات التعدينية ومنها، الفوسفات والبازلت والكوارتز والحديد والنيكل والكروم والبوتاس والتيتانيوم وغيرها أيضًا، مما يصعب ذكره، وهناك المورد الحيواني الذي يوفر مدخلات الصناعات الجلدية والألبان، ونشير هنا إلى أن هذه المقومات تسهم في توطين الصناعة؛ لتصبح مصر من الدول الرائدة والمنتجة والمصدرة في ضوء تعظيم القيمة المضافة لمقدراتها الصناعية.


لقد أشار الرئيس بشكل صريح إلى أن التنمية في بلادنا مرهونة بالشمولية وخاصة الصناعية منها، وهذا يعني حتمية العمل على توفير مقومات النهوض بالصناعة الوطنية؛ لذا سارعت الحكومة المصرية في توفير الأراضي والمدن والمجمعات الصناعية المدعومة بالمرافق من بنية تحتية متكاملة وشبكة طرق لوجستية قوية، بالإضافة إلى توفير برامج تمويلية مرنة للمستثمرين.


نتطلع لمزيد من النهضة الصناعية في بلادنا الحبيبة وخاصة فيما يرتبط بتدشين المشروعات الصناعية القومية بصورها المتعددة، كما نأمل في المزيد من الرعاية لأصحاب الابتكارات في هذا القطاع الذي يشكل قاطرة التنمية الاقتصادية؛ لتواكب النهضة الصناعية التطور العالمي وتستطيع أن تلبي الدولة احتياجات السوق المحلي والعالمي على حد سواء.. ودي ومحبتي لوطني وللجميع.







مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة