أجمع خبراء ومحللون صينيون على ضرورة أن تعمل الصين وأفريقيا معا لمواجهة الاضطراب العالمي ، الذي يتسم بتصاعد الحمائية والتوترات الجيوسياسية ، مع تبني العولمة والتعاون المربح للجانبين لصالح شعوبهما وتحفيز تحديث الجنوب العالمي الأوسع..مشيرين إلى أن التعاون المتعمق بين الجانبين برز كمثال نموذجي للمناطق النامية الأخرى التي تسعى إلى تحرير نفسها من قيود الانقسام التقليدي بين الشمال والجنوب.
وذكرت صحيفة "تشاينا ديلي" - في تقرير لها - نقلا عن يي هاي لين عميد معهد الصين وأفريقيا في الأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية قوله : إن التعاون بين الصين وقارة أفريقيا يتجاوز التنمية الاقتصادية..مشيرا إلى أن الجانبين عملا من خلال قنوات مثل مبادرة الحزام والطريق ومنتدى التعاون الصيني الأفريقي على توسيع العلاقات التجارية والاستثمارية وتعزيز الاتصال بين البنية التحتية وتعزيز التبادلات الثقافية.
وأشارت الصحيفة إلى أن بيانات وزارة التجارة الصينية أظهرت ارتفاع حجم التجارة بين الجانبين خلال العام الماضي إلى 1ر282 مليار دولار مسجلاً بذلك زيادة تاريخية قدرها 35 % قياسا بأرقام عام 2013 ..منوهة بقرار الصين - الشريك التجاري الأول لأفريقيا - إلغاء الرسوم الجمركية بنسبة 100% على منتجات 33 دولة أفريقية ، الدول الأقل نموا التي أقامت علاقات دبلوماسية مع الصين،.
وقالت الصحيفة الصينية: "إنه بنهاية عام 2023 تجاوزت الاستثمارات المباشرة التراكمية للصين في أفريقيا 40 مليار دولار ؛ مما عزز مكانتها كواحدة من المصادر الأساسية لرأس المال الأجنبي للدول في جميع أنحاء القارة الأفريقية".
ومن جهته .. قال سانج باي تشوان عميد معهد الاقتصاد الدولي بجامعة الأعمال والاقتصاد الدولي : إن هذه المبادرة تهدف إلى تحويل السوق الصينية الشاسعة إلى فرصة مهمة للدول الأفريقية وتعزيز اندماجها في الاقتصاد العالمي.
وبدوره .. أفاد وانج شياو سونج أستاذ في كلية الاقتصاد بجامعة رينمين الصينية بأن استثمارات الصين في أفريقيا تتوسع بشكل متزايد خارج الصناعات التقليدية..قائلا : "إن التجارة الالكترونية عبر الحدود تمثل فرصة كبيرة للصين لتعميق علاقاتها الاقتصادية مع أفريقيا"..مشيرا إلى أن الشركات الصينية أنشأت بالفعل حضورا قويا في جميع أنحاء أفريقيا ولكن لاتزال هناك إمكانات هائلة غير مستغلة لتنمية هذه العلاقات بشكل أكبر.
ومن جهتها ..أعلنت الحكومة الصينية عن خطط لتسهيل ما لا يقل عن 70 مليار يوان (9ر9 مليار دولار) من استثمارات الشركات الصينية في أفريقيا على مدى السنوات الثلاث المقبلة ، وفي الوقت نفسه ستنشئ الصين وأفريقيا مركزا مشتركا للتعاون في مجال التكنولوجيا الرقمية.
ومن ناحيته .. قال شو هونج تساي نائب مدير لجنة السياسة الاقتصادية في جمعية العلوم السياسية الصينية: إن تحسين ظروف البنية التحتية هو رغبة ملحة للدول الأفريقية فيما قدر بنك التنمية الأفريقي تكاليف تطوير البنية التحتية ما بين 130 مليارا و170 مليار دولار سنويا مع فجوة تمويلية تتراوح بين 68 مليارا و108 مليارات دولار.
ووفقا للصحيفة ، فإن الصين ستنفذ 30 مشروعا رئيسيا لربط البنية التحتية في أفريقيا في خطوة تهدف إلى توسيع التعاون في إطار مبادرة الحزام والطريق ودعم تطوير منطقة التجارة الحرة الأفريقية.
وقال هؤلاء الخبراء : إن الهدف الأساسي لهذا التعاون هو تسهيل التصنيع في أفريقيا وتعزيز الإنتاج المحلي للسلع الصناعية ؛ بهدف معالجة الخلل التاريخي في التنمية الصناعية والزراعية الذي استمر منذ الحقبة الاستعمارية ومنع الدول الأفريقية من أن تكون مجرد أسواق للمنتجات الصناعية الغربية.
