تحل اليوم ذكرى وفاة الأديب الكبير الراحل جمال الغيطانى، الذي رحل فى مثل هذا اليوم 18 أكتوبر من عام 2018، وقد أصدر الغيطانى أول كتبه على نفقته وهى المجموعة القصصية الأشهر له "أوراق شاب عاش ألف عام" بالمشاركة مع صديقه يوسف القعيد، وكان النشر على نفقتهما الخاصة، وقد تحمل كل منهم قيمة 30 جنيها، ولكن نشر ذلك الكتاب وقتها كان يستلزم 100 جنيه، فاضطر الاثنان لاقتراض 40 جنيها من أحد الأشخاص المقربين.
واعتبر النقاد المجموعة "بداية مرحلة مختلفة للقصة المصرية القصيرة"، ووصفت المجموعة القصصية الأولى للغيطانى، بأنها "بروفة أولى على هيئة ماكيت لجميع النصوص السردية التي أتت بعد ذلك"، وخصوصا رواية "الزينى بركات".
وارتبطت المجموعة في الأذهان بحدة نبرتها السياسية إذ أن كل القصص ذات مضمون سياسي معاصر رغم تناولها أحداثا موغلة في القدم، حيث تناولت مثلا قصة "هداية أهل الورى لبعض ما جرى في المقشرة" موضوع السلطة وتحدثت قصة "أوراق شاب عاش منذ ألف عام" عن هزيمة 1967 من منظور مواطن عادي.
وبحسب الناقد ماهر حسن في مقال بعنوان "جمال الغيطانى روائى عاش ألف عام" فإن الغيطانى استنطق التاريخ الذى رأى فى أحداثه تشابهًا مع ما عاشته مصر فى الستينيات، حيث الظروف نفسها والنهاية نفسها، بالإضافة للفصل الذى سجل فيه تجربته فى السجن "هداية أهل الورى لبعض مما جرى فى المقشرة"، والمقشرة هو أحد أشهر السجون فى مصر المملوكية، والجديد أن نرى الغيطانى يتناول فكرة السجن منطلقا من شخصية السجان فيما يشبه القراءة النفسية له، باعتباره أداة القهر فى "الزينى بركات" من خلال شخصية والى الحسبة، الزينى بركات، والشهاب الأعظم زكريا بن راضى، مع حضور الإسقاط السياسى، كما نقف أيضا على ذلك المذاق السياسى فى أعمال الغيطانى، ولكن على نحو فانتازى فى "هاتف المغيب"، ويتجلى عشقه للتاريخ فى التوثيق بعين مغايرة، وهى عين المبدع والحكاء فى "ملامح القاهرة فى ألف سنة"، الذى قدم جولة تاريخية تتنقل من منطقة إلى أخرى، فى وصف للأزياء والمعمار وتاريخ المقهى كما لم تفارقه اللغة التراثية فى "دفاتر التدوين" السبعة التى جاءت أشبه بالشذرات والذكريات التى تفيض بالتأمل والسرد الروائى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة