مسرحية "سقوط حر".. صراع المعرفة فى مواجهة الترسيخ لتغييب العقول

الثلاثاء، 22 أكتوبر 2024 06:51 م
مسرحية "سقوط حر".. صراع المعرفة فى مواجهة الترسيخ لتغييب العقول مسرحية سقوط حر
كتب علي الكشوطي

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

شهد مهرجان نقابة المهن التمثيلية، عرض العديد من الأعمال المميزة من بينها مسرحية سقوط حر، والتى حصلت على جائزة شهادة الأداء الجماعى، وهو العمل المأخوذ عن نص ميراث الريح عام 1955 لجيروم لورانس وروبرت لي على مسرح الهوسابير.

ورغم أن النص من الخمسينيات ومأخوذ عن واقعة شهيرة فى العشرينات إلا أنه صالح لكل العصور، فما يناقشه النص من صراع بين العلم والجهل، أو بين الفكر والتوقف عن التفكير التزاما بنصوص دينية أو لتقاليد مجتمعية، كان ولا يزال مطروح للنقاش ويعاني منه الكثير من المجتمعات ممكن تعلى من قيمة العادات والتقاليد والنصوص التراثية التي قد تقيد العقل عن التفكير طبقا لمفسريها ممن يحاولون السيطرة على العقول، ورغم أن الأديان دوما كانت حريصة على أن ينفتح العقل على التعلم والنقاش إلا أن هناك من يحاول تدليس النصوص في محاولة للسيطرة على العقول.

النص الأصلى تناول قصة حقيقة لمحاكمة شهيرة فى ولاية تينسى سنة 1925 يحاكم فيها مدرس لتدريسه الأطفال نظرية التطور لدارون، وسواء كنت مع النظرية أو لديك تحفظات فلا يوجد ما يمنع التفكير، والوصول لنتائج تنفى النظرية أو تؤكدها لكن في النهاية لم يكن هذا مسموح ليقف المدرس في محاكمة تشبه محاكمة العلم لصالح الجهل وضيق الأفق.

رغم الإمكانيات البسيطة للعرض لكن فريق المسرحية قدم أفضل ما لديه في ظل الإمكانيات المتاحة، ليقدم الفريق عرض مسرحي متماسك فيه تناغم بين العناصر المختلفة، والجميل في الأمر أن الجمهور كان جزء من المسرحية حيث لعب دور المحلفين في تلك المحاكمة الشهيرة والشائكة.

سقوط حر

منح وجود الجمهور وسط الممثلين كمحلفين تواصلا مباشرا ولحظيا اعتقد أنه ساهم بشكل كبير فى أن تبقى شعلة متعة التمثيل على المسرح من قبل الممثلين مشتعلة منذ اللحظة الأولى للعرض، حيث تنفصل كمشاهد عن العالم الخارجى كونك جزء من الحدوتة.

العمل برع فيه الكثير من الفنانين، حيث قدم هانى الطمبارى أداء متزن الانفعالات ما بين دوره كمحامٍ أو حتى عندما انقلبت الأحداث ليتحول من محامٍ إلى خبير في النصوص، العامل النفسي في المحاكمة كان من أهم عناصر نجاح العرض فما بين الضغط النفسي الذي يمارسه كل فرد في المحاكمة على الآخر طبقا لتخصصه، يدفع بالمحاكمة في كثير من الاتجاهات يشعر الجمهور بنفس الضغوط والضييق الذي يوضع فيها المشاركين في المحاكمة، فكلما وصلت المحاكمة لقعدة دفع بالمحلفين "الجمهور" للحيرة نجد انفراجة، ثم يواجه الجمهور عقدة أخرى وينتظر الانفراجة.

أحمد أبو زيد المعلم برترام كيتس، والذي كان يحاكم في العمل، واحد من النجوم المنتظرة، بقدر صعوبة التمثيل على خشبة المسرح لنص أجنبي وسط جمهور اشبه بعروض مسرح الغرفة، وقف أبو زيد متقمصا دور المعلم برترام، بانفعالاته وبصرعاته الداخلية، تجد الدموع تسقط من عينه متأثرا بالمحاكمة وبحجم الضغوط التي تمارس عليه فقط لنصر الجهل على العلم، مقدما أداء يستحق الإشادة.

على الجهة الأخرى  نجد المقابل للمحامى هانى الطمبارى المحامي هنري دراموند والذي لعب دوره الفنان مصطفي عسكر، ليقدم مصطفي حالة توازن بين أداء كفتين العدالة كفة ترجح الجهل وتضيق الأفق وكفة أخرى تدافع عن العلم والتفكير وإعمال العقل، ليقدم عسكر أداء متوازن على نفس قدر الأداء في الجهة المقابل إلى أن ينتصر العلم.

أداء طفلي العرض من الأدوار اللافتة للنظر رغم صعوبة التقمص على خشبة المسرح بالمقارنة بأعمارهم الصغيرة لكنهما كانا ركنين اساسيين في المحاكمة والأداء المدقن على خشبة المسرح، ويحسب للمخرج محمد فرج الخشاب قدرته السيطرة على مواهب الطفلين والحفاظ على الاداء النفسى التصاعدي للشخصيات الأمر الذي جعل المسرحية حالة فنية متكاملة اتمنى لها أن تجد مساحة جديدة للعرض مع دعمها بمزيد من الامكانيات.

مسرحية سقوط حر يشارك في بطولتها العديد من الفنانين الواعدين والمواهب اللافتة فهي بطولة هاني الطمباري في دور المحامي ماثيو هاريسون برادي، وأحمد أبو زيد في دور المعلم برترام كيتس، وبهاء الطمباري في دور وكيل النيابة توم ديفينبورت ، بجانب فناني النقابة، ديكور خالد عمر، ملابس وإكسسوار نورهان جمال، دعاية أحمد الجوهري، إضاءة أحمد علاء علي، مكياج نادين عبد المجيد، مخرج منفذ حسن خالد، دراماتورج وإخراج محمد فرج الخشاب.

لعب دور تومي ستبنز الطفل ادم وهدان والصحفي أ ك اورينبك حسن خالد  والمحامية سارا برادي سوزي الشيخ وجيسي دنلاب مدير المدرسة السعيد قابيل والقاضي ميرل ويلسون عمرو عثمان والمحامي هنري دراموند مصطفي عسكر، وجوشوا باركر إسماعيل احمد.










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة