تظل ذكرى نصر حرب السادس من أكتوبر كابوسا في ذاكرة قادة إسرائيل سياسيا وعسكريا، من الذين حضروا اللحظات الصعبة للحرب ، ووثقوا المشاهد التي اعترفوا فيها بتكبدهم خسائر فادحة من قبل الجيش المصري فور صدور قرار القيادة السياسية المصرية بعبور الضفة الشرقية لقناة السويس، ونرصد في سلسلة حلقات ما وثقه زعماء وقادة إسرائيل من شهادات للتاريخ عن حرب أكتوبر والاعتراف بالهزيمة الساحقة.
ونبدأ بالرأس الأكبر في إسرائيل خلال حقبة حرب السادس من أكتوبر، وهي رئيسة الوزراء جولدا مائير، وما أدلت به من اعترافات خطيرة على لسانها عن حرب أكتوبر في كتابها (مذكرات جولدا مائير)، حيث خصصت فصلا كاملا في كتابها بعنوان (الهزيمة) لتروي فيه كل تفاصيل الخسارة ومفاجئة المصريين في الحرب لدحض كل محاولات اسرائيل فيما بعد عبر عشرت السنين تشويه النصر والزعم بأنهم أصحاب النصر الكاذب.
ووثقت جولدا مائير رئيسة وزراء اسرائيل والمسؤول الأول في الحكومة الاسرائيلية خلال حرب أكتوبر وشهادتها على الحرب، حيث اعترفت وفق ما جاء في مذكراتها أن حرب السادس من أكتوبر كارثة ساحقة وكابوس عاشته بنفسها وسيظل باقيا معها على الدوام، وقالت: "حرب أكتوبر أكبر خطر عرفته الدولة ولن أعود مرة أخرى نفس الشخص الذي كنت عليه قبل حرب اكتوبر".
واستمرت في الاعتراف لتقول عن مواجهة الجيش المصري: "كان هناك تفوق ساحق علينا من الجيش المصري وكنا نقاسي من انهيار نفسي سحيق فور اندلاع الحرب، ولم تكن الصدمة في الطريقة التي بدأت بها الحرب فقط ولكن في حقيقة أن عدد من افتراضاتنا الأساسية قد ثبت خطأوها وكان هناك يقين أننا سنقدر على منع المصريين من عبور قناة السويس".
وتحدثت عن رأيها في اللحظة التي كانت ستواجه فيه القوات المسلحة المصرية في معركة مباشرة، وقالت: "كنت اعرف أن كل تقرير حول امكانية مواجهة المصريين يحمل في طياته ثمنا باهظا من الذي ندفعه من الأرواح البشرية وبالتالي ما حدث مع انطلاق حرب أكتوبر وسقوط جنودنا كان بمثابة سكين تغمد في قلبي".
وروت رئيسة الوزراء جولدا مائير حوار دار بينها وبين وزير الدفاع موشى ديان يوم 7 أكتوبر عقب عودته من جولة على الجبهة وظهر أمامها بشكل منهار من الخسائر على الجبهة، وقالت في كتابها: "في عصر يوم 7 أكتوبر عاد ديان من إحدى جولاته على الجبهة وطلب مقابلتي على الفور وعندما قابلته أبلغني أن الموقف في الجنوب (سيناء) قد وصل إلى درجة من السوء إلى حد أنه يجب أن نقوم بانسحاب جذري ونقيم خط دفاع جديد، واستمعت إليه في فزع وكان المصريين قد عبور قناة السويس وقواتنا في سيناء قد تحطمت".
وكشف جولدا مائير عن أول لحظة بكت فيها منذ اندلاع حرب اكتوبر وكان بعد وصول أول دعم عسكري من الولايات المتحدة ممثل في إرسال الطائرات جالاكسي يوم 14 أكتوبر، وقالت: "أرسلت امريكا بأمر من الرئيس نيكسون الطائرات الجبارة جالاكسي ووصلت أولى رحلاتها يوم 14 أكتوبر وهذا الجسر الجوي لا يمكن تقدير قيمته وساهم في رفع الروح المعنوية".
وأضافت: "أن هذه الطائرة الضخمة ساهمت في توضيح الموقف الأمريكي وساعدنا من الناحية العسكرية، وبكيت لأول مرة منذ بداية الحرب عندما علمت أن الطائرات حطت في مطار اللد، وكان ذلك أول يوم علمت فيه عدد خسائرنا، وهذه الطائرات الجالاكسي حملت لنا دبابات وذخيرة وإمدادات طبية وصواريخ الجو وكانت تهبط في مطار اللد طائرة كل 15 دقيقة أحيانا لتعويضنا عما كبده لنا المصريين من خسائر".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة