حالة روحية خاصة تشعر بها، وأنت تقف على بُعد أمتار، من مقبرة "أمنا خديجة بنت خويلد" رضي الله عنها، زوج النبي صلى الله عليه وسلم، وأول من آمن به من النساء.
هنا.. على بُعد حوالي 15 دقيقة من الحرم المكي تقع "مقبرة المعلاة" المدفونة بها أمنا خديجة بنت خويلد وبعض الصحابة الأجلاء، حيث يحرص ضيوف الرحمن أثناء وجودهم بالأراضي المقدسة على زيارة هذه المقبرة وقراءة الفاتحة على أرواحهم الطاهرة.
الزميل محمود عبد الراضي أمام مقبرة المعلاة
هنا، كان يقف النبي صلى الله عليه وسلم، يقرأ القرآن ويدعو لزوجته ووالدته آمنة بنت وهب المدفونة أيضا في نفس المكان، وعددا من الصحابة، لنسير على دربه، ونتتبع خطواته.
رصدت عدستنا، توافد العشرات من كافة الجنسيات لمحيط المقبرة لزيارتها، والوقوف على قصة وتاريخ هذه المقبرة، التي تعتبر مزارا أصيلا لضيوف الرحمن في الأراضي المقدسة.
في رحلتنا للمقبرة، التقينا الداعية الإسلامي الشيخ محمد الخطيب، الذي شرح لنا تاريخ المقبرة، وأسباب حرص ضيوف الرحمن على زيارتها وقراءة القرآن والدعاء على أسوارها.
مقبرة المعلاة قديما
يقول "الخطيب" في حديثه لـ"اليوم السابع": إن مقبرة المعلاة تقع على سفح جبل الحجون في الجنوب الغربي الذي يمتد من ريع الحجون شمال مكة المكرمة ويشرف على المقبرة من الجهة الغربية جبل السليمانية، ومن الجهة الشرقية جبل الحجون.
وحول سبب تسميتها بهذا الاسم، يقول "الخطيب"، أُطلق عليها اسم "مقبرة المعلا" بدون التاء المربوطة أو باسم مقبرة أهل مكة، وسميت "المعلاة" بهذا الاسم نظرًا لأنها تقع في أعلى مكة، وهي في نفس الموقع القديم الذي كانت عليه في الجاهلية والإسلام.
القبة التي كانت مبنية على قبرة السيدة خديجة
اللافت للانتباه وجود هذه المقبرة قبل ظهور الإسلام، فكانت موجودة من العصر الجاهلي، ومستمرة لوقتنا الحالي، حيث يقول "الخطيب": المقبرة تضم قبور بني هاشم من أجداد الرسول وأعمامه وقبور بعض الصحابة والتابعين، ويوجد بها قبر زوجة الرسول أم المؤمنين خديجة بنت خويلد وقبر عبد الله بن الزبير وأمه أسماء بنت أبي بكر والخليفة العباسي أبو جعفر المنصور، كما أن كثيرًا من أعلام الإسلام من الصحابة والتابعين وكبار العلماء والصالحين مدفونين فيها.
وحول تاريخ السور الذي يحيط بالمقبرة، يقول "الخطيب": كان هناك سور قديم مبني بالحجارة يحيط بمقبرة المعلاة، ومؤخرا تم تجديد بناء السور مراراً، وهو الآن على الطراز الحديث المسلح.
مقبرة المعلاة حديثا
ورغم وجودها من سنوات طويلة، إلا أن الدفن بها مازال قائمًا، حيث يقول "الخطيب": تعد مقبرة المعلاة من أكبر المقابر التي لا يزال الدفن فيها جاريًا إلى اليوم، ويستخدم القبر الواحد عدة مرات حيث إنه كلما امتلأت المقبرة ينظف القبر ويستخدم مرة أخرى، وكان الميت عند دفنه في المقبرة توضع على قبره علامة تميز مكانه كشاهد، وعادة ما تكون من حجر مستطيل غير منتظم الأضلاع تقطع من جبال المنطقة، وينقش اسم المتوفى بخط غائر أو بارز، مع بعض الآيات والأدعية، وفي أحيان كثيرة يكتب التاريخ مبينًا اليوم والشهر والسنة، ومع مرور الزمن تغيرت معالم القبور وتبعثرت الأحجار الشاهدية المكتوبة بمختلف أنواع الخطوط العربية من مئات السنين، وأعيد استخدام الأحجار المنقوشة مرة أخرى على قبور مغايرة في المقبرة نفسها قديمًا وحديثًا، حيث توضع الأحجار كغطاء أو كعلامة على القبر.
مقبرة المعلاة
هذه المقبرة لها مكانة خاصة لدى قلوب المسلمين، بسبب الأشخاص المدفونين بها، على رأسهم أم المؤمنين خديجة بنت خويلد، وابن الرسول القاسم بن محمد، وابن الرسول عبد الله بن محمد، وجد الرسول عبد المطلب بن هاشم، وعم الرسول أبو طالب بن عبد المطلب، وجد الرسول عبد مناف بن قصي، وجد الرسول قصي بن كلاب، وجد الرسول هاشم بن عبد مناف، وأم الرسول آمنة بنت وهب.
ومن الصحابة الأجلاء المدفونين بالمقبرة، الصحابي عبد الرحمن بن أبي بكر، والصحابية أسماء بنت أبي بكر، والصحابية سمية بنت خياط "أول شهيدة في الإسلام"، والصحابية زينب بنت مظعون، والصحابي عبد الله بن الزبير.