الطبيب المصرى بغزة محمد توفيق في حوار لـ"اليوم السابع": أجريت 33 عملية مياه بيضاء على مدار 14 ساعة متواصلة.. لم يسبق لطبيب إجراء هذا العدد من العمليات في يوم واحد.. ونعمل بأقل الإمكانيات وتوفيق الله فوق كل شيء

الثلاثاء، 15 أكتوبر 2024 02:00 م
الطبيب المصرى بغزة محمد توفيق في حوار لـ"اليوم السابع": أجريت 33 عملية مياه بيضاء على مدار 14 ساعة متواصلة.. لم يسبق لطبيب إجراء هذا العدد من العمليات في يوم واحد.. ونعمل بأقل الإمكانيات وتوفيق الله فوق كل شيء الدكتور محمد توفيق الطبيب المصرى في غزة
حوار / أحمد عرفة

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

<< زيارتى الأولى للقطاع في أول مايو قبل غلق معبر رفح بأيام واستطعنا توفير الأجهزة والمعدات لإنشاء غرفة عمليات للعيون

<< أفضل اللحظات عندما يفقد أحد المصابين الأمل في عودة الإبصار له وتنجح العملية فيبكى من قدرته على الرؤية

<< أصعب الحالات عندما أجريت عملية لطفل انفجر فيه جسم مشبوه بعدما وضع الاحتلال متفجرات على علب الطعام

<< أحد المصابين كشف لى أنه كان بينه وبين معبر رفح أمتار للنجاة ليستهدفه صاروخ إسرائيلي ويقتل من معه واستطعنا إعادة بصره

<< استطعت إدخال غرفة عمليات كاملة لجراحة العيون والجهود المصرية كانت عظيمة في مساعدتي لإدخال المعدات

 

اختار أن يضحى بنفسه من أجل انقاذ عيون أشقائه الفلسطينيين، لم يبال يوميا بصواريخ ونيران الاحتلال، كل ما كان يشغله ذهنه فقط هو إعادة البصر للأطفال والشيوخ والنساء الذين أصابتهم قذائف الاحتلال، ترك عيادته في مصر وتوجه صوب أصعب وأخطر مكان في العالم الآن، قطاع غزة الذي يتعرض لحرب إبادة جماعية منذ أكثر من عام، لم يتوجه مرة واحدة بن مرتين، أصبحت قصته تجوب العالم أجمع، تحت عنوان الطبيب المصري الذي أجرى 33 عملية مياه بيضاء في يوم واحد، إنجاز يستحق أن يدخل به موسوعة جينيس، وفي نفس الوقت يدل على العدد الضخم من المصابين داخل القطاع، إنه الدكتور محمد توفيق استشاري جراحة الشبكية، والمقيم في قطاع غزة.

تجاوز أزمة نقص المستلزمات الطبية والأدوية، لم يوقفه إرهاب الاحتلال للقطاع الصحي الفلسطيني والتهديد بحصار واقتحام العديد من المستشفيات، كل هدفه هو تخفيف معاناة الفلسطينيين ومعالجة آلامهم، ليجرى 120 عملية جراحية خلال 30 يوما وهو رقم قياسي يحققه طبيب في ظل نقص حاد من الأدوات الطبية والأدوية، وافتقاد أي تكنولوجيا طبية حديثة تمكنه من إجراء كل هذا العدد من العمليات الجراحية في هذا التوقيت، ليكون إنجازه الأكبر في  إجراء 33 عملية جراحية في يوم على مدار 14 ساعة، وتصبح صورته وهو يرفع علامة النصر، وقد اتكأ على حائط المستشفى هي الصورة الأكثر تداولا على مواقع التواصل الاجتماعي، ويكون هو حديث العالم أجمع.

حاورنا الدكتور محمد توفيق، الذي لا زال يعيش في غزة ويجرى العشرات من العمليات الجراحية بشكل يومي، حيث تحدث معنا عن تفاصيل زيارته الأولى ثم الثانية لغزة، وكيف تمكن من الوصول للقطاع رغم غلق الاحتلال لمعبر رفح، وأصعب الحالات الصعبة التي واجهها خلال عمله في المستشفى الأوروبي بغزة، وأكثر الحالات التي أثرت عليه وكيف يجرى العمليات الجراحية في ظل نقص الأدوية والمستلزمات الطبية، ورسالته لأطباء العالم والمجتمع الدولي وغيرها من القضايا والموضوعات في الحوار التالي..

الدكتور محمد توفيق طبيب مصرى في غزة
الدكتور محمد توفيق طبيب مصرى في غزة

كيف كانت تجربتك الأولى عند دخولك غزة في ظل هذه الظروف الصعبة والعدوان الإسرائيلي على القطاع؟

زيارتي الأولى كانت في 1 مايو الماضي وكان الدخول عن طريق معبر رفح قبل إغلاق المعبر بأيام قليلة، حيث وصلت قطاع غزة خلال شهر مايو الماضي، لمدة 20 يومًا، وكان هناك تحديا كبيرا لإنشاء غرفة عمليات للعيون لعدم وجود أجهزة، لكن استطعنا توفير الأجهزة والمعدات.

كيف كان شعورك عندما دخلت القطاع لأول مرة؟

عندما دخلت غزة لم أصدق نفسي وكنت أشعر أنني في حلم، كانت الأمور ميسرة للغاية خصوصًا في الجانب المصري، والجميع هناك كان متعاونًا معنا للغاية ومقدر لجهودنا، وبعد أيام من دخولنا لغزة إلى مستشفى الأوروبي احتل الجيش الإسرائيلي معبر رفح وأصبحنا محتجزين هناك وخرجنا بأعجوبة عن طريق معبر كرم أبو سالم ثم إلى الأردن.

ما الذي دفعك للعودة مرة أخرى إلى القطاع في هذه الحرب رغم المخاطر الكبيرة؟

أتمنى لكم أن تزوروا غزة للمرة الأولى لتجيبوا بأنفسكم على هذا السؤال، فالشعور بالواجب تجاه أهل غزة هو ما دفعني لزيارة القطاع مرة أخرى، والحالات الموجودة هناك بحاجة لتدخل ضروري، فكنت سأشعر بالتقصير لو لم أعود مرة أخرى إلى غزة.

الدكتور محمد توفيق
الدكتور محمد توفيق

في يوم واحد أجريت 33 عملية جراحية.. كيف استطعت التعامل مع هذا الضغط الهائل نفسيًا وبدنيًا؟

أنا والطاقم العامل معي أخذنا على عاتقنا إجراء عمليات المياه البيضاء في العين لأنه منذ بداية الحرب لم يتم إجراء العمليات في غزة والناس تعاني هناك، فكان من اللازم تخصيص يوم لإجراء عمليات المياه البيضاء، وكان التوفيق من الله عز وجل أن أجرينا هذا العدد الكبير من العمليات، وكل ما حدث هو توفيق من الله سبحانه وتعالى، حيث أنه للمرة الأولى أنا والطاقم الذي معي نجري هذا العدد الكبير من العمليات، وأظن أنه لم يقم أحد قبل ذلك بإجراء هذا العدد من العمليات.

كيف مر هذا اليوم عليك؟

سبب إجرائنا هذا العدد الكبير من العمليات الجراحية للمياه البيضاء هو وجود أعداد كبيرة من المرضي تنتظر إجراء عمليات المياه البيضاء، وكان لابد أن نقوم بها في يوم واحد، لأن هذه العمليات ليس لها مجال خلال الـ30 يوما عمل التي تواجدت بها في غزة لإجراء عمليات الانفجار في العين وإزالة الشظايا وعمليات الشبكية، لذلك أجرينا هذا العدد الكبير من العمليات 33 عملية في يوم واحد، وفي هذا اليوم عملت مع طاقم من الأطباء والممرضين من الساعة 8 صباحا وحتى الساعة 10 مساء، وانتهى اليوم بإرهاق شديد.

الطبيب المصرى في غزة محمد توفيق
الطبيب المصرى في غزة محمد توفيق

هل واجهت أي لحظات خلال إجراء هذه العمليات أثرت عليك شخصيًا؟

هناك الكثير من الحوادث واللحظات، لكن أجمل اللحظات تكون عندما يظن أحد الأشخاص المصابين أنه فاقد الأمل في عودة الإبصار له وتنجح عمليته وتعود الرؤية له حينها يكون الشعور لا يوصف، والناس هنا تبكي من شدة الفرح بعد عودة النظر لها.

ما أكثر اللحظات المؤثرة التي مررت بها أثناء تقديم المساعدة الطبية في غزة؟

أكثر اللحظات تأثيرا عندما حكى لي أحد المصابين قصته عندما كان في طريقه للمعبر للسفر، حيث كان قد أرسل زوجته وأولاده إلى مصر وهو بينه وبين المعبر أمتار فقط ولكن تم استهداف سيارته ليصاب في عينيه ويستشهد من كان معه في السيارة، وهنا سرحت في خيالي في هذا الشخص الذى كان بينه وبين النجاة أمتار، لكن قدر الله كان أسرع، وكان هذا الشخص فاقد الأمل في عودة نظره، إلا أنه بفضل الله أجرينا له العملية وكانت ناجحة وكانت فرحته لا توصف.

كيف كانت تجهيزات المستشفيات في غزة خلال عملك؟

في الزيارة الأولى كان هناك الكثير من النقص ولكن بفضل الله استطعت إدخال غرفة عمليات كاملة لجراحة العيون بسبب أن المعبر كان مفتوحا وكانت الجهود المصرية عظيمة في مساعدتي لإدخال المعدات.

ماذا عن الزيارة الثانية؟

الزيارة الثانية للأسف كان هناك نقص كبير بالمعدات، حيث كان الجيش الاسرائيلي قد حاصر المستشفى الأوروبي، ودمر الكثير من المعدات، فالمستشفى أخليت تماما في 1 يوليو الماضي وأعيد العمل بها في 1 سبتمبر الماضي، وعدت إلى غزة في الزيارة الثانية في 30 سبتمبر وكان لدينا أمل في إعادة تشغيل غرفة العمليات ولم أكن أتخيل أن يكون الطاقم الطبي جاهزا للعمل .

محمد توفيق طبيب العيون المصرى في غزة
محمد توفيق طبيب العيون المصرى في غزة

كيف واجهت تحديات بنقص المعدات والمستلزمات الطبية والأدوية؟

نحن نعمل بأقل الإمكانيات ولكن توفيق الله فوق كل شيئ حيث نقوم بإنجاز عدد كبير من العمليات يوميا، حيث نعمل منذ 1 أكتوبر على عمليات إزالة شظايا من العيون وانفجار العين والشبكية ، وهناك تحديات صعبة نواجهها بشأن نقص الأدوية في المستشفى، حيث إن قطرة العين التي يوضع منها كل ساعة أصبح يوضع منها كل 5 ساعات، وبالتالي أصبح ما يستخدم مرة واحدة للمريض أو المصاب يستخدم عدة مرات.

وكيف يعمل فريق العمل معك في المستشفى الأوروبي؟

فريق العمل كان فوق الوصف والخيال فهم يعملون في ظروف فوق الطبيعية، ويذهبون للنوم في خيمة بدون كهرباء ويكون على رأس العمل صباح ثاني يوم، وكل شييء يكون جاهزا من أطباء وتمريض.

كيف أثر عليك العمل في ظل الظروف النفسية القاسية التي يعيشها سكان القطاع جراء الحرب؟

هذه الظروف هي ما جعلتني أخذ على عاتقي مساعدة هؤلاء الناس، فالوضع هنا في غزة صعبا للغاية، لا يمكن وصفه وأقل شيئ نقدمه لهم هو مساعدتهم.

هل يمكنك أن تروي لنا قصة أحد المرضى الذين أثرت قصتهم عليك بشكل خاص؟

كان هناك عملية أجريتها لطفل قد انفجر فيه جسم مشبوه، حيث كان الجيش الإسرائيلي يترك علب طعام يوجد بداخلها متفجرات، وكان الأطفال يظنون أنها معلبات طعام لكن بمجرد فتحها تنفجر فيها، وكان هناك طفل قمت بإجراء عملية له بعد اصابته بانفجار هذا الجسم المشبوه.

كيف ترى دور الأطباء في الحروب والمناطق المنكوبة؟

الأطباء هنا في قطاع غزة يعملون بإمكانيات صفرية ولكن النتائج تكون ناجحة للغاية، لكن رغم ذلك القطاع الصحي هنا منهار تماما حيث لم يتبق مستشفى إلا وقام الجيش الإسرائيلي بتخريبه.

ما هي رسالتك للمجتمع الدولي وللأطباء الذين قد يرغبون في تقديم المساعدة الطبية في غزة أو غيرها من مناطق النزاع؟

رسالتي للأطباء لا تبخلوا جهدا على أهل غزة فالوضع هنا كارثي للغاية و من يستطيع الوصول إلى غزة عليه ألا يتأخر ويجب زيادة المساعدات الطبية لأهل القطاع.

هل لديك أي خطط للمستقبل بشأن العودة إلى غزة أو مناطق أخرى في حاجة لمساعدة طبية؟

أنا أشعر الآن أنني من أهل غزة وعند مغادرتي لغزة أشعر وكأنني أريد العودة مجددا، وأنا بعد خروجي من غزة ليس كما قبل دخولي لها ، فغزة غيرت مفاهيم كثيرة في حياتي، وأنا أريد أن أخدم أهل غزة بكل ما أوتيت من قوة.

كيف يمكنك وصف تأثير العمل الإنساني على حياتك الشخصية؟

قلتها لك أنا تغيرت 180 درجة بعد دخولي غزة تغيرت تماما أنا بعد دخول غزة ليس كما قبله .

كيف تستطيع الحفاظ على طاقتك وعزمك في ظل كل هذه الصعوبات والضغط المستمر؟

هذا كله توفيق من الله أشعر وكأن الله يمدني بأكبر طاقة ممكن لمساعدة هؤلاء الناس، هنا الناس تعاني معاناة لا يمكن وصفها وكل ما أقوم به هو توفيق من الله ودعوات الناس هنا.

هل هناك أي رسالة تود توجيهها للعالم حول الوضع في غزة من خلال تجربتك الطبية؟

رسالتي للعالم هي رسالة واحدة فقط أنقذوا ما تبقى من هؤلاء الأبرياء وأوقفوا الحرب.







مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة