تباينت ردود أفعال الحاصلين على جائزة نوبل 2024 ما بين المفاجأة والصدمة والفرحة، ولكن الحقيقة الأغرب على الإطلاق هو أنه بينما كان العالم كله ينتظر الإعلان عن الفائزين بنوبل، لا ينتظر أحد منهم الخبر، هذا ما كشفت عنه اللقاءات المختلفة للحاصلين على الجائزة، عند سؤالهم عن لحظة معرفتهم بفوزهم بالجائزة.
قبل دقائق من إعلان فوز أحد الفائزين بنوبل، يتم الاتصال به وإخباره بفوزه بالجائزة وفقا للموقع الرسمى لجائزة نوبل، وقد تأتى هذه المكالمات فى أوقات غير متوقعة وتصل إلى الفائزين فى أماكن غير متوقعة.
جائزة نوبل
وتعلن الأكاديمية الملكية السويدية للعلوم، منح جائزة نوبل فى المجالات المختلفة هذه الأيام، والتى تشتمل على الطب والفيزياء والكيمياء والأدب والاقتصاد والسلام، حيث منحت الأخيرة لمؤسسة وليس لأفراد، لتكشف لنا عن جانب لا نراه كثيرا وهو أن أكثر الناس نجاحا لا ينتظرون تكريما ولا يستجدون لحظات استثنائية، بل يعيشون حياة طبيعية جدا، لذلك لم يكن من المستغرب أن نجد أحدهم كان داخل كوخ من القش بعد تناول كوب من القهوة مع زوجته، أو أن يكون الآخر فى غرفة فندق رخيص ينتظر إجراء بعض الفحوصات الطبية، بينما كان ينام آخر فى سلام لا يقطعه سوى صوت جرس الهاتف المستمر.
- يطالع رسائله الإلكترونية فى كوخ من القش
وصلت كلمة الجائزة إلى جون هوبفيلد، الحاصل على جائزة نوبل فى الفيزياء، فى كوخ من القش، حيث يقيم فى إنجلترا، قال: «خرجت أنا وزوجتى للحصول على لقاح الأنفلونزا وتوقفنا لتناول القهوة فى طريق العودة إلى المنزل».
وعادوا ليجدوا الكثير من رسائل البريد الإلكترونى والتهنئة التى وصفها بأنها «مذهلة» و«دافئة للقلب».
يتحدث جون هوبفيلد عن كيفية معرفته بالجائزة عندما كان يراجع رسائل البريد الإلكترونى الخاصة به، قائلا: «لم أستوعب الأمر إلا عندما وصلت إلى الرسالة الإلكترونية الرابعة!».
وقال إنه ممتن لفرصة التحدث بصفته حائزا على جائزة نوبل عن الخط الحيوى بين البحث العلمى الأساسى والابتكار التكنولوجى الذى يغير حياة الناس، مضيفا: «إن العلم الذى يطور التكنولوجيا هو العلم الذى يتم من أجل الفضول فى وقت أبكر بكثير».
وأضاف أن هذا البحث النظرى هو «مولد التقنيات المثيرة للاهتمام والمفيدة والتى يعتمد عليها المرء للاستمرار فى جعل الأشياء تعمل بشكل أفضل».
جون هوبفيلد
- نائم فى غرفة فندق رخيص
أخبر جيفرى هينتون، الذى تقاسم جائزة نوبل فى الفيزياء مع هوبفيلد، الأكاديمية أنه «مذهول» من خبر فوزه، والذى قال لاحقا إنه وصل إليه نحو الساعة 1 صباحا، بعد أن نام لمدة ساعة فقط.
فى البداية، اعتقد أن المكالمة من الأكاديمية كانت «مزحة»، لكنه أدرك لاحقا أنها يجب أن تكون حقيقية لأنها كانت من السويد وكان المتحدث لديه «لكنة سويدية قوية».
أنا فى فندق رخيص فى كاليفورنيا، دون اتصال بالإنترنت، وخط هاتف ليس جيدا جدا، كنت أخطط لإجراء فحص التصوير بالرنين المغناطيسى اليوم، لكن أعتقد أننى سأضطر إلى إلغاء ذلك، لم يكن لدى أى فكرة عن ترشيحى لجائزة نوبل فى الفيزياء، لقد فوجئت للغاية، وأجاب هينتون على المتصل به لإخباره على الجائزة، بذلك.
وبعد الاتصال بأخته فى أستراليا لإخبارها بالخبر، قال إنه قضى معظم اليوم فى الرد على رسائل التهنئة، لكنه بدأ أيضا فى التفكير فيما سيفعله بنصف أموال جائزة نوبل، فهناك 11 مليون كرونة سويدية سيقسمها هو وهوبفيلد. وقال هينتون، إن نصيبه من الوصية التى تركها مبتكر الجائزة، المخترع السويدى ألفريد نوبل، سيذهب إلى الأعمال الخيرية.
جيفري هينتون
- تلقى مكالمة 4 فجرا وهللت زوجته
قال الدكتور جارى روفكون، الذى أجرى حوارا حصريا مع «تليفزيون اليوم السابع»: «رن الهاتف فى الساعة 4:30 صباحا، وهذا لا يحدث هنا أبدا»، مشيرا إلى زوجته: «ردت ناتاشا بالفعل، وقالت: «لديه لهجة سويدية».
وأضاف حول توقعه الحصول على الجائزة «الحقيقة لم أتوقعها، لأن الطريقة التى تعمل بها جائزة نوبل مختلفة، خاصة أن لها عددا من المراحل تبدأ بالحصول على قدر معين من الاعتراف بالجهد العلمى، موضحا أنه لا يمكن أن يعرف العالم متى يفوز بجائزة نوبل»، وأضاف أن استلام جائزته سيكون فى ديسمبر، وهى المرة الثالثة التى يحضر فيها حفل توزيع جوائز نوبل فى استوكهولم بعد حضوره لمشاهدة معلمه روبرت هورفيتز وهو يتسلم جائزة عام 2002 ثم صديقه جاك زوستاك الذى فاز بها عام 2009، وقال روفكون: «هناك رحلة قادمة.. ستكون الثالثة، وربما الأفضل».
الدكتور جارى روفكون
- تتناول العشاء مع ابنها
قال السكرتير الدائم للأكاديمية السويدية ماتس مالم، بعد الإعلان عن فوز هان كانج، كاتبة كوريا الجنوبية بجائزة نوبل فى الأدب، إنه تمكن من التحدث معها عبر الهاتف، وبدا الأمر وكأنها تعيش يوما عاديا، فقد انتهت للتو من تناول العشاء مع ابنها، ولم تكن مستعدة للإعلان عن أنها حصلت على الجائزة، وأضاف مالم «لكننا بدأنا فى مناقشة استعدادات حفل التكريم الذى سيقام خلال شهر ديسمبر المقبل».
هان كانج
- زوجته ألغت مكالمة الجائزة عدة مرات
فيما كشف لقاء مع صحيفة «الجارديان»، أن ديميس هاسابيس وجون م. جامبر، اللذين كانا مرشحين بقوة كفائزين محتملين، عرفا أنهما حصلا على جائزة نوبل فى الكيمياء قبل لحظات من الإعلان، حيث قال هاسابيس «لا أعتقد أنهم كانوا يمتلكون أيا من أرقامنا»، مضيفا أن زوجته رفضت عدة مكالمات عبر سكايب قبل أن تدرك أنها من رقم سويدى، وأضاف «إنه شرف لا يصدق أن أحصل على جائزة نوبل، لقد أمضيت حياتى كلها أعمل فى مجال الذكاء الاصطناعى، وأحلم بهذا النوع من التأثير، حيث يمكننا استخدامه لصالح المجتمع».
ديميس هاسابيس
- رجعوا يكملوا نوم بعد معرفة الخبر
قال جون جامبر، بعد أن سمع خبر فوزه بجائزة نوبل فى الكيمياء لعام 2024: «اعتقدت أن فرص فوزى هى 10 %»، ولتهدئة أعصابه، كانت خطته هى النوم حتى بعد الإعلان، وهو ما لم ينجح تماما.. وفى مقابلة إعلامية، تحدث عن كونه أصغر حائز على جائزة نوبل فى الكيمياء منذ أكثر من 70 عاما، وعن دور الذكاء الاصطناعى فى العلوم.
وتقاسم ديفيد بيكر الجائزة فى الكيمياء مع العالمين السابقين، وكان رد فعله مشابها فى مباشرة النوم مرة أخرى بعد الخبر، حيث قال بيكر عن لحظة تلقيه الخبر «فى الواقع أعتقد أن الأمر مضحك نوعا ما، لم أدرك ذلك إلا وأنا أتذكره، أعتقد أنهم حصلوا على رقم هاتف ابنى الذى أعطاهم رقم هاتفى، لذا تلقيت مكالمة هاتفية، وبدأت زوجتى فى الصراخ على الفور، وواجهت صعوبة فى السمع، ولكن بعد ذلك نقلوا الخبر».
وعندما تم سؤاله عن ماذا سيحدث بعد ذلك؟ أجاب «أعتقد أنه بينما كنا نتحدث عبر الهاتف، جاءنى نحو 100 مكالمة هاتفية والرسائل لا تزال تظهر، لكننى سأحاول الحصول على بعض النوم ولا أعرف ما إذا كان ذلك ممكنا».
جون م. جامبر
- نائم فى طابق وهاتفه فى طابق آخر
استغرق الأمر وقتا أطول قليلا لإيقاظ فيكتور أمبروس، شريك روفكون فى جائزة نوبل فى الطب، حيث قال فى لقاء مع وكالة أنباء أسوشيتد برس: «اتصل صحفى بابنى، الذى اتصل بزوجتى لأن هاتفى كان فى الطابق السفلى».
وقال أمبروس، إنه لم يتوقع الجائزة لأنه شعر أن لجنة نوبل قد خصت الحمض النووى الريبى بالفعل بجائزة عام 2006 التى ذهبت إلى صديقيه أندرو فاير وكريج ميلو، وأضاف: «إنها تمثل اعترافا بمدى روعة الاكتشافات غير المتوقعة التى تأتى من الفضول فى العلوم الأساسية، إنها رسالة بالغة الأهمية، وربما الأكثر أهمية، أن هذا الاستثمار يؤتى ثماره حقا».
فيكتور أمبروس
- علم بفوزه من رسائل التهنئة
أعلن البنك المركزى السويدى فى العلوم الاقتصادية، أسماء الفائزين بجائزة نوبل فى الاقتصاد، وقال مسؤولو الجائزة فى مؤتمر صحفى، إن كلا من دارون أسيموغلو وسيمون جونسون وجيمس روبنسون فازوا بجائزة نوبل فى الاقتصاد لعام 2024.
ولا يختلف كثيرا الفائزون بجائزة نوبل فى الاقتصاد عن غيرهم، حيث علم سيمون جونسون بفوزه بالجائزة من خلال الرسائل النصية والتهنئة التى تراكمت على هاتفه، وخلال المحادثة القصيرة، التى سُجلت بعد لحظات من سماعه الخبر، سلط الضوء على أهمية اتخاذ القرارات التشاركية فى تحقيق أقصى استفادة من الإمكانات البشرية.
دارون أسيموغلو
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة