قالت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، في عددها الصادر اليوم الثلاثاء، أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين حقق انتصارا دبلوماسيا اليوم عندما رحب بزعماء مجموعة البريكس في بلاده، وذلك في افتتاح قمة دول الأسواق الناشئة التي تسعى إلى إعادة التوازن إلى النظام العالمي الذي تهيمن عليه الولايات المتحدة.
وذكرت الصحيفة، في تقرير إخباري من مراسليها، أن بوتين، الذي لا يستطيع السفر بحرية إلى الخارج بسبب مذكرة اعتقاله الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية بسبب حرب أوكرانيا، تمكن من تصوير نفسه كرجل دولة عالمي من خلال بسط السجادة الحمراء لأمثال الزعيم الصيني شي جين بينج ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، حتى في الوقت الذي تحاول فيه الولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيون عزله.
وأضافت أن طائرة الرئيس شي رافقتها طائرة مقاتلة روسية قبل هبوطه في مدينة قازان الروسية لاستقباله على السجادة الحمراء، والذي تضمن حرس الشرف والنساء في الأزياء التقليدية يحملن أطباقًا مكدسة من الوجبات الخفيفة التتارية المعروفة باسم تشاك تشاك.
وتابعت أن الاجتماعات مع الزعماء الأجانب، أصبحت أكثر ندرة بالنسبة لبوتين بسبب الحرب في أوكرانيا حيث سعى إلى استخدام التجمع لإظهار أن لديه حلفاء أقوياء ونفوذ في العالم.
ونقلت الصحيفة عن شي، الذي خاطبه باعتباره "صديقًا عزيزًا" قوله في بداية اجتماع ثنائي: "إن التعاون بين روسيا والصين في الشؤون الدولية هو أحد عوامل الاستقرار الرئيسية في العالم، سنواصل التعاون لإقامة نظام عالمي عادل".
ولفتت إلى أن هذه القمة ربما تكون هي الحدث الدولي الأكثر شهرة في روسيا منذ أمر بوتين بالتدخل العسكري في أوكرانيا في فبراير 2022، أو حتى في التاريخ الروسي.
وأشارت الصحيفة الأمريكية إنه على مدى ثلاثة أيام، سيستضيف بوتن أيضا الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أول عضو في حلف شمال الأطلسي يبدي اهتمامه بالانضمام إلى مجموعة الدول، والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش.
ووفقا للصحيفة، أدانت أوكرانيا الاجتماع المخطط له بين جوتيريش وبوتين، والذي من المتوقع أن يستخدمه الزعيم الروسي لتعزيز وجهة نظره بأن روسيا بعيدة كل البعد عن المنبوذة العالمية التي صورها الغرب.
ونقلت عن هانا نوت من مركز جيمس مارتن لدراسات منع الانتشار في كاليفورنيا: "إن حضور 22 زعيما وممثلا من أكثر من 30 دولة إلى قازان بعد عامين ونصف العام من هذه الحرب لا يظهر فقط أن بوتين ليس معزولا دوليا وأن مذكرة المحكمة الجنائية الدولية ذات فائدة محدودة، بل وأيضا أن الحرب في أوكرانيا أصبحت أمرا طبيعيا جديدا، وهو شيء مقبول كسمة من سمات الواقع الدولي".
وقد توسعت المجموعة، المعروفة باسم البريكس - اختصار للبرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا - هذا العام لتشمل مصر وإثيوبيا وإيران والإمارات العربية المتحدة حيث تمثل المجموعة مجتمعة ما يقرب من نصف سكان العالم وأكثر من 35% من الناتج الاقتصادي العالمي، معدلاً بالقوة الشرائية.
وقال رئيس الوزراء الهندي لبوتين بعد أن احتضنه بحرارة: "كنا على اتصال دائم بشأن الصراع بين روسيا وأوكرانيا.
ونعتقد أن النزاعات يجب أن تحل سلمياً فقط. وندعم تماماً الجهود الرامية إلى استعادة السلام والاستقرار بسرعة".
ولفتت الصحيفة إلى أن مودي تعامل مع الطرفين المتحاربين في الحرب بحذر. وهذه هي زيارته الثانية لروسيا في غضون ثلاثة أشهر، ولكنه سافر أيضاً إلى أوكرانيا في أغسطس الماضي كما ساعدت الهند في دعم الاقتصاد الروسي من خلال شراء النفط بأسعار مخفضة من الشركات الروسية التي فرضت عليها الولايات المتحدة وأوروبا عقوبات.
ونوهت الصحيفة بأن بعض الدول، من بينها الصين وروسيا وإيران، تريد استخدام مجموعة البريكس لتحدي قوة الولايات المتحدة، وخاصة قدرتها على فرض العقوبات الاقتصادية بينما دولاً أخرى مثل الهند والبرازيل أكثر اهتماماً بإصلاح المؤسسات العالمية مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي لخدمة احتياجات العالم النامي بشكل أفضل.
وأضافت أن أحد الموضوعات الرئيسية للقمة ستكون محاولة بناء نظام مدفوعات عالمي مماثل لشبكة الخدمات المصرفية العالمية المعروفة باسم سويفت، والتي تم استبعاد روسيا منها بسبب غزوها لأوكرانيا. كما تجري محادثات لإضافة المزيد من الدول إلى المجموعة، بما في ذلك فئة "الشريك" الجديدة التي تتطلب مشاركة أقل من الدول المهتمة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة