يتسبب الصراع في غزة وإسرائيل ودخول إيران ولبنان فى دائرة الصراع في معاناة إنسانية هائلة وبالإضافة إلى التأثير المباشر لهذه الصراعات المترامية هنا وهناك سيكون لها أيضا عواقب جسيمة على منطقة الشرق الأوسط والبلدان العربية ككل فمن المؤكد أن هذه الأزمة سوف تعيد تشكيل مستقبل المنطقة بناءً على مدى التأثير الاقتصادي والمخاطر المحتملة لهذه الصراعات التى قد تمتد لوقت ليس بالقريب لاحتمالية دخول بعض البلدان بشكل مباشر على جبهة هذه الصراعات واستخدام كل الأدوات الغير مباشرة لاستفزاز بعض الدول الآمنة المستقرة فهى مرحلة فى عُمر المنطقة لا توصف إلا بالحرجة تتسم بالغموض والمتغيرات الاضطرارية المفاجأة.
فى المقابل لايزال مدى التأثير على المنطقة محاطاً بقدر كبير من عدم اليقين وسيعتمد على مدة هذه الصراعات وشدتها وانتشارها فحدوث صراع واسع النطاق سيشكل تحدياً اقتصادياً جسيما أمام المنطقة ويتوقف احتوائه على نجاح الجهود الدولية في منع امتداد التصعيد إلى المنطقة برمتها فمن الواضح أن حالة التصارع والانقسامات التي قد تتدهور في المستقبل القريب سوف تصبح ساحة للتنافس بين القوى الإقليمية والدولية الساعية لتعزيز مصالحها من خلال دعم بعض الأطراف ضد أطراف أخرى.
أما بالنسبة للبلدان الأخرى التي تستعد لموجات الصدمات المحتملة المقبلة فمن الضروري ألا تغفل أهمية جدول أعمال الإصلاح والصلابة لا سيما عند النظر إلى التحديات الهيكلية القائمة وبيئة عالمية أكثر عرضة للصدمات مما يتعين على هذه البلدان أن تكون مستعدة ومتأهبة لهذه التداعيات التى قد تتفاقم فى المرحلة المقبلة من خلال تعزيز الإستقرار الاقتصادي والسياسي أو حتى الاجتماعي فى ظل وضع صراعى ملتهب يشوبه الغموض وضبابية المشهد كذلك وضع الآليات البديلة التى تستوعب كل الإحتمالات الممكنة.
مما دفع الدولة المصرية متمثلة فى حكومتها استباق قراءة المشهد السياسي المعقد بالتفكير في وضع سياسات إقتصادية تتناسب مع طبيعة المرحلة أو ما يطلق عليه
( إقتصاد حرب ) لكبح جماح التحولات الاقتصادية الكبرى على الساحتين الإقليمية والعالمية وهو ما يتطلب اتخاذ مصر لإجراءات تحوط ضد أي تداعيات سواء كانت جيوسياسية
أو اقتصادية.
على الصعيد الآخر يحسب لمصر متمثلة فى قيادتها السياسية التحلى بالحكمة وضبط النفس وعدم الانسياق وراء أى محاولات استفزازية تعبث بأمنها وإستقرارها السياسي أو حتى الإقتصادي مقارنة بما آلت إليه الأوضاع الإقتصادية المتردية فى أغلب بلدان المنطقة فالكل يعلم جيداً كمية الضغوطات التى تتعرض لها الدولة فى الفترة الأخيرة ومحاولة زعزعة أمنها القومي بتدعيم وتمويل ملفات تعتبر الأهم فى مسيرة الدولة المصرية مثل سد النهضة وغيرها وتصدير لها صراعات مفتعلة لاشغالها عن دورها الإقليمي الصارم ضد أى تجاوزات من شأنها التعدى على السيادة المصرية خاصة بعد نجاح الدولة المصرية فى إحباط مخططات ومؤامرات كادت تعصف بالدولة إلى الهاوية وطريق اللاعودة.
أصبحت الصراعات فى العصر الحديث هي صراعات مركبة تحتاج أيضاً تفسيرات مركبة وتحولت فكرة طرفي نزاع إلى أطراف نزاع كذلك من أطراف مباشرة إلى أخرى غير مباشرة فلا أشبه اليوم بالبارحة فى طرق إدارة الصراعات والنزاعات وتكشف حقائق ميدان الصراع وتحديد أطراف النزال فيه مما يصعب التعامل مع هذه الصراعات متشابكة المصالح التى الغرض منها الهيمنة على الأرض وإعادة صناعة القرار لذلك معيار نجاح أى دولة اليوم يتحدد من خلال نجاح هذه الدولة فى إدارة شئونها بالطريقة التي تحافظ على مصالح شعبها ووحدة وسلامة أراضيها.
ثم يأتي دور الشعوب في فهم ووعي بما يحاك بأوطانها والدور الوطني المطلوب وعدم خلق صراعات داخلية غير مسئولة ليس الغرض منها إلا النيل من هذه الشعوب نفسها وعدم إشعال النيران فى الهشيم من أجل مآرب لا وجود لها عندما تسقط الأوطان فى فخ الصراعات والإنتباه جيداً من تسليط أنفسنا على أنفسنا ظناً أننا ننجو بأنفسنا ولنا عبرة فى بعض البلدان التي ألقت بأنفسها إلى التهلكة نتيجة عدم الوعى السليم لشعوبها والإنخراط ضمن مخططات وهمت بها تحت شعارات تحريضية تستخدم حديثاً فى هدم الدول وسقوطها فالقضية هى قضية وجود من عدمه ولا مصلحة تعلو فوق مصلحلة الأوطان الآمنة المستقرة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة