الفنان أحمد بدير فنان شامل الأداء، وبرغم التصنيف الخادع بأنه ممثل كوميدي، فإن أعماله التراجيدية علامات ملهمة ومنها مثلا مسلسل "الزيني بركات" وفيلم "بطل من ورق" وأدواره المتعددة في سينما يوسف شاهين ومع خالد يوسف الذي قدمه في دور مركب بفيلم "حين ميسرة "، وغيرها من الأدوار التي صال وجال فيها بعيدًا عن الكوميديا سواء في السينما أوفي المسلسلات التليفزيونية والإذاعية، ولذلك فهذا الحوار هو "حوار الذكريات 2"، يربط الآن بالماضي في مسيرة هذا الفنان الأصيل المخلص جدًا لمهنته.. فرحلته تستحق التأمل والدراسة في أكثر من حوار..
• هل أنت صعيدي النشاة والمولد؟ ولماذا المعلومات قليلة عن عائلتك؟
أنا أصولي من ناحية والدي صعيدية من محافظة قنا لكنني مواليد القاهرة، أما الوالدة فهي من محافظة كفر الشيخ، وأشقائي (11) شقيقا وشقيقة، منهم من ولد في قنا، ومنهم من ولد في كفر الشيخ، وترتيبي السادس وسط أشقائي، ومن جاءوا بعدي من الأخوات ولدوا في حدائق القبة مثلي، ولا يوجد في عائلته من له أي علاقة أو صلة بالفن، أما أسرتي الصغيرة فلدي بنتين هما (سارة ودعاء)، وزوجتي حاليًا هي السيدة فاتن الطوخي شقيقة الكاتب المسرحي الراحل محمود الطوخي، وأنا "كائن بيتوتي"، بحب البيت والأسرة ولمة العيلة، وحينما يكون ليس لدي تصوير أو مسرح أو اي ارتباطات فنية تجدني في منزلي أو في صومعتي وهي مكتبي وسط الكتب، أو أمام التليفزيون، وحاليا أكثر الأوقات بالنسبة لي استمتاعا هي التي أقضيها مع أحفادي (فرح وياسين).
• هل بالفعل كنت مرشح لتجسيد شخصية "ابن رشد" في فيلم "المصير" التي قدمها الراحل نور الشريف؟
بالفعل كنت رٌشحت لدور ابن رشد وكنت وقتها أقدم مسرحية مع جلال الشرقاوي، وخالد يوسف جاءني للمسرح وقال لي: الأستاذ بيبلغك إنك تسيب دقنك ولم يخبرني لماذا؟، وكان كلما يسألني جلال الشرقاوي بأدائه المعروف: "ليه سايب دقنك يا أحمد.. إحنا في مسرح يا بابا "، فأقول له: معلش يا أستاذ عندي حساسية، وعندما ذهبت لمكتب يوسف شاهين علمت من خالد يوسف أنه كان قد شاهد مسلسل "الزيني بركات"، وأعجب جدًا بدوري وأدائي في هذا المسلسل، وكان هذا الفيلم مرشح له أكثر من ممثل كـ "ثنائيات" فهكذا يفعل يوسف شاهين في كل أفلامه، ومن الثنائيات: (أحمد زكي مع يحيي الفخراني، وأنا مع عمر الشريف، وأيضًا (نور الشريف ومحمود حميدة)، لكن في النهاية استقر يوسف شاهين علي نور الشريف ومحمود حميدة، ولكني لو كنت قدمت هذه الشخصية كانت ستكون نقلة مهمة، ولكنه النصيب، ولكني بعدها قدمت مع يوسف شاهين البطولة في فيلم "سكوت هنصور"، وكانت تجربة ممتعة جدًا وتعلمت منه منذ أول مشهد معه حينما قال لي أمام فرجاني: "خليكي طبيعي زي صاحبك" وأنا تعلمت منه وأصبحت فعلا طبيعيا في كل أدواري في السينما والتليفزيون.
أحمد بدير والكاتب الصحفي جمال عبد الناصر
لماذا لم تتأثر بأداء يوسف شاهين مثل بقية الممثلين الذين شاركوا في أفلامه؟
يوسف شاهين كان بيحبني جدًا ويستدعيني في أفلامه، وقدمت معه أدوار صغيرة في بعض الأفلام لكني كنت أذهب في غير أيام التصوير الخاصة بي، لكي أتابعه وأتعلم منه، وأنا تدرجت معه في الأدوار من الصغيرة للأكبر ثم للأكبر ثم للبطولة الجماعية في فيلم " سنكوت هنصور "، وهو بالمناسبة لم يطلب مني مطلقا تقليده، ولا يطلب من ممثليه تقليده كما هو معروف، والدليل أنني مثلت بطريقتي ولم يعترض، ولكن بعض الممثلين يقومون بتقليده كنوع من الاستسهال، فيأخذون من أدائه لكي يرضوه، والحقيقة أنني تعلمت منه الكثير فهو مخرج كبير وعبقري ويعرف كيف يختار الممثل ويسكنه في الدور المناسب له.
من الفنان الذي دعم أحمد بدير في بداياته؟
الفنان محمود المليجي فقد كنت أقدم دور "جرسون" من خلال عرض مسرحي بعنوان " مبروك " تأليف لينين الرملي وإخراج شاكر عبد اللطيف وإنتاج مصطفي بركة، وبطولة محمود المليجي وصفاء أبو السعود ومحمود الجندي عام 1977، فطلبت من الفنان الكبير محمود المليجي إضافة جملتين لدوري فوافق المليجي، وساعدني ومنحني الدعم والثقة، فقد وظفت لحظة درامية مأساوية لأصنع منها موقفا كوميديا، فالمشهد محتدم بين المليجي ومحمود الجندي الذي يوجه مسدسه في وجهه، ويقول له : "سأقتلك لأنك دمرت حياتي "، وهنا أدخل أنا وأقول ما اتفقت عليه مع الأستاذ المليجي، ولكني فجأة توترت، وبلغة المسرح " أبيضت " أي حدث لي لحظة صمت، فنظر المليجي لي نظرة معناها ( يله قول جملتك بسرعة )، وهنا وقفت ما بين المليجي والفنان محمود الجندي لأحميه من الرصاص إذا انطلق من المسدس، وقلت له : " لا يا أستاذ مبروك متقتلوش .. ده هو اللي مربيني وهو اللي خيره عليا .. وهو وهو وهو " ونزلت الدموع من عيني فصفق الجمهور تصفيقا حارا، ولكني استمر وأقول لمحمود الجندي: "اقتلني أنا متقتلوش هو" وفي نفس هذه اللحظة أقوم بتحريك الفنان محمود المليجي أمام الجندي وأضعه أمام المسدس ، فيضحك الجمهور بشكل هيستيري، وبعد هذا المشهد من المسرحية أشاد الأستاذ محمود المليجي بما أضفته وقال لي: سيكون لك مستقبل كبير في الكوميديا، وتنبأ لي بالنجومية.
جانب من حوار الفنان أحمد بدير مع الزميل جمال عبد الناصر
ومن الفنان الثاني الذي قام بدعمك وساندك؟
الفنان نور الشريف هو ثاني فنان كان يدعمني ويقف بجواري في بداية مشواري بعدما دعمني الفنان محمود المليجي في أول مسرحية احترافية، وهي " مبروك " ، فقد قدمت شخصية حسن أبو جراب في مسرحية "بكالوريوس في حكم الشعوب" تأليف علي سالم، ورشحني في هذا العمل الفنان ممدوح وافي، وقابلني بالمنتج مصطفي بركة، والمخرج شاكر عبد اللطيف، الذي أسند لي هذه الشخصية، لأمثل أمام نور الشريف ويحيي الفخراني وليلي علوي، وكانت مساحة دوري أصغر دور في المسرحية، ولكن الفنان نور الشريف كان يحبني جدا، فزاد من مساحة الدور الذي أقدمه، وكان يدعمني، وخدمني في هذه المسرحية خدمة العمر، وأنا اعتبره أستاذي، فقد ساعدني كثيرا ومنحني المساحة التي تظهر قدراتي، وكان يشجعني، وبسببه كتبت وقتها الصحافة عني الكثير من المانشيتات من نوعية: "صاروخ الكوميديا القادم"، و"نجم كوميدي جديد في المسرح المصري " وكان هذا بالنسبة لي نقلة مسرحية ، وبعد هذه التجربة قدمت أيضا مع العظيم نور الشريف مسرحية "سهرة مع الضحك"، والتي استمر فيها نور في دعمي ومنحني البطولة في مسرحية " الكاتب والشحات " وهي مسرحية ذات فصل واحد، فقد قدم نور في هذه التجربة ثلاث مسرحيات للكاتب علي سالم ومنها مسرحية " الكاتب والشحات " التي قدمت فيها شخصية الشحات أمام نور الشريف، وحققت بهذه المسرحية نجاحا أكبر وشاهدها جمهور أكبر وكتب عنها نقديا الكثير من المقالات وعرفني صناع المسرح المصري، وأثنائها جاءتني الفرصة الذهبية لأنضم لفرقة الفنانين المتحدين، وأشارك بعدها في مسرحية " ريا وسكينة".
كيف رشحت لمسرحية "ريا وسكينة"؟
كنت دائما بعد انتهاء عرض مسرحية "سهرة مع الضحك" مع نور الشريف أسير في شارع الشيخ ريحان وأري أفيش مسرحية " ريا وسكينة "، وصورة لشادية ومدبولي وسهير البابلي وحمدي أحمد، وكان الأخير يرتدي لبس "شاويش"، وأنا كنت قد قدمت من قبل لمصلحة العمل الفدائي مسرحية " البطوطة " إخراج محمد راضي، وكنت أقوم فيها بدور شاويش أيضا، ونجحت جدا في تقديمه بشهادة الجمهور، وعندما شاهدت صورة " حمدي أحمد " قلت لنفسي : ياه .. فكرني بدور الشاويش الذي قدمته .. مش لو كانوا شافوني في دور الشاويش كانوا رشحوني "، كنت أحدث نفسي وكأنني أحلم حلم يقظة وأنا أسير في الشارع وأتخيل نفسي في هذه المسرحية ، وتمنيت أن يكون هذا الدور من نصيبي، وسبحان الله تتحققت الأمنية بعد سنة، ليتصل بي شكري عبد الوهاب من فرقة الفنانين المتحدين ويقول لي: أنت مرشح لدور الشاويش مكان حمدي أحمد لأنه اعتذر، فطلبت منه أن يمنحني وقت لكي ارد عليه، والسبب أنني كنت "عايز" اتصل بالفنان حمدي أحمد لاستئذانه، فقال لي: بس بسرعة وخد بالك الدور مترشح فيه ممثلين غيرك منهم محمود القلعاوي ونجاح الموجي، ومن يرد ويكون ظروفه متاحة أكثر سوف يقتنص الدور.
أحمد بدير والكاتب الصحفي جمال عبد الناصر
ولماذا أسندوا إليك أنت الدور وتم استبعاد نجاح الموجي ومحمود القلعاوي؟
توفيق الله، فقد عدت للمنزل واتصلت بالفنان حمدي أحمد فكان وقتها في اليونان يقوم بتصوير مسلسل، وزوجته أبلغتني أنه سوف يعود يوم الجمعة ، فاتصلت بشكري وطلبت منه أن يمهلني ليوم الجمعة، فقال لي : براحتك بس كده ممكن الدور هيروح منك، فقلت له : لو ليا نصيب هعمل الدور ، وجاء يوم الجمعة واتصلت بالفنان حمدي أحمد وسألته ، فقال لي : " أنا مش هكمل في المسرحية دي واعمل أنت الدور يا أحمد وبالتوفيق ربنا معاك "، وبذلك حصلت علي الموافقة من الفنان حمدي أحمد، ووجدت شكري يتصل بي ويقول لي : " ها هتشتغل معانا ولا نكلم القلعاوي ونشوف الموجي، فقلت له : تمام أنا معاك.
هل سهير البابلي كانت متذمرة منك في بروفات "ريا وسكينة"؟
كلا ثم كلا .. أنا لم أقابل الممثلين (شادية ولا سهير ولا مدبولي) طوال فترة البروفات، وقابلتهم علي "البروفة الجنرال" وكنت متوتر ومرعوب جدًا، وأتذكر في اليوم الأول الذي ذهبت فيه للمسرح كان سمير خفاجة وسهير البابلي علي الخشبة وأنا "رايح جي بالبدلة علي المسرح "، وكانت المجاميع جالسة في المسرح حوالي 50 فرد، وفجأة سمعت سهير البابلي تهمس وتقول للمنتج سمير خفاجة : لو بدير مش جاهز نأجل أسبوع، فقال لها : طيب هنشوف، وهذه الجملة نزلت علي مثل الحجر علي رأسي ، وجاء المشهد الأول لي حسب ترتيب الأحداث، وهو مشهد "الهبلة الحمارة أم بدوي" فدخلت، وقلت كلامى، وفجأة وجدت الجمهور "المجاميع" يضحك وبصوت عالي ، وهنا قال سمير خفاجي لسهير البابلي: "شوفتي أهو الراجل حافظ وتمام .. كده اطمنتي "، فقالت له سهير البابلي: ده كوميديان هايل، وعديت من هذه المرحلة الصعبة وهي مرحلة الانسجام مع الممثلين ، والحمد لله شادية وسهير ومدبولي كانوا مبسوطين جدا من أول عرض قدمته معهم ، ولكني ظللت لمدة أسبوع أحافظ علي إفيهاتهم، ولا اضيف جملة حتي اكسب الثقة لديهم وأقيس "رتم" الإفيهات الخاصة بهم، وبعد أسبوع قررت وضع إضافاتي بعدما كسبت ثقتهم وثقة الجمهور.
لماذا تخوفت في البداية من تقديم مسرحية "الصعايدة وصلوا"؟
هذه المسرحية تخوفت منها جدا لعدة أسباب، ومن أهمها أنها كانت تعرض علي مسرح " مينوش " وكان جديدا ولا يعرفه الجمهور، وقلت للمنتج وقتها : "خلي عادل امام يعرض علي المسرح شهر وبعدها أجي أنا أعرض علشان الناس رجلها تاخد علي المسرح " ، فقد كنت متخوف من مكان المسرح، فاقنعوني بأن الدعاية سوف تأتي بالجمهور، فاقتنعت ، ولكن هناك مغامرة وتخوف آخر من فكرة موضوع المسرحية عن الصعايدة والنكات عليهم، ولكن مع أول يوم عرض وجدت طوابير علي الرصيف، واكتشفت أن نجاح هذه المسرحية في البداية وإقبال الجمهور عليها جاء بسبب عنوانها " الصعايدة وصلوا "، فالعنوان جاذب جدا، وأغلب الجمهور كان " عمم " صعايدة جاءوا ليشاهدوا العرض من القاهرة ومن الصعيد خصيصا، وكنت متخوف من فكرة النكت علي الصعايدة ولكن جاءتني فكرة، وهي أن أقول النكتة ثم بعدها أقول : "عيب الصعايدة مينفعش تقول عليهم كده " ، وكان الصعايدة يضحكوا علي النكات ويقتنعوا بجملتي وبذلك كسبت الجمهور، ونجحت المسرحية جدا جدا وحققت نجاح جماهيري كبير.
لماذا أحدثت مسرحية "دستور يا سيادنا" أزمة سياسية وقت عرضها؟
المسرحية كانت جريئة وسياسية كوميدية وبها مشهد في ليلة الدخلة للشخصية التي أجسدها، بشكل كوميدي، وأخرج كتاب من تحت السرير في ليلة دخلتي وحسب أحداث المسرحية أنني مرشح للرئاسة فاعتبر نفسي رئيس فأقرا عنوان الكتاب قائلا : " كيف يتزوج الرئيس " ، وهنا تدخلت الجهات وقالوا أنني اقوم بالسخرية من الرئيس وقتها، وبعد عرض هذا المشهد وقفت المسرحية لمدة أسبوع، وحدث قلق وجاءت وكالات الأنباء للمسرح وأعلن جلال الشرقاوي عن مؤتمر صحفي وجاءت درية شرف الدين والدنيا اتقلبت في وزارة الداخلية ولكن بعدها شاهدوها وسمحوا بعرضها، ولكن هذا الوقف حقق لها جماهيرية كبيرة .
لماذا اعترضت د. هدي وصفي من قبل علي "إفيه" لك في مسرحية "رأس المملوك جابر"؟
مسرحية "مغامرة رأس المملوك جابر" نص مسرحي عظيم للكاتب الكبير سعد الله ونوس، يصور واقع الشعوب العربية، وكانت هذه هي المرة الأولي التي أقف فيها علي المسرح القومي بطلا، وكانت المسرحية من إخراج مراد منير، في الفترة التي كان المسرح القومي وقتها تحت إدارة الدكتورة هدي وصفي، وكنت في هذه المسرحية لدي أفيه شهير مع الفنان حسن الأسمر، ففي أحد المشاهد بعد ما ينتهي حسن الأسمر من كلامه معي أقول له في المشهد بتأثر شديد : أنا مضايق جدا ، فيرد حسن الأسمر : من إيه ؟ ، فأقول له : معقولة المسرح القومي .. هذا المسرح العريق الذي وقف علي خشبته عمالقة المسرح، يبدأ بجورج أبيض، وينتهي بيه الحال مع حسن الأسمر "، وكان إفيه عالي جدا يضحك الجمهور في الصالة ويصفقون بشدة كل يوم عرض ، وأتذكر ان الدكتورة هدي وصفي قالت لي : يا أستاذ احمد أرجوك أنت كده بتخرج عن تقاليد المسرح القومي، وكان لديها تحفظ علي هذا الإفيه ، لكني كنت مصر علي قوله.
لماذا توقفت عن تقديم الأعمال المسرحية؟ هل اعتزلت المسرح؟
مؤكد لم اعتزل ولكني توقفت بسبب الوضع الغريب في مسرح الدولة، فآخر مسرحيات قدمتها كانت مسرحية " غيبوبة " مع المخرج شادي سرور، ثم مسرحية " فرصة سعيدة " مع الفنان محمد جمعة، وكانت تجربتين ناجحتين جدا علي المستوي الجماهيري، وعلي المستوي النقدي، وأحدثت هذه الاعمال صدي كبير لدرجة أن الدكتور جابر نصار رئيس جامعة القاهرة عندما شاهد مسرحية "غيبوبة" قال لي : لابد أن يشاهد هذا العمل طلبة الجامعة، وكان يرسل لي الآلاف من الطلبة ليشاهدوا العمل والشيخ خالد الجندي بعد مشاهدتها كان يتحدث عنها في برنامجه يوميا، وهي من أجرا الأعمال التي قدمت في المسرح المصري ، فهي كانت توصف وتعري الحالة التي كانت تمر بها مصر فترة الثورة، أما مسرحية " فرصة سعيدة " فكانت آخر عمل قدمته علي مسرح الدولة، وقدمت من خلالها شخصية " مرتضي " ذلك الرجل الذي تقدم به العمر، فيجد نفسه وحيدا فى منزله دون صحبة أو رفقة في ليلة عيد ميلاده، وهذه المعاناة تجعله يفكر، ويتسائل هل لو حصل علي فرصة أخري، هل ستكون فرصة سعيدة، و هل ممكن من خلالها أن يقوم بإصلاح أخطائه، إنها لحظات الحصاد فى نهاية العمر، وهي كانت من المسرحيات الناجحة جدا ولكن هناك حاجة غريبة جدا تحدث في مسرح الدولة وهي أن المسرحية الناجحة لا تستمر، وتتعامل بعض المسارح مع العروض التي تنتجها بمنطق غريب وهي منطق " الدور "، وأنا هاجمت وزير الثقافة وقتها وقررت عدم المشاركة مرة أخري إلا إذا تغير هذا الوضع.
لماذا دائمًا الفنان أحمد بدير متهم بالخروج عن النص؟
هناك فرق بين الخروج علي النص وبين الإضافة، فالخروج أن هو أن يقف الحدث في المسرحية ويقول الممثلين نكات أو يخترعون اسكتش وإفيهات، ويشاركون الجمهور معهم في تعليقات، فهذا هو الخروج ،وهولا يفيد الحدث بل يطيل زمن العرض، وهذا لم أفعله مطلقا في أي عمل مسرحي شاركت فيه، ولكني أحيانا أضيف والإضافة ليست خروج علي النص فـ ( 90 ) % من أداء الممثل معايشة مع الشخصية و( 10 ) % كونترول، وحتي في السينما لابد من الكونترول لكني أترك نفسي بهذه النسبة ( 90 % ) داخل الشخصية وعندما تخرج أي إضافة تكون وليدة اللحظة ، مثل المشهد الذي جمعني بالفنان محمود المليجي، فقد أضفت عليه ولم أخرج علي النص لأني وجدت أن الإضافة هنا في محور الشخصية ولا توقف الحدث بل تؤكده وتضيف عليه بسمة، ولذلك أعجب بها محمود المليجي في مسرحية "مبروك" التي كانت أول تجربة لي علي المسرح بشكل احترافي، لذلك فأنا أحب الإضافة مثل إضافات مسرحية "ريا وسكينة": (سحر ورشا، واسمي هاني، ومشهد الأكل، واديلو أدي أديله إدي "كل هذه إضافات في صالح الشخصية.
هل استخدمت منهج وتكنيك في التمثيل قريب من منهج الراحل العظيم نجيب الريحاني؟
نجيب الريحاني كان أول فنان أحبه وهو من جعلني أحب التمثيل ومنحني المفتاح، فقد استفدت منه ومن مدرسته في كيفية إضحاك الناس من خلال لحظات انسانية، ومن خلال السخرية من حظه، فهو يقدم كوميديا إنسانية وأنا تأثر به جدا، لأني أحب هذا المنهج، وأنا أخرجت في قصر ثقافة الريحاني الذي كان سيسكن فيه قبل وفاته، فهو قريب من منزلي وموجود في الحي الذي نشأت فيه وهو حي حدائق القبة .
البعض أيضا يري تأثرك بمحمود المليجي في الأداء المعبر بالعينين والعمق الموجود بها ؟
أنا جسدت شخصية الفنان محمود المليجي في مسلسل تناول حياة الفنان إسماعيل ياسين وهو "أبو ضحكة جنان"، ولم أقلده ولكني كنت حريص علي تقمص روحه، وركزت علي الجوانب الإنسانية في حياته من خلال السيناريو، والمليجي من ضمن القمم التي أحببتها ووقفت معه علي المسرح وقدمت معه رباعية تليفزيونية، والمليجي أعظم من مثل بعينيه في تاريخ التمثيل وانا قدمت دوره في مسلسل " اسماعيل ياسين " ولم اقلده، بل تلبست روحه كما أكدت لك.
حوار الفنان أحمد بدير لليوم السابع
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة