يرى كثيرون أن عام 2024 سيكون الانتخابات الأكثر أهمية في الولايات المتحدة منذ عام 1860 ، ويتفق معظم الأوروبيين أيضا مع هذا الرأى، مع احتمالات فوز الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب فى انتخابات الرئاسة الأمريكية 2024.
ومع احتمالات فوز مرتفعة يحظى بها ترامب فى الانتخابات الرئاسية المرتقبة فى الولايات المتحدة ، حيث تشير غالبية استطلاعات الرأى إلى تقدمه وبنسب كبيرة عن منافسته المرشحة الديمقراطية ، كامالا هاريس ، وهو ما يضع دول الاتحاد الأوروبى فى حالة من الترقب لاستشراف مستقبل العلاقات بين بروكسل وواشنطن فى حال فوز ترامب.
وترى صحيفة لاراثون الإسبانية في تقرير لها عن الانتخابات الأمريكية عن تأثير الاتحاد الأوروبى بها ، إن العلاقات عبر الأطلسي تقع في قلب هذا النظام فقد تم إضعافها بشكل كبير في عهد ترامب، وتعززت إلى حد ما في عهد بايدن، وهي الآن قريبة بشكل خطير من الاختبار مرة أخرى إذا عاد ترامب إلى البيت الأبيض.
ووفقا للتقرير فإن الانتخابات الأمريكية تصبح غارقة في حالة من عدم اليقين الآن ، فقبل أقل من أربعة أسابيع على موعد التصويت، تتعادل هاريس وترامب في الولايات المتأرجحة الرئيسية، وإن تصعيد الصراع في الشرق الأوسط لن يؤدي إلا إلى إضافة المزيد من عدم اليقين إلى المرحلة الأخيرة قبل الخامس من نوفمبر.
ووفقا للتقرير فإنه لا شك أن فوز ترامب سيكون له تأثيرات سلبية أكثر فورية على الاتحاد الأوروبي في المدى القصير مقارنة برئاسة هاريس، حيث أن ولاية ترامب الثانية من شأنها أن تقوض الديمقراطية الأمريكية وتؤدي إلى إضعاف العلاقات عبر الأطلسي بشكل لا رجعة فيه، كما أن دعم ترامب الصريح للحكومات الاستبدادية في أوروبا، مثل حزب فيدسز الذي يتزعمه فيكتور أوربان في المجر، من شأنه أيضا أن يشجع ويضفي الشرعية على أحزاب اليمين المتطرف في القارة.
في السنوات الأربع المقبلة، قد تضعف العلاقات التي وحدت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي منذ عام 1945 وتتفكك إلى درجة لا يمكن إصلاحها. وفي أوروبا، ستكون التداعيات محسوسة بقوة في ثلاثة مجالات رئيسية: الدفاع والتجارة وسياسة المناخ.
الناتو والحرب في أوكرانيا: محور الخلاف الرئيسي
ومن أكبر نقاط الاختلاف بين المرشحين موقف ترامب من حلف شمال الأطلسي وافتقاره إلى الدعم لأوكرانيا. وادعى ترامب أنه قادر على إنهاء الحرب في أوكرانيا في غضون 24 ساعة، على الرغم من عدم وجود ثقة كبيرة في أن خطة السلام مع روسيا التي تفاوض عليها ترامب ستحمي سلامة أراضي أوكرانيا وسيادتها.
حتى أنه عندما كان رئيسًا، هدد ترامب بمغادرة الناتو، و إن القيام بذلك من شأنه أن يشجع الخصوم مثل روسيا ويهدد الأمن الأوروبي على نطاق أوسع.
من ناحية أخرى، أبدت هاريس دعمًا ثابتًا لحلف شمال الأطلسي وأوكرانيا. وإذا انتخبت فسوف تستمر في تعزيز البنية الأمنية التي حافظت على الاستقرار الأوروبي منذ الحرب العالمية الثانية. ومع ذلك، حتى لو فازت هاريس، يجب على الاتحاد الأوروبي تطوير قدرات الردع والدفاع الخاصة به، وتقليل اعتماده الكبير على الولايات المتحدة.
العلاقات التجارية
وتعد العلاقة الاقتصادية بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة هي الأكبر في العالم، حيث تقدر قيمة التجارة بين الكتلتين بأكثر من 1.3 تريليون دولار سنويا. وعلى سبيل المقارنة، تبلغ قيمة التجارة السنوية بين الولايات المتحدة والصين 758 مليار دولار. وتعاني الولايات المتحدة من عجز كبير في كليهما.
وفي ضوء ذلك، وعد ترامب بفرض تعريفة بنسبة 10% على جميع الواردات ورسوم جمركية جديدة بنسبة 60% أو أكثر على جميع المنتجات القادمة من الصين. وتعتبر الاتحاد الأوروبي منافسًا مثل الصين تمامًا.
ولا يوجد سبب للاعتقاد بأن نهج هاريس سيكون أكثر ليونة: فقد كان بايدن صارما بنفس القدر مع الاتحاد الأوروبي، ومن المرجح أن تستمر هاريس في سياساتها، ويبدو أيضًا أن حملته تتخذ موقفًا مناهضًا للصين.
ولذلك، سيجد الاتحاد الأوروبي نفسه في مأزق، حيث سيتعين عليه مواجهة التعريفات الجمركية على صادراته إلى الولايات المتحدة والضغوط من الإدارة الجديدة.
سياسة المناخ
وأخيرا، فإن سياسة المناخ تعتبر من أهم القضايا التى تهم الرئيس الأمريكى الجديد ، وتعهد ترامب بالانسحاب من اتفاقية باريس لعام 2015 مرة أخرى إذا أعيد انتخابه، كما وعد بزيادة إنتاج النفط والغاز (وقد أصبح شعاره "احفر يا عزيزي) ومن شأن هذه التدابير أن تجعل هدف اتفاق باريس المتمثل في الحد من الانحباس الحراري العالمي بما لا يتجاوز 1.5 درجة مئوية أمرا مستحيلا تقريبا.
من جانبها، التزمت هاريس الصمت بشكل مثير للقلق بشأن قضايا المناخ خلال الحملة، وهو ما لا يبشر بالخير بالنسبة للجهود الأوروبية الرامية إلى التصدي لتحدي المناخ.
التغيير يلوح بالفعل في الأفق
هناك أمر واحد واضح: سواء كان الرئيس الأمريكي المقبل ترامب أو هاريس، يجب على الأوروبيين أن يفهموا أن العلاقات عبر الأطلسي قد تغيرت بالفعل بشكل لا رجعة فيه، وأن مصالح وقيم الاتحاد الأوروبي لم تعد تتماشى بشكل كامل مع مصالح وقيم الولايات المتحدة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة