تناول مقال تحليلي لصحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية مقتل زعيم حركة حماس، يحيى السنوار، معتبراً أن ثمة إمكانية لأن يؤدي هذا التطور الجديد في الأحداث إلى استئناف المحادثات المتوقفة منذ فترة بشأن التوصل إلى هدنة ووقف إطلاق النار في غزة، ولكن لا زالت هناك عراقيل قد تعترض المحادثات.
ويبدأ المقال بالإشارة إلى أنه "على مدى أكثر من عام، بدا مصير زعيم حماس يحيى السنوار متشابكاً مع مصير الحرب في غزة".. واعتُبر السنوار القوة الدافعة وراء رفض حماس الاستسلام، حتى مع الدمار الذي ألحقته غارات إسرائيل الجوية وغزوها البري بالقطاع ونزوح معظم سكانه. وجعل بقاء السنوار على قيد الحياة من إعلان إسرائيل انتصارها أمراً مستحيلاً - فقد كان دليلاً حياً على أن حماس، رغم القضاء على جزء كبير منها، ظلت غير منهزمة، بحسب المقال.
والآن، بعد مقتل السنوار، يبدو الطريق نحو هدنة في غزة أيسر بعض الشيء، وفقًا لمحللين إسرائيليين وفلسطينيين، حتى لو ظلت العراقيل الرئيسية قائمة على الجانبين وظل حل الصراع الأوسع نطاقاً بين إسرائيل وحلفاء حماس الإقليميين بعيد المنال.
وأشار تحليل الصحيفة إلى أن توقف المفاوضات بشأن وقف إطلاق النار والإفراج عن الرهائن كان راجعاً في جزء منه إلى أن السنوار صمد من أجل التوصل إلى اتفاق دائم يسمح لحماس بالاحتفاظ بالسلطة في غزة بعد الحرب. وكان موقفه الذي يطلب الحد الأقصى غير متوافق مع موقف بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي، الذي لم يرد سوى هدنة مؤقتة تسمح لإسرائيل بالعودة إلى المعركة في غضون أسابيع من أجل منع بقاء حماس على المدى الطويل.
ويقول المحللون إنه بمقتل السنوار، يمكن أن تكون لدى نتنياهو حجة أقوى لإقناع حلفائه المتشددين بأن حماس هُزمت دون الحاجة إلى مزيد من الحرب. وهو ما يؤكده إيتامار رابينوفيتش، السفير الإسرائيلي السابق في واشنطن، الذي أشار إلى أن نتنياهو بات في وضع مرموق أكثر الآن.
وفي الوقت نفسه، قد توافق قيادة حماس المتبقية على التنازل عن قدر من السلطة لفصائل فلسطينية أخرى من أجل ضمان قدرة الحركة على البقاء بشكل ما على الأقل في غزة. كما يمكن أن توافق الحركة على مبادلة عدد أكبر من الرهائن بعدد أقل من السجناء الفلسطينيين المحتجزين في السجون الإسرائيلية - وهي مسألة مثلت حجر عثرة آخر أمام الهدنة، بحسب كاتب المقال.
ونقلت الصحيفة عن إبراهيم دلالشة، مدير مركز الأفق، وهو مركز بحثي سياسي في رام الله قوله: "قد تجد قيادة أضعف وأكثر عملية في حماس تقدم بعض التنازلات التكتيكية، وإن لم يكن ذلك فيما يتعلق بالقضايا الاستراتيجية".
ومع ذلك، لا تزال هناك الكثير من العقبات. فحماس منظمة شديدة الانضباط تجاوزت مقتل العديد من القادة السابقين. ويُعتقد أن شقيق يحيى السنوار المتشدد، محمد، لا يزال على قيد الحياة ويحتفظ بنفوذ كبير.
ورأى دلالشة، أنه حتى بدون السنوار، فمن غير المرجح أن تسحب قيادة حماس الجديدة مطلبها المتمثل في الهدنة الدائمة، أو أن تقبل استمرار الاحتلال الإسرائيلي لأجزاء من غزة، لكن القيادة الجديدة قد تكون أكثر استعداداً من السنوار لتسليم السلطة لحكومة تكنوقراط فلسطينية، أو الموافقة على وجود إسرائيلي مؤقت في غزة طالما وعدت إسرائيل ظاهرياً بالانسحاب الدائم في المستقبل.
وقال: "من أجل بقائهم المادي، قد يقدمون تنازلات أكثر من الرجل الذي بدأ الحرب برمتها"، ولكن "لن يقولوا: نعم، سنفعل ما تريد، يا سيد نتنياهو".
وضغط أقارب "الرهائن" الذين ما زالوا محتجزين في غزة على نتنياهو اليوم لاستخدام مقتل السنوار ليكون الغطاء السياسي الذي يحتاجه للموافقة على هدنة من شأنها أن تحرر ما يقرب من 100 أسير متبقٍ.. لكن رئيس الوزراء لا يزال لديه حسابات سياسية معقدة، فقد وعد أنصاره بتفكيك حماس وإبعادها عن السلطة، وهدد أعضاء رئيسيون في ائتلافه بانهيار حكومته إذا انتهت الحرب دون هزيمة حماس الكاملة، بحسب الصحيفة.
وحتى مع وفاة السنوار، تحتفظ حماس ببعض القدرات الإدارية والعسكرية، التي تدل على قدرة على الصمود قد تدفع نتنياهو إلى مواصلة الحرب من أجل ضمان بقائه السياسي.
ويقول رابينوفيتش "السؤال هو، هل يرقى نتنياهو إلى مستوى الحدث، أم لا؟" وبغض النظر عن إجابة نتنياهو، فإن إنهاء الحرب في غزة لن يحل على الفور حرب إسرائيل مع حزب الله في لبنان، التي لا يزال الغزو البري الإسرائيلي لها مستمراً، أو صراع إسرائيل مع إيران.