كشف موقع Medical Express، إن الأدلة تشير إلى أن التعرض للميكروبات الموجودة فى الطين قد يساعد الأطفال بالفعل على تطوير أجهزة مناعية أقوى، وقد يقلل حتى من خطر الإصابة بالحساسية وأمراض المناعة الذاتية.
وأضاف الموقع، أن الطين ليس مجرد مزيج من التربة والماء، إنه نظام بيئى معقد مليء بالكائنات الحية الدقيقة، يمكن لجرام واحد من التربة أن يؤدي ما يصل إلى 10 مليارات من الكائنات الحية الدقيقة - من آلاف الأنواع المختلفة المحتملة، تلعب المجموعة المتنوعة من البكتيريا والفطريات والميكروبات الأخرى الموجودة في الطين والتربة دورًا حاسمًا في صحتنا وهي مفتاح لما يطلق عليه علماء المناعة " التدريب المناعي" ، هذه هي العملية التي يتعلم بها الجهاز المناعي التمييز بين مسببات الأمراض الضارة والمواد البيئية الحميدة.
وقال الموقع، إنه خلال مرحلة الطفولة، يكون الجهاز المناعي قادراً على التكيف بشكل خاص، فعندما يتعرض لمجموعة واسعة من الميكروبات، فإنه يتعلم إيجاد التوازن ، و الاستجابة بقوة للغزاة الضارين مع ترك المواد غير الضارة، مثل حبوب اللقاح أو جزيئات الطعام، ولكن الافتقار إلى مثل هذا التدريب قد يؤدي إلى تدهور حالة أجهزة المناعة.
وفقًا لفرضية النظافة، مع تزايد تحضر المجتمعات وتطهيرها، تحرم أنظمتنا المناعية من التحديات الميكروبية التي تحتاجها للتطور بشكل صحيح، وقد يتسبب هذا في أن يصبح الجهاز المناعي شديد الحساسية، فيخلط بين المواد غير الضارة - مثل حبوب اللقاح أو الغبار - والغزاة الخطيرين، يمكن أن تتجلى هذه الحساسية المفرطة في حالات حساسية مثل الربو أو الإكزيما أو حمى القش .
وأوضح الموقع، إن نقص التعرض للميكروبات، وخاصة في مرحلة الطفولة المبكرة، قد يؤدي أيضًا إلى زيادة احتمالية الإصابة بنزلات البرد الشائعة وأمراض الطفولة الأخرى بسبب عدم تدريب الجهاز المناعي بشكل صحيح للتعامل مع مسببات الأمراض اليومية.
وأضاف، إن الافتقار إلى مثل هذا التدريب المناعي قد يفسر سبب زيادة احتمالية إصابة الأطفال الذين يكبرون في بيئات معقمة (مثل المدن ذات التعرض المحدود للحيوانات أو الطبيعة) بأمراض مثل الربو وحساسية الطعام بنسبة تصل إلى 50%، وقد تتفاعل أنظمتهم المناعية، التي لا تتعرض للتحدي من التعرض للميكروبات الطبيعية، بشكل مبالغ فيه مع محفزات غير ضارة.
وعلاوة على ذلك، في غياب التفاعلات الميكروبية المنتظمة، قد يهاجم الجهاز المناعي الجسم نفسه ــ وهو ما قد يساهم في تطور حالات المناعة الذاتية مثل مرض السكري من النوع الأول أو التصلب المتعدد، بل إن الأبحاث تظهر أن الأطفال الذين نشأوا في بيئات ذات مستويات عالية من التعرض للميكروبات ــ مثل المزارع أو المنازل التي توجد بها حيوانات أليفة ــ أقل عرضة للإصابة بالحساسية أو أمراض المناعة الذاتية .
وأكد، إن هناك العديد من الأسباب التي تجعل التعرض للميكروبات مفيدًا جدًا لأنظمة المناعة النامية لدى الأطفال، على سبيل المثال، تساعد البكتيريا العصوية الهشة، التي توجد عادةً في التربة، في إنتاج جزيء أساسي مهم لوظيفة المناعة ، كما يساعد التعرض للميكروبات الأطفال على تطوير الخلايا التائية التنظيمية ـ خلايا الدم البيضاء التي تتحكم في كيفية استجابة الجهاز المناعي للغزاة الأجانب، كما تعمل الخلايا التائية على منع التفاعلات المناعية الذاتية، وقد يفسر هذا لماذا قد يؤدي نقص التعرض للميكروبات إلى زيادة احتمالات إصابة الشخص بحالة من أمراض المناعة الذاتية (على الرغم من أن هذا ليس سوى واحد من بين العديد من العوامل المساهمة).
التطور المناعى..
إن اللعب بالطين ليس مجرد نشاط خارجي فوضوي، فهو يوفر تجارب حسية أساسية ــ مثل اللمس والشم والتلاعب بملمس مختلف ــ والتي تحفز نمو الدماغ وتعزز المرونة العاطفية.
يمكن للأنشطة الحسية (مثل اللعب بالطين) أن تقلل من التوتر لدى الأطفال، وهو عنصر حاسم آخر في الحفاظ على نظام مناعي يعمل بشكل جيد .
كما أظهرت الأبحاث أن البكتيريا من نوع Mycobacterium vaccae، وهي نوع من البكتيريا التي توجد عادة في التربة، تعمل على تقليل الالتهابات وتحسين الحالة المزاجية، وهي تفعل ذلك من خلال التأثير على إطلاق السيروتونين، وهو ناقل عصبي رئيسي، وفي الدراسات التي أجريت على الحيوانات، أدى التعرض لبكتيريا Mycobacterium vaccae إلى تقليل أعراض التوتر والقلق، وهناك أدلة ناشئة على أن تأثيرات مماثلة قد تحدث لدى البشر .
بالإضافة إلى ذلك، يعد اللعب في الهواء الطلق أحد أشكال النشاط البدني، الذي يدعم صحة المناعة بشكل أكبر من خلال تعزيز الدورة الدموية بشكل أفضل وتحفيز إنتاج الخلايا المناعية، في حين أن بعض الآباء قد يشعرون بالقلق بشأن المخاطر الصحية الناجمة عن اللعب في الطين.
هناك العديد من الأشياء التي يمكنك القيام بها لضمان لعب أطفالك في الهواء الطلق بأمان:
اختر مناطق لعب نظيفة..
تأكد من أن طفلك يلعب في مناطق من غير المرجح أن تكون ملوثة بنفايات الحيوانات أو المواد الكيميائية الضارة، تعد الحدائق المنزلية أو المتنزهات خيارات رائعة، إذا كنت غير متأكد من مدى نظافة المنطقة، فيمكنك استخدام مجموعة اختبار التربة للتحقق من المواد الضارة قبل اللعب.
ارتدِ ملابس مناسبة للعب..
تجعل الملابس المقاومة للماء مثل الأحذية والسترات عملية التنظيف أسهل مع السماح للأطفال بتجربة فوائد اللعب في الهواء الطلق.
نظافة اليدين: غسل اليدين بعد اللعب في الطين يساعد على منع دخول البكتيريا الضارة إلى الجسم، مما يقلل من خطر الإصابة بالعدوى مع الحفاظ على التعرض الصحي للميكروبات.
اللعب بشكل متكرر..
يعد التعرض المتكرر للميكروبات المفيدة ضروريًا لبناء جهاز مناعي أقوى، إن ترك الأطفال يتسخون باللعب في الوحل قد يوفر أكثر من مجرد المتعة، بل قد يكون جزءًا أساسيًا من بناء جهاز مناعة قوي، وفي عالم يزداد تعقيمًا، قد يكون احتضان الطبيعة، بما فيها من أوساخ، هو بالضبط ما تحتاجه أجهزة المناعة لدى أطفالنا لتزدهر.