الخطوط الحمراء كُسرت في الحرب على لبنان، فلم تكتف إسرائيل خلال حربها على لبنان بتدمير البنى التحتية والأحياء السكنية والمرافق الصحية؛ واستكمالًا لجرائمها في لبنان، طال القصف المواقع الأثرية والثقافية؛ ويأتي استهداف مواقع لبنان الاثرية ليكرس تجاوز إسرائيل للخطوط كافة؛ حيث شن العدوان غارات على بعض المواقع الأثرية آخرها ما شهدته قبة منطقة دورس الأثرية، التي يعود تاريخها إلى عصر الدولة الأيوبية.
وهي عبارة عن قبة فوق ثمانية أعمدة من الجرانيت الأحمر، ويقال أن أحجارها تعود إلى حطام قلعة بعلبك الأثرية وتقع على يسار مدخل بعلبك الجنوبي (بلدة دورس)، وفى الماضى كانت هذه المنطقة عبارة عن مقبرة عظيمة تعود إلى العصر الروماني.
جاء ذلك بعد أن تعرضت مدينة بعلبك وقرى القضاء لسلسلة غارات إسرائيلية، بينها غارة كانت جهة مدخل بعلبك الجنوبي، عند "قبة دورس"، التي دمرت أحد المباني وألحقت أضراراً مادية كبيرة بالأبنية والمحال والمؤسسات المجاورة.
في هذا الصدد ، أكد رئيس بلدية بعلبك مصطفى الشل، أن هناك أضرارا في تاج قبة دورس الاثرية، نتيجة العدوان الذي تعرضت له المنطقة القريبة من القبة ، مشيرا إلى أن العدوان تسبب بانهيار جزء من الحجارة العلوية عن التاج وزعزعة أعمدة القبة، علما بأن قلعة بعلبك الأثرية مصنفة من قبل منظمة اليونيسكو ضمن التراث العالمي، وبالتالي هذا يشمل كل ملحقاتها في المواقع الأثرية والتاريخية في مدينة بعلبك.
محيط قلعة بعلبك
وسبق هذا الاستهداف غارات إسرائيلية على محيط قلعة بعلبك الأثرية شرق لبنان؛ حيث استهدف جيش العدوان محيطها فى غارة سابقة تم تنفيذها على مقربة من القلعة التي تعود إلى الحقبة الرومانية، ويعد الحرم مُدرجا على قائمة التراث العالمي لمنظمة التربية والعلم والثقافة، التابعة للأمم المتحدة «يونيسكو» منذ عام 1984.
وفى هذا الصدد قال محافظ بعلبك، بشير خضر، إن الغارة وقعت على بُعد نحو 500 إلى 700 متر من القلعة، ولم تكن في القلعة أو في حرم القلعة، لكنه حذر من أن الغارات المماثلة والقريبة تسبب أثراً سلبياً على الموقع الأثري، سواء من الدخان الأسود الذي يؤثر على الحجارة، أو من قوة الانفجار الذي قد تؤثر ارتجاجاته على الموقع، حتى لو لم يجرِ استهدافه مباشرة.
قلعة بعلبك الأثرية
وقد أظهرت لقطات الفيديو سحباً من الدخان المنبعث من خلف الموقع الأثري في بعلبك.
وتعرضت منطقة بعلبك، الواقعة في البقاع بشرق لبنان، بالإضافة إلى أطراف مدينة بعلبك، لغارات إسرائيلية بشكل متكرر، منذ أن كثفت إسرائيل قصفها للبنان في 23 سبتمبر الماضي.
إن تكرار هذه الاعتداءات الغاشمة أثار مخاوف من تداعيات العدوان على المواقع التاريخية في لبنان، وفى تعليقه قال وزير الثقافة اللبنانى محمد وسام المرتضى إنه وجه خطابا إلى منظمة اليونيسكو، مطالبًا فيه باتخاذ خطوات عاجلة دوليًّا لحماية 95 موقعًا ثقافيًّا من ضمنها المواقع اللبنانية المدرجة على لائحة التراث العالمي، بالإضافة إلى طلب حماية معززة وفقاً للبروتوكول 2 لسنة 1999 لحوالي 34 موقعًا ثقافيًّا معرضًا للخطر من جراء القصف، وقد طالب أيضا بإجراء ما يلزم للتقدم بالشكاوى أمام الجهات المختصة.
وقد قامت وزارة الثقافة عبر المديرية العامة للآثار بتحضير استمارات الحماية المعززة للمواقع المعرضة للخطر 34 والتي تعتبر ذات أهمية عالية بالنسبة إلى الإنسانية جمعاء.
أضاف أنه تم التجاوب من قبل منظمة اليونيسكو مع طلب الوزير إذ دعت المنظمة إلى اجتماع طارئ للبحث في تأمين الحماية المعززة للمواقع التي قامت الدولة اللبنانية بطلبها مؤخرا.
مدينة الشمس
"بعلبك" هي عاصمة محافظة بعلبك-الهرمل، كانت تُعرف أيضًا باسم "هليوبوليس "أى "مدينة الشمس" في العصر اليوناني والروماني،ومعظم سكانها من المسلمين الشيعة.
وبها مجمع معابد بعلبك الذي يضم اثنتين من أكبر آثار المعابد الرومانية: معبد باخوس ومعبد جوبيتر. وقد سُجِلت المدينة كموقع للتراث العالمي لليونسكو عام 1984.
عُرفت هذه المدينة الفينيقية ب"مدينة الشمس" في العهد الهيلينستي، وتُعد بعلبك بمبانيها الضخمة من أهم آثار الهندسة الرومانية الإمبراطورية وهي في أوج ذروتها، وفق منظمة اليونيسكو.