سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 18 أكتوبر 1965.. الرئيس الفرنسى شارل ديجول يسأل المشير عبدالحكيم عامر عما فعلته الثورة المصرية لتحسين أحوال الفلاحين؟ أثناء اجتماعهما فى قصر الإليزيه

الجمعة، 18 أكتوبر 2024 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 18 أكتوبر 1965.. الرئيس الفرنسى شارل ديجول يسأل المشير عبدالحكيم عامر عما فعلته الثورة المصرية لتحسين أحوال الفلاحين؟ أثناء اجتماعهما فى قصر الإليزيه شارل ديجول
سعيد الشحات

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

انطلقت الطائرة من القاهرة إلى باريس صباحا، وهى تقل المشير عبدالحكيم عامر، القائد العام للقوات المسلحة المصرية، فى زيارة إلى فرنسا يوم 15 أكتوبر 1965، واستقبله فى المطار جورج بومبيدو رئيس الوزراء الفرنسى، الذى أعلن فى خطبة الترحيب: «من الآن لم تعد ثمة خلافات جوهرية بين فرنسا ومصر»، حسبما يذكر الدكتور ثروت عكاشة فى الجزء الأول من مذكراته «مذكراتى فى السياسة والثقافة».


أشارت كلمة «بومبيدو» إلى العلاقات التى توترت بين البلدين بسبب مشاركة بلاده إلى جانب بريطانيا وإسرائيل فى العدوان الثلاثى على مصر عام 1956، ويكشف «عكاشة» فى مذكراته أنه من أعد هذه الزيارة بطلب من المشير عامر، ويذكر أنه كان وقتها رئيسا للبنك الأهلى المصرى، ودعاه عامر للقائه بعد عودة العلاقات الدبلوماسية بين القاهرة وباريس فى سبتمبر 1965، وطلب منه سرعة الانتقال إلى باريس للتمهيد للزيارة على الصعيد الشخصى مع معارفه الذى يرتبط معهم بعلاقات منذ أن كان مستشارا عسكريا فى فرنسا عام 1954، قبل أن يصبح سفيرا فى روما ثم وزيرا للثقافة عام 1958، وبعد أن أعد «عكاشة» الزيارة اصطحبه عامر ضمن الوفد المرافق معه.


سافر عكاشة يوم 5 أكتوبر 1965 لحضور دورة المجلس التنفيذى لليونسكو، وأجرى اتصالات واسعة بفعاليات فرنسية مؤثرة سياسيا وفكريا وثقافيا، ثم عاد للقاهرة يوم 14 أكتوبر، ومن المطار توجه للقاء عامر، وطمأنه بأن الظروف مهيأة لنجاح الزيارة، وقدم له معلومات حول الطبقة السياسية الفرنسية والتيارات السياسية والثقافية فى فرنسا، وكيفية التعامل مع قضية تسليح فرنسا لإسرائيل، والسياسة الخارجية الفرنسية، وسياسة ديجول فى الشرق الأوسط .


يؤكد «عكاشة» أنه أشار على عامر بأن يتخلى فى تصرفاته عن الأساليب النمطية، ويشيع الحرارة فى أحاديثه، وأكد له: «إسرائيل غير مستريحة للزيارة لا من حيث ما ستسفر عنه من نتائج سريعة ومباشرة، ولكن من حيث ما ستسفر عنه مستقبلا».


ويكشف «عكاشة»، أنه بسط لعامر رؤيته الخاصة بتحديد هدف الزيارة فى العمل على توطيد الصداقة بين رأسى الدولتين، ومحاولة اكتساب صداقات شخصية مع أكبر عدد من المسؤولين الفرنسيين، وهو ما ينبغى معه تجنب التقدم بأى مطالب من أى نوع كان، لأن مثل هذه المسالك سيحملهم على المزيد من الاحترام والتقدير، لا سيما أن هذه أول زيارة لفرنسا».


«مضى برنامج الزيارة كما كان معدا فى يسر وود»، بوصف «عكاشة»، مضيفا: «لم يطرأ عليه أى تغيير إلا حين رجوت من المشير عامر أن يزور قبر الجندى المجهول ليضع باقة زهور حسب الأصول المرعية، لأن ذلك سيكون له أثر طيب بين الأوساط الفرنسية، فاستجاب لهذا الرجاء»، ويضيف: «كان يوم 18 أكتوبر، مثل هذا اليوم، 1965 مشهودا حين ألقى ديجول خلال الحفل الذى أقامه تكريما للمشير عامر بقصر الإليزيه كلمة أثارت دهشة وفد مصر، بل ودهشة المسؤولين الفرنسيين أنفسهم، حيث أبدى شعورا حارا استثنائيا تجاهنا، وهو المعروف بأنه يزن كل كلمة ينطق بها إذ راح يكيل المديح لـ«مصر الحديثة» ولرئيسها عبدالناصر، فقال: «لقد أثبتت مصر، وما زالت تثبت أنها تريد أن تعيش وتعمل فى إطار متحرر وفقا لعبقريتها الخاصة، وها هى على الرغم من العقبات التى تضعها الطبيعة فى طرقها، والتخلف الطويل الذى خضعت له والتزايد السريع فى عدد سكانها، تبذل الجهود البناءة وتحقق تقدما رائعا فى ميادين عديدة»، وأضاف مشيدا بـ«المهمة الكبرى التى حددتها الجمهورية العربية المتحدة لنفسها فى الشرق الأوسط، والعالم العربى وتحققها تبعا لفن الحقائق»، ثم توج كلمته بتحية سياسة الرئيس جمال عبدالناصر الرشيدة الحازمة قائلا: «إن فرنسا الجديدة التى تشيدها الجمهورية الخامسة، تجد نفسها على استعداد كبير للقيام بعمل مشترك مع مصر الحديثة التى تحققها الجمهورية العربية المتحدة».


يذكر الكاتب الصحفى محمد حسنين هيكل فى كتابه «الانفجار»، أن ديجول قال لعامر، إنه زار مصر أثناء الحرب العالمية الثانية مرات حينما كان قائدا لـ«حركة فرنسا الحرة»، وكل مرة كانت تستمر شهورا، وذكر أنه قابل الملك فاروق وبعض الباشوات، واقتنع نتيجة مقابلاته معهم، بأن مصر مقبلة على ثورة بعد انتهاء الحرب، وحسب هيكل فإن الزعيم الفرنسى كانت لديه بعد ذلك أسئلة عن الأوضاع الداخلية فى مصر وما فعلته الثورة لتحسين أحوال الفلاحين «قالها ديجول بالاسم العربى»، وعقب بأنه حفظ العنوان وعرف الكثير عن أحوال الفلاحين من مشاهداته أثناء زياراته لمصر، ومن قراءته لكتاب «الفلاحين» الذى كتبه الأب «عيروط»، وهو راهب يسوعى مشهور عاش فى مصر ودرس أحوال الفلاحين دراسة متعمقة.










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة