ساعي البريد نيرودا.. حكايات أنطونيو سكارميتا عن تشيلى الحزينة

الثلاثاء، 15 أكتوبر 2024 07:53 م
ساعي البريد نيرودا.. حكايات أنطونيو سكارميتا عن تشيلى الحزينة ساعي البريد نيرودا
محمد عبد الرحمن

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

في روايته الأشهر "ساعي البريد نيرودا" يتمكن الكاتب التشيلى "أنطونيو سكارميتا" من رسم صورة مكثفة لحقبة السبعينيات المؤثرة فى تشيلي، ويعيد فى الوقت نفسه بأسلوب شاعرى سرد حياة بابلو نيرودا، وفيها يحكى قصة صياد شاب يدعى ماريو خيمينث يقرر أن يهجر مهنته ليصبح ساعى بريد فى ايسلانيدرا، بـ تشيلى حيث الشخص الوحيد الذى يتلقى ويبعث رسائل هو الشاعر بابلو نيرودا، أحد أعظم الشعراء فى القرن العشرين.

رحل عن عالمنا، مساء اليوم، الثلاثاء، الكاتب التشيلي عن عمر يناهز 84 عاما أنطونيو سكارميتا، وهو صاحب الرواية الشهيرة "ساعي البريد نيرودا"، القصة التي كانت بمثابة الأساس للفيلم الأخير الذي قام ببطولته ماسيمو ترويسي. سكارميتا، الذي يحظى بشعبية كبيرة في وطنه أيضًا بفضل البرنامج التليفزيوني الناجح "عرض الكتاب"، يتذكره الدعاة الرئيسيون للسياسة والثقافة التشيلية.

تدور الرواية حول ماريو خيمينث صياد شاب يقرر أن يهجر مهنته ليصبح ساعي بريد في ايسلانيغرا، حيث الشخص الوحيد الذي يتلقى ويبعث رسائل هو الشاعر بابلو نيرودا، الشاب خيمينث معجب بنيرودا، وينتظر بلهفة أن يكتب له الشاعر إهداء على أحد كتبه، أو أن يحدث شيء بينهما، شيء أكثر من مجرد تبادل الكلمات العابرة، وتتحقق أمنيته في النهاية، وتقوم بينهما علاقة خاصة جداً ولكن الأوضاع القلقة التي تعيشها تشيلي آنذاك تسرع في التفريق بينهما بصورة مأساوية.. من خلال قصة شديدة الأصالة، يتمكن أنطونيو سكارميتا من رسم صورة مكثفة لحقبة السبعينيات المؤثرة في تشيلي، ويعيد في اللوقت نفسه بأسلوب شاعري سرد حياة بابلو نيرودا في عام 1994، نقل هذه الرواية إلى السينما المخرج ميشيل رادفورد، وأدى الدورين الرئيسين في الفيلم الممثلان فيليب نواريه وماسيمو ترويسي الذي مات بعد يوم واحد من انتهاء التصوير، وقد نال الفيلم جائزة الأوسكار لأفضل فيلم أجنبي لعام 1995.

وفى الرواية أيضا حكاية تشيلى الحزينة، حكاية التآمر على سلفادور الليندى وعلى كل الحالمين لهذا البلد، نراقب بحذر كيف تتسع دائرة الانتقام لتأخذ فى طريقها الشاعر الأشهر فى البلاد بابلو نيرودا، المحاصر فى بيته والمريض الذى يحتضر من الحمى وأشياء أخرى والسائل عن البحر "ألن أجد البحر هناك فى الأسفل عندما أفتح النافذة؟ هل أخذوه أيضا، هل حشروا بحرى فى قفص أيضا؟".

ويقول المترجم الكبير صالح علماني، في مقدمته للترجمة العربية للرواية، هي حقّا رواية بطعم الفاكهة، تبدؤها فإذا أنت متورّط فيها حدَّ المتعة، تنال من كلّ حواسّك وتسحبك إلى عالمها فلا تملك منها فكاكا قبل أن تقرأ الجملة الأخيرة. قد يعتقد البعض أنّ تشابك الأحداث و تشويق الوقائع هما اللذان يشدّان القارئ، لكنّ الحقيقة غير ذلك، بل هي على العكس تماما رواية شحيحة الشخصيّات قليلة الأحداث يمكن تلخيصها في كلمة نيرودا و هو ممَدَّد على فراش المرض ردًّا على ساعي بريده "ماريو خيمينث" وهو يسأله عمّا يشعر فيجيبه بكلّ بساطة: "أشعر بأنّي أحتضر، وباستثناء ذلك ليس هناك ما هو خطير" أيّة مفارقة أجمل من لعبة اللغة توحي وتسخر وتمكر؟ لغة هي النسيج واللباس والرّائحة والالتباس، تلتبس عليك الأحداث فلا تعرف ما الواقع و ما الخيال و ما السّحر، وتلتبس عليك الشخوص والشخصيّات والأشخاص فتتساءل: من البطل؟ ولا جواب.. كلّهم أبطال ولا بطل.










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة