في قلب سيناء، وتحديدًا في أطراف قرية البرث جنوب رفح بشمال سيناء، كان الشيخ مسلم الهدلي، أحد أبناء القرية، يحمل رؤية مختلفة لمستقبل الأطفال في قريته عندما رأى خطر التسرب من التعليم يلوح في الأفق، فقرر مواجهة هذا الخطر بإنشاء مدرسة أهلية بسيطة في عام 2013، بهدف تقديم التعليم لأطفال قريته والمناطق المجاورة، كمبادرة متواضعة تطورت لتصبح مشروعًا تعليميًا يحظى بدعم واسع من الأهالي ووزارة التربية والتعليم.
في عام 2013، شيد الشيخ مسلم الهدلي مدرسته الأهلية في قرية البرث، مدفوعًا بحبه للتعليم ويقينه بأن العلم هو السلاح الأقوى لمواجهة الجهل، وبدأ المشروع بعد الحصول على الموافقات اللازمة من جهات الاختصاص ببناء ثلاثة فصول دراسية لتلبية احتياجات الأطفال الذين يواجهون صعوبة في الوصول إلى المدارس بسبب بعدها، حيث كان الخطر يتمثل في التسرب من التعليم لأن الأطفال يضطرون إلى قطع مسافات طويلة للوصول إلى أقرب مدرسة، ما أدى إلى ارتفاع معدلات ترك الدراسة.
يقول الشيخ مسلم: "رأيت ضرورة إنشاء منشأة تعليمية في المنطقة بعد أن رأيت خطر التسرب من التعليم يهدد مستقبل الأطفال، أردت أن أكون جزءًا من الحل وأن أساهم في بناء جيل متعلم قادر على مواجهة تحديات الحياة." لافتا ان حبه وخدمته للعلم جعله شخصيا بعد الحصول علي مؤهل متوسط ان يعيد فرصة الحصول علي شهادة الثانوية العامة ثم استكمال الدراسة الجامعية والحصول على ليسانس حقوق.
لم يقتصر دور الشيخ مسلم على بناء الفصول الدراسية فقط، بل كانت مبادرته تلهم ابناء قريته، و شجعت المبادرة الأهالي على دعم المشروع، وبدأت المدرسة تنمو شيئًا فشيئًا، توسعت لتشمل فصولًا إضافية وغرفًا للإدارة والخدمات، بما في ذلك مرافق للطلاب مثل الحمامات وسور يحيط بالمدرسة لتأمينها.
وحرص على توفير سبل الراحة للمعلمين، فقام بتخصيص سيارة لنقلهم من المدن المجاورة واستراحة مجاورة للمدرسة لمن يرغب في الإقامة، وبالتعاون مع الأهالي، تم تشجيع المعلمين المحالين للتقاعد على مواصلة التدريس، إلى جانب الاستعانة بالشباب خريجي كليات التربية لسد أي نقص في الكادر التعليمي.
لم يعتبر الشيخ مسلم المدرسة مجرد مكان لتقديم التعليم، بل اعتبرها بيته الثاني، وأبناء القرية هم أبناؤه، كان يتابع كل طالب عن كثب، يتواصل مع أولياء الأمور لمعالجة أي عقبة تعترضهم ويحثهم على الاهتمام بمستوى أبنائهم الدراسي، كان حريصًا على الاطمئنان على أداء الطلاب من خلال التواصل المستمر مع المعلمين، ويعلم كل تفاصيل تطورهم الدراسى.
بفضل هذه الجهود المبذولة، بلغ عدد الطلاب في المدرسة اليوم أكثر من 320 طالبًا، واستطاع العديد منهم مواصلة تعليمهم في المدارس الإعدادية والثانوية، بل وحقق البعض منهم إنجازات كبيرة، حيث تمكن بعض خريجي المدرسة من الالتحاق بكليات مرموقة مثل الطب والهندسة هذا العام.
وتقديرًا لهذا النجاح، قررت وزارة التربية والتعليم دعم المشروع، حيث أكدت على أهمية المدرسة كصرح تعليمي تنويري، وتعمل الوزارة حاليًا على تحويل المدرسة إلى مبنى حديث ومجهز وفق الكود التعليمي، على أن يتم الانتهاء من الأعمال الإنشائية خلال 24 شهرًا.
ويبرز داخل المدرسة عدد من المعلمين الذين يعتبرون أنفسهم جزءًا من هذا المشروع التنويري، و أحد هؤلاء هو "زكريا أحمد محمد عثمان"، الذي كان جنديًا في حرب أكتوبر، شارك في معركة تحرير سيناء، وعاد ليواصل معركته في نشر التعليم بعد تقاعده، استجاب لدعوة أهالي القرية للمشاركة في التدريس، ويعمل حاليًا كمعلم متطوع للرياضيات.
أما المعلم درويش أبو عرف درويش، فهو مدرس قديم للغة العربية، يعتبر أن مهمة المعلم هي الأساس في نقل المعرفة للطلاب، ويرى أن التعليم في هذه المدرسة يعتمد بشكل كامل على جهد وتفاني المعلمين.
ويشارك توفيق عوض سليم، معلم اللغة الإنجليزية، في الحديث عن تجربته، مشيرًا إلى أن الطلاب لديهم قدرة عالية على الفهم والاستيعاب، وهو ما يشجع المعلمين على تقديم المزيد.
يقول جهاد إسليم، أمين مجلس الآباء، إن المدرسة أحدثت فرقًا واضحًا في المجتمع ، و أصبح أولياء الأمور من القرى المجاورة يسعون لإلحاق أبنائهم بالمدرسة نظرًا لجودة التعليم المقدمة وفي كل عام دراسي، يتوافد الطلاب الجدد، ما يعكس الثقة التي اكتسبتها المدرسة بين الأهالي.
طلاب المدرسة لم تخفي سعادتهم بالدراسة في المدرسة من بينهم يونس صالح سلمان، وأنس سرحان، وتيسير توفيق، عبرو عن فخرهم بوجود مدرسة قريبة من منازلهم توفر لهم تعليمًا جيدًا، يبدؤون يومهم الدراسي بحماس ويتطلعون إلى تحقيق أحلامهم في الالتحاق بالكليات العلمية المرموقة.
وأشار يوسف بدير، مدير مدرسة الشيخ مسلم الهدلي، إلى أن المدرسة شُيدت بجهود ذاتية استجابة لحاجة المجتمع المحلي، ومنذ انطلاقها وحتى اليوم، لم تتوقف الدراسة فيها أبداً، ولم تواجه أي عجز في المعلمين.
وأضاف بدير: "المدرسة لم تسجل أي حالات غياب للمعلمين أو الطلاب دون سبب، وهذا يعكس التزام الجميع بنجاح هذا المشروع التعليمي الذي أصبح جزءًا أساسيًا من حياة أهل المنطقة."
أكد حمزة رضوان، وكيل وزارة التربية والتعليم، أن مدرسة الهدلي تمثل أحد أهم الصروح التعليمية الأهلية التي تم إنشاؤها بجهود ذاتية ونجحت في نشر رسالة العلم في المنطقة.
وأوضح أن الوزارة قدمت كل الدعم اللازم لضمان استمرار هذا المشروع التنموي، من خلال توفير الكوادر التعليمية والكتب الدراسية، إلى جانب المتابعة المستمرة لضمان جودة التعليم.
وأضاف رضوان: "نحن نقدّر هذا الإنجاز، ولذا تم اتخاذ قرار بتحويل المدرسة إلى مبنى حديث ومجهز وفق المعايير التعليمية الصادرة عن هيئة الأبنية التعليمية، ومن المتوقع الانتهاء منه خلال 24 شهرًا. سنحتفل حينها بميلاد صرح تعليمي عملاق وضع لبنته الأولى أبناء هذه المنطقة، ليكون منارة للعلم والنور."
استقبل-فعاليات_2
الشيخ-مسلم-الهدلي
الشيخ-مسلم-مؤسس-المدرسة-مع-طلاب-العلم-الصغار-بعد-تكريمهم
الفصول-التي-تستقبل-الطلبة
اهتمام-بالحضور
تلاميذ-المدرسة_1
جهاد-سليم-رئيس-مجلس-امناء-لمدرسة
زيارات-من-ابناء-المنطقة-الخريجين-لتشجيع-التلاميذ
فصل-داخل-المدرسة
محرر-اليوم-السابع-مع-اطفال-المدرسة
مدرس-اللغة-الانجليزية-توفيق-عوض
من-الحصص
من-المدرسة
من-يوم-دراسي
مؤسس-المدرسة-مع-محدد-اليوم-السابع
وكيل-وزارة-التربية-والتعليم-يكرم-احدي-الطالبات