الحرب في غزة تتواصل ومئات الشهداء يسقطون يوما بعد يوم، ليكونوا شهودا على هشاشة المبادئ التي طالما روج لها الغرب، فيما يتعلق بحقوق الإنسان، وكذلك ضعف المنظومة الدولية، العاجزة عن توقيف دولة مارقة تروع الآمنين، وتهدد المنطقة بأسرها بحرب إقليمية شاملة، ناهيك عما قد يسفر عنه سلوكها العدواني، من تعريض العالم بأسره إلى أوضاع صعبة.
ففي اليوم الـ376 من العدوان على غزة، ارتكب الاحتلال 6 مجازر في القطاع، أسفرت عن سقوط 65 شهيدا و140 مصابا، حيث قصف الاحتلال مركزا لتوزيع المساعدات تابع لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" في جباليا، بينما استهدف مربعا سكنيا في المخيم نفسه، عبر استخدام "روبوت" مفخخ، في حين قصف مدينة رفح الفلسطينية، بالإضافة إلى إطلاق غارة على حي النصر في غرب مدينة غزة.
وتعليقا على ما تتعرض له غزة، والوكالة من استهدجاف ممنهج، أعرب فيليب لازاريني المفوض العام للأونروا، عن قلقه من تراجع حجم المساعدات في قطاع غزة، مؤكدا أن الوضع في غزة مروع بالنسبة لموظفي الإغاثة، وأن القطاع أصبح منطقة غير صالحة للعيش.
كشف "لازاريني، عن عدد ضحايا الوكالة نتيجة العدوان الإسرائيلي على غزة قائلا: "200 من موظفينا قتلوا في غزة وتضررت بنانا التحتية بشكل كبير."
وصف مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، الوضع الإنسانى فى شمال غزة بأنه "كارثى"، بسبب تكثيف العمليات العسكرية الإسرائيلية، مما يهدد بشكل بالغ قدرة الناس على الوصول إلى وسائل البقاء.
وذكر المكتب الأممي- بحسب مركز إعلام الأمم المتحدة- أن شركاء الأمم المتحدة في مجال الصحة حذروا من أن ثلاثة مستشفيات فقط في محافظة شمال غزة تعمل الآن، وبحد أدنى من طاقتها. وأن تلك المرافق تعاني من نقص حاد في الوقود والدم ومواد علاج الصدمات (الرضوح) والأدوية، وأن حوالي 285 مريضا ما زالوا في هذه المستشفيات، بينما تستمر الأنشطة العسكرية خارجها.
وحذرت منظمة الصحة العالمية من أن مستشفى كمال عدوان في الشمال مازال مكتظا رغم عملية الإجلاء الأخيرة لبعض المرضى من المستشفى الذي يستقبل ما بين 50 و70 جريحا جديدا كل يوم. وأن أكثر من عشرين مركزا للرعاية الصحية الأولية في محافظة شمال غزة، لم تعد تعمل.
وأما حركة حماس، فقد دعت المجتمع الدولي لوقف الإرهاب الإسرائيلي، تعليقا على قصف مركز توزيع المساعدات في جباليا، مؤكدة أن الهدف الرئيسي هو تهجير أبناء القطاع.
بينما تبقى الأوضاع في غزة محلا للشد والجذب بين واشنطن وتل أبيب، وذلك بعدما أطلقت وزارة الخارجية الأمريكية تحذيراتها بوقف المساعدات العسكرية لإسرائيل، حال عدم التزام الأخيرة بإدخال المساعدات الإنسانية لسكان القطاع.
ففي تقرير لها، ذكرت صحيفة جيروزاليم بوست الإسرائيلية، اليوم الأربعاء، أن تل أبيب تراجع رسالة واشنطن، والتى طلبت فيها تحسين الوضع الإنسانى فى غزة أو المخاطرة بفقدان المساعدات العسكرية.
ونقلت الصحيفة عن مسؤول إسرائيلي في واشنطن- لم تكشف هويته- قوله "تأخذ إسرائيل هذه المسألة على محمل الجد وتعتزم تبديد المخاوف التي أثيرت في هذه الرسالة مع نظرائنا الأمريكيين."
في حين، علق البيت الأبيض على الأمر من خلال منسق الاتصالات الاستراتيجية، جون كيربي، والذي أكد على أن رسالة واشنطن لتل أبيب التي طالبتها فيها باتخاذ إجراءات لتحسين الوضع الإنساني بغزة ليست تهديدا بتقليص المساعدات العسكرية.
وقال كيربي في مؤتمر صحفي عبر الإنترنت ردا على سؤال عما إذا كانت الرسالة التي أرسلتها الولايات المتحدة الأمريكية إلى إسرائيل والتي تطالبها فيها باتخاذ خطوات في غضون 30 يوما لتحسين الظروف الإنسانية المزرية في غزة تعني أن واشنطن مستعدة لتقليص حجم الدعم العسكري المقدم لتل أبيب: "لم تكن هذه الرسالة تهديدا، هي تشير فقط إلى شعورنا بالحاجة الملحة لزيادة المساعدات الإنسانية."
وأضاف: "هذه ليست المرة الأولى التي نقول فيها هذا الأمر ولإسرائيل أيضا، ونأمل ألا نضطر إلى العودة لهذا الأمر مرة أخرى."
وفي سياق متصل، أعلنت الحكومة البريطانية، اليوم الأربعاء، فرض عقوبات جديدة على المنظمات المشاركة فى بناء بؤر استيطانية إسرائيلية فى الضفة الغربية، على أن تستهدف العقوبات سبع بؤر استيطانية أو منظمات، والتى تم فرضها بموجب نظام العقوبات العالمى لحقوق الإنسان فى بريطانيا.
وقال وزير الخارجية ديفيد لامى- في تصريح أوردته صحيفة (التلجراف) البريطانية، اليوم- "هذه التدابير ستسهم في محاسبة المسؤولين عن انتهاكات حقوق الإنسان".
وأكد ضرورة أن تتخذ الحكومة الإسرائيلية إجراءات حازمة؛ لوقف عنف المستوطنين والتوسع الاستيطاني في الأراضي الفلسطينية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة