اجتماع عاصف للبريكس في كازان.. مقترحات جديدة تسعى للحد من هيمنة الدولار على المعاملات التجارية.. روسيا تسعى لإجراء تعديلات على نظام المدفوعات عبر الحدود بين مجموعة "BRICS".. وإنشاء مراكز للتبادل التجاري للسلع

السبت، 19 أكتوبر 2024 12:30 م
اجتماع عاصف للبريكس في كازان.. مقترحات جديدة تسعى للحد من هيمنة الدولار على المعاملات التجارية.. روسيا تسعى لإجراء تعديلات على نظام المدفوعات عبر الحدود بين مجموعة "BRICS".. وإنشاء مراكز للتبادل التجاري للسلع البريكس
كتب – إسلام سعيد

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

وزارة المالية الروسية: إنشاء مراكز للتبادل التجاري للسلع الأساسية مثل النفط والغاز الطبيعي والحبوب والذهب

القاهرة تشارك في الاجتماعات وسط ارتفاع في الصادرات المصرية لدول المجموعة

رئيس التمثيل التجاري: 13% زيادة فى صادرات مصر لدول التجمع أول 8 أشهر من 2024

تتجه أنظار العالم خلال أيام نحو اجتماعات مجموعة بريكس في الفترة بين 22 و24 أكتوبر 2024 في مدينة كازان الروسية بمشاركة رؤساء البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا، وسط مناخ اقتصادي عالمي معقد للغاية، خاصة مع اقتراح روسي لإجراء تعديلات على نظام المدفوعات عبر الحدود بين مجموعة دول "بريكس" (BRICS) بهدف تجاوز النظام المالي العالمي، إذ تسعى البلاد لحماية اقتصادها من العقوبات القاسية المفروضة عليها.

تفاصيل المقترح الروسي

المقترح الروسي يشمل بناء شبكة من البنوك التجارية يمكنها إجراء هذه المعاملات بالعملات المحلية للدول الأعضاء ضمن التحالف، بالإضافة إلى إنشاء روابط مباشرة بين البنوك المركزية، وفق تقرير أعدته وزارة المالية الروسية وبنك روسيا المركزي.

أشارت وزارة المالية الروسية إلى أن النظام متعدد العملات سيحتاج إلى عزل المشاركين فيه عن أي ضغوط خارجية مثل العقوبات العابرة للحدود -في إشارة للعقوبات الأميركية والأوروبية على روسيا- وأن المصالح الأميركية لا تتوافق دائماً مع مصالح المشاركين الآخرين داخل الشبكة المالية العالمية.

تتضمن الخطة الروسية المقترحة، إنشاء مراكز للتبادل التجاري للسلع الأساسية مثل النفط والغاز الطبيعي والحبوب و الذهب، من بين المقترحات التي قدمتها روسيا استخدام تقنية السجلات الموزعة (DLT) ، أو منصة متعددة الجنسيات جديدة للسماح بالتسويات باستخدام الرموز المشفرة.

وأشار المقترح الروسي إلى أن الميزة الرئيسية لاستخدام نموذج التسوية بتكنولوجيا السجلات الموزعة هي القضاء على مخاطر الائتمان" المرتبطة بالنظام المصرفي التقليدي، ويمكن لتكنولوجيا السجلات الموزعة أيضاً تقليل أوقات المعالجة والتكاليف، بحيث يخلو من الكيانات الوسيطة وفحوصات الامتثال للقوانين، ما سيوفر لدول "بريكس" ما يصل إلى 15 مليار دولار سنوياً إذا استخدمت نصف إجمالي التحويلات عبر الحدود هذه المعاملات.

تحديات أمام المقترح الروسي

دول "بريكس" الأخرى لا تواجه نفس تعقيدات العقوبات إعطاء الأولوية للوصول إلى النظام المالي القائم على الدولار، فعلى المستوى العالمي، فإن 58% من المدفوعات الدولية - باستثناء التحويلات داخل منطقة اليورو- تجري بالدولار الأميركي، بينما تُستخدم العملة الخضراء في 54% من الفواتير التجارية الخارجية حتى نهاية 2022، وفق معهد "بروكينغز إنستيتيوشن".

المقترح الروسي الذي يسعى إلى التخلص من هيمنة الدولار يصطدم بجدلية اصدار عملة موحدة لدول التجمع، يمكن الاعتماد عليها كعملة لحركة التجارة أو الاعتماد على العملات المحلية للدول الأعضاء، فالبرازيل تدعم فكرة إنشاء عملة موحدة بين دول "بريكس"، حيث شدد لولا دا سيلفا رئيس البرازيل، على أن تدشين عملة هي خطوة لا تهدف إلى تحدي التكتلات العالمية، أو الولايات المتحدة الأميركية، وقال إن المجموعة لا ترفض الدولار الأميركي، وإنما تسعى لإتمام التبادل التجاري بين أعضائها بالعملات المحلية في بعض الأحيان، لكن منذ اصدار هذا التصريح لم يتمكن التحالف من اتخاذ خطوات جادة نحو وجود عملة موحدة لدول البريكس.

ورغم نجاح التحالف في تدشين  بنك التنمية الجديد "New Development Bank" الذي تأسس عام 2015 برأسمال قدره 50 مليار دولار، بهدف توفر تمويلاً أسرع من البنك الدولي ، ودون فرض شروط صارمة، وأحدث عائد على السندات لدى البنك تصل إلى %5، بزيادة 100 نقطة أساس عن مثيلاتها في البنك الدولي، يضاف إلى ذلك تصنيفات ائتمانية دولية بدرجة +AA من قبل فيتش وستاندرد آند بورز، وقد استثمر بنك التنمية حتى الآن 33 مليار دولار في 96 مشروعاً داخل بلدان المجموعة، إلا أن البنك الجديد لم يتوسع في التمويلات أسوة بالبنك الدولي وصندوق النقد.

محاولات لإبعاد البريكس عن الصراعات السياسية

الهند والصين القطبين الكبيرين في تحالف البريكس  لهما ثقل اقتصادي  يحاول كل منهما فرض سيطرته ونفوذه داخل تحالف البريكس، ورغم أن الصراع بينهما لم يظهر علنًا حتى الآن ، لكن هناك قضية خلافية لا يمكن إنكارها حول هوية تحالف البريكس، فالصين تسعى لأن يكون التحالف ندًا سياسيا واقتصادية للهيمنة الغربية والأمريكية في حين تسعى الهند إلى الحفاظ على علاقات متوازنة اقتصاديا مع الغرب وأمريكا، وذكرت صحيفة فايننشال تايمز نقلاً عن مسؤولين لم تسمّهم، أن هناك خلافات حالية بين نيودلهي وبكين حول هوية مجموعة بريكس ودورها العالمي، فالأولى تدعم بحسب الصحيفة بقاء المجموعة حيادية على الساحة السياسية، بينما تدعم الثانية تحوّلها إلى مجموعة سياسية تواجه الغرب.

وبحسب براين هارت الباحث في مركز الدراسات الاستراتيجية في واشنطن، فإن خلافًا آخر بين الصين والهند حول السماح بدخول دول جديدة للتحالف، مضيفًا"الصين تسعى لفرض سيطرتها ونفوذها من خلال التحالف في حين ترى الهند الحفاظ على علاقة جيدة ومتزنة مع الغرب وعدم التوسع سريعًا في ضم دول جديدة للتحالف".

وتدعم دول بريكس، النظام التجاري المتعدّد الأطراف، كما تهدف إلى تعزيز دورها كقوة إقليمية، بحيث أدى نجاح تخصّصاتها الإنتاجية وأسعارها المناسبة إلى زيادة عائدات التصدير التي تشكل أصلاً الاحتياطيات الأجنبية التي تغذّي الصناديق السيادية، وبذلك يمكن للقوى الاقتصادية الناشئة الجديدة أن تكتسب صفة القوة المالية لبلدان بريكس كي تصبح بالفعل القوة الاقتصادية في القرن الحادي والعشرين، فبالنظر إلى مساهمة مجموعة بريكس في الاقتصاد العالمي والتي وصلت 31.5%، وبحسب قاعدة بيانات البنك الدولي فقد بلغ الناتج المحلي للاقتصادي العالمي 96.1 تريليون دولار في عام 2021  وكانت مساهمة مجموعة السبع الصناعية من هذا الناتج 42.3 تريليون دولار وبما يعادل 44%، فيما بلغت مساهمة دول تجمع البريكس في هذا الناتج 24.2 تريليون دولار، وبما يمثل نسبة 25%.

وتكشف أرقام قاعدة بيانات البنك الدولي، أن الصادرات السلعية على مستوى العالم بلغت في نهاية عام 2021 ما قيمته 22.4 تريليون دولار، كما بلغت الواردات السلعية على مستوى العالم كذلك في نفس التاريخ 22.6 تريليون دولار، كما حققت الصادرات السلعية لمجموعة السبع الصناعية بلغت 6.3 تريليونات دولار، وبما يمثل نسبة 28.1% من إجمالي الصادرات السلعية للعالم، فيما بلغت الواردات السلعية لنفس المجموعة وفي نفس التاريخ نحو 7.6 تريليونات دولار، وبما يمثل نسبة 33.5% من إجمالي الواردات السلعية للعالم.

ويكشف أداء تجمع دول بريكس أن حصيلة الصادرات السلعية للمجموعة في نهاية عام 2021 بلغت 4.6 تريليونات دولار، وهو ما يمثل 20.7% من إجمالي الصادرات السلعية للعالم، في حين بلغت الواردات السلعية في نفس العام للمجموعة 3.9 تريليونات دولار، وبما يمثل 17% من إجمالي الواردات السلعية للعالم، والأرقام هنا تكشف تنامي مستمر لصادرات دول مجموعة البريكس بقيادة الصين بوصفها الوزن الأكبر في صادرات دول المجموعة، الأمر الذي يفتح الباب أمام تأثير أكبر وأقوى لدول المجموعة على حركة التجارة العالمية خلال السنوات المقبلة.

المشاركة المصرية المرتقبة في اجتماعات البريكس المرتقبة

كشف الوزير مفوض يحيى الواثق بالله رئيس التمثيل التجاري المصري، تفاصيل المشاركة المصرية في قمة مجموعة بريكس في الفترة بين 22 و24 أكتوبر 2024 في مدينة كازان الروسية بمشاركة رؤساء البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا، مشيراً إلى أن تمثيل مصر في المشاركة سيكون عالي المستوى يتناسب مع الحدث الكبير.

وأضاف في تصريحات لـ "اليوم السابع"، أن صادرات مصر لدول تجمع البريكس ارتفعت 13 % خلال الفترة من يناير إلى أغسطس 2024، خاصة لدول الهند وروسيا الاتحادية والبرازيل، رغم أن "البريكس" ليس اتفاق تجارة حرة يقدم إعفاءات جمركية للدول الأعضاء في التكتل.

وأوضح أن قطاعات صناعية مختلفة من مصر تمكنت من زيادة صادراتها إلى دول البريكس، ولفت إلى أن المواصفات التصديرية ليست صعبة داخل دول التجمع، وهذا يسمح للمصدر المصري بالدخول لأسواق دول التجمع باستثناء الصين.

وشدد رئيس التمثيل التجارية، على أن المواصفات التصديرية للبرازيل وجنوب أفريقيا والهند ليست معقدة ويمكن للمصدر المصري وضع خطط لهذه الأسواق واستهدافها تصديريًا خلال الفترة المقبلة.

وأكد "الواثق بالله"، على ضرورة تشجيع المصدر المصري للتركيز على استهداف أسواق البريكس، وعدم الاعتماد فقط على أسواق الدول العربية أو دول أفريقيا، لأن أسواق تجمع البريكس ضخمة جدًا وبها فرص مميزة.

وأشار الوزير مفوض، إلى أن تركيز الصادرات المصرية على عدد محدود من الأسواق لا يساعدنا على تحقيق أهداف تنمية الصادرات، ولذا يجب أن يكون هناك خططًا لدى المصدرين لأسواق مثل الهند والبرازيل وجنوب أفريقيا

وبسؤاله عن الاجتماعات المرتقبة خلال قمة البريكس في مدينة كازان، ذكر "الواثق بالله"، أن الاجتماعات تبحث كيفية التيسير على الدول الأعضاء وكيفية زيادة التعاون في المجالات السياحية والتجارية والمقاولات والمشروعات المختلفة التي تخدم دول التجمع، وتحقيق المصلحة المشتركة.

انضمام مصر لتجمع البريكس

في وقت سابق، أعلن مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار عددًا من المكاسب الاقتصادية المتوقعة لانضمام مصر لدول البريكس:
- تعزيز علاقات مصر التجارية لتصدير المزيد من منتجاتها إلى الأسواق الناشئة الرئيسة.

- توسيع الصادرات المصرية إلى دول المجموعة مع الاستفادة من الاتفاقيات التجارية مثل السوق المشتركة للجنوب (ميركوسور) لتصبح مركزًا يربط إفريقيا وآسيا وأمريكا الجنوبية.

- زيادة الاستثمارات الأجنبية الواردة إلى مصر حيث أظهرت بيانات الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة أن مساهمة الاستثمارات التراكمية لدول البريكس سواء الخمسة المؤسسين أو الأعضاء الجدد في مصر بلغت نحو 17.4 مليار دولار حتى سبتمبر 2023.

- مع تطلع الاقتصاد المصري إلى جذب عدد كبير من المشروعات المستقبلية خاصة مشروعات الرقمنة والتنمية الزراعية والاستثمارات البيئية الخضراء والبنية التحتية كذلك مشروعات الطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر فإن التواجد في البريكس يسمح في دفع مزيد من الاستثمارات في تلك المجالات التنموية المهمة.

- تبادل الخبرات والكفاءات بشكل مباشر مع الدول الأعضاء خاصة تلك الخبرات المتعلقة بالصناعة والتكنولوجيا.

- تأمين احتياجات الدولة من السلع الاستراتيجية مثل الحبوب كالقمح والأرز خاصًة وأن هذا التجمع يستحوذ على حصة كبيرة من الاقتصاد العالمي من تجارة الحبوب تظهر بوضوح في دولتي الهند وروسيا.

- توطين الصناعة المصرية من خلال الاستفادة من خبرات الدول المشاركة في زيادة معدلات التصنيع والإنتاج وخلق سوق مشتركة لترويج السلع والمنتجات المصرية.

وضمت مجموعة دول بريكس في الأساس البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا، وجرت تسميتها بجمع الأحرف الأولى لأسماء هذه الدول باللغة الإنجليزية.

انضمت مصر رسمياً إلى مجموعة "بريكس" مع بداية يناير 2024، وهي خطوة ينتظرها عدد كبير من القطاعات الإنتاجية في البلاد بهدف تقليل الطلب على الدولار والمساهمة في توفير الاحتياجات التصنيعية ومداخلات الإنتاج من الدول الأعضاء في البريكس وبتسهيلات تساهم في خفض الضغط على الدولار.

وتتشارك مجموعة البريكس التي تضم قوى متباينة الحجم الاقتصادي والنظام السياسي هدف واحد وهو الحد من سيطرة الدولار على حركة التجارة، وكذلك إيجاد بدائل لنظام عالمي يهيمن عليه الدولار والقوى الغربية، وهناك أكثر من 40 دولة أبدت رغبتها بالانضمام لمجموعة البريكس مؤخراً، وسط تفاؤل أقليمي كبير بالوصول إلي آليات اقتصادية تساهم في الحد من هيمنة الدولار، في ظل ارتفاع مستمر في تكلفة اقتراض العملة الأمريكية.







مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة