ينشغل الرأي العام في غانا، بقضية التعدين غير القانوني، هذه الأيام، إذ نظم الآلاف عدد من المظاهرات مطالبين الحكومة الغانية بإيقاف أنشطة التعدين غير القانوني، والتي أدت لرفع نسب التلوث بشكل كبير، وساهمت في تدمير الغابات والأنهار.
الحراك المكثف بدأ مطلع شهر أكتوبر الجاري، إذ ملأ آلاف المتظاهرين شوارع أكرا، عاصمة غانا، مطالبين بإنهاء التعدين غير القانوني في البلاد، والمعروف أيضًا باسم "جالامسى".
وأكد المتظاهرون وقتها، أنهم سيواصلون الضغط على الحكومة حتى تعالج هذه القضية وتأثيرها المدمر على البيئة، وفقا لموقع "أفريكا نيوز".
واستمرت المظاهرة التي بدأت الخميس 3 أكتوبر على مدار 3 أيام، مطالبين الحكومة بإنهاء التعدين غير القانوني، مشيرين لآثاره المدمرة على البيئة.
الكنيسة الكاثوليكية في غانا تنضم للاحتجاجات المناهضة للتعدين غير القانوني
انضمت الكنيسة الكاثوليكية، في غانا للاحتجاجات والدعوات الموجهة للحكومة الغانية، لوقف التعدين غير القانوني، والمعروف باسم "جالامسى".
ونظمت إيبارشية أكرا التابعة للكنيسة الكاثوليكية، الجمعة، مسيرة صلاة أطلق عليها "مسيرة صلاة بيئية احتجاجية ضد جالامسي"، وهي جزء من الدعوات العديدة لإدانة الدمار الذي يخلقه التعدين غير القانوني في البلاد، وفقا لموقع "pulse ghana"
والمسيرة الاحتجاجية، هي مجهود مشترك من مؤتمر كبار رؤساء الكنائس في غانا وبدعم من المسيحيين الكاثوليك والمهنيين، وشهدت المظاهرة خروج مئات الأفراد إلى الشوارع في رسالة إلى الحكومة لاتخاذ إجراء فوري.
بدأت المسيرة بصلاة تحضيرية في "كاتدرائية الروح القدس"، ثم وصلت إلى مقر الشرطة في العاصمة الغانية أكرا، وانتهت في كنيسة "المسيح الملك".
والكنيسة الكاثوليكية نفوذها الكبير ليس فقط من خلال توحيد المؤمنين الكاثوليك، ولكن أيضًا تواصلت مع أتباع الديانات الأخرى، وقادة المجتمع، ومجموعات المجتمع المدني، والمدافعين عن البيئة، والذين استجابوا لدعوتها وشاركوا في الاحتجاج.
ويهدف الاحتجاج إلى رفع مستوى الوعي على نطاق واسع بشأن العواقب الوخيمة التي يخلفها التعدين غير القانوني، وخاصة تدمير المسطحات المائية ومحميات الغابات والأراضي الزراعية.
وقدم المنظمون التماسا رسميا إلى المسئولين، مطالبين بإعلان حالة الطوارئ في أنشطة التعدين، وخاصة في المناطق الحساسة بيئيا مثل حواجز الأنهار، ومحميات الغابات، والمناطق المحيطة بالمسطحات المائية الرئيسية.
وأدى التعدين غير القانوني إلى تدمير مساحات شاسعة من أنهار وغابات غانا، مما ترك وراءه دمارًا كبيرًا بسبب التعدين غير المنظم.
الفن في مواجهة التلوث والتعدين غير القانوني
في استوديو فني متواضع يبعد حوالي 18 كيلومترًا عن أكرا، يحرك فنان يبلغ من العمر 26 عامًا ضمير الأمة، فيما يخص القضايا البيئية، إذ استخدم الفنان ديريك أباتى، المعروف على وسائل التواصل الاجتماعي باسم إينيل آرت، فنه كأداة قوية للتحدث ضد التدمير البيئي الناجم عن التعدين غير القانوني.
إذ يمتلئ استوديو أعماله، الذي يضم لوحات للزعيم الغاني الشهير كوامي نكروما، بالفرش واللوحات القماشية التي تناقش قضية التلوث والتعدين غير القانوني.
ففي لحظة لاقت صدى لدى العديد من الغانيين، زار نهر برا، أحد أكثر المسطحات المائية تلوثًا في غانا، واستخدم المياه البنية الملوثة بالمواد الكيميائية لإنشاء لوحة، وهي تصوير حي للأضرار التي تسبب فيها التعدين غير القانوني، وفقا لصحيفة "أفريكا ريبورت".
وانتشر عمله الاحتجاجي المبتكر على الفور على وسائل التواصل الاجتماعي، مما لفت الانتباه على نطاق واسع إلى فنه والأزمة البيئية التي تلوح في الأفق في غانا.
وقال: "لم أكن أعرف ماذا سأفعل عندما وصلت إلى هناك، أردت فقط أن أرى النهر بنفسي، ولكن في طريقي، خطرت لي فكرة مفادها: لماذا لا أستخدم المياه الملوثة في الرسم؟ هذا من شأنه أن يعبر عن الكثير أكثر مما تستطيع الكلمات أن تعبر عنه".
وكانت المياه ملوثة بالمواد الكيميائية لدرجة أنها تحولت إلى طلاء على لوحة الفنان أباتى، لتصبح تجسيدًا للتدمير.
وقال: "لقد كان الأمر محبطًا للغاية، أخبرني السكان المحليون أنهم اعتادوا شرب تلك المياه، لكنها الآن أصبحت بنية اللون لدرجة أن لا حياة فيها، لم أصدق ذلك، فقد تحول لون المياه إلى اللون البني".
لم تكن زيارت الفنان الغانى لنهر برا مجرد إبداع فني، بل كانت بمثابة رسالة ودعوة إلى العمل، وهو يعتقد أن الفن لديه القدرة على تجاوز الكلمات وإحداث تغيير حقيقي، ويقول: "الفن يشبه التحدث دون استخدام الكلمات، يمكنك أن تُظهر للناس ما يحدث بطريقة أكثر قوة من أي محادثة".
ولكن نشاطه لم يخلو من التحديات، فقد أعربت أسرته عن قلقها إزاء تورطه في مثل هذه القضية المشحونة سياسياً، قائلاً: "في نهاية المطاف، فإن الأمر يتعلق بمستقبل مياهنا وبيئتنا، ولا يمكننا أن نتحمل الصمت".
تأثير جالامسي على غانا
لقد أحدثت عمليات التعدين غير القانوني في غانا دمارًا كبيرًا في البيئة، فقد دمرت الغابات ولوثت الأنهار، وتحولت الأراضي الزراعية الخصبة إلى تربة قاحلة، وتحملت الأنهار الرئيسية مثل برا وأنكوبرا وأوتي وأوفين وطأة هذا الدمار، مما ترك الملايين بدون إمكانية الوصول إلى المياه النظيفة.
وأصدرت شركة غانا للمياه تحذيرات متكررة، مشيرة إلى ندرة المياه الشديدة كتهديد وشيك، وقال الخبراء إنه إذا لم يتم الحد من هذا الوضع، فقد تضطر غانا إلى استيراد المياه بحلول عام 2030.