تساءل الكاتب البريطانى أوين جونز، فى مقال للرأى بصحيفة /الجارديان/ البريطانية، عن نوعية الفظائع التى يتعين على إسرائيل أن ترتكبها حتى يقطع قادة بريطانيا صمتهم ويتجهون إلى إدانة هذه الجرائم والتوقف عن دعم إسرائيل.
وقال جونز فى مقاله إنه للانتقام مما حدث فى السابع من أكتوبر الماضي، يتم التغاضى عن الجرائم من جميع الأنواع. ولكن يجب على الساسة فى بريطانيا أن ينتبهوا، فالجمهور البريطانى لا يوافق على هذا الأمر.
وأوضح جونز أن الأمر يبدو مثل وجود عالمين متوازيين: الأول هو غزة، والثانى هو عالم النخبة السياسية البريطانية، مشيرا إلى أن عالم غزة هو مسرح لبعض أسوأ الفظائع التى ارتكبت فى القرن الحادى والعشرين، حيث تقدم موجة الاعتداءات الإسرائيلية تذكيرا جديدا بقدرة جنسنا البشرى على الفساد. وأضاف أنه بحسب منظمات إنسانية، قُتل عدد من النساء والأطفال على يد الجيش الإسرائيلى فى العام الماضى "أكثر من الفترة المعادلة لأى صراع آخر على مدار العقدين الماضيين".
وفى غضون ذلك، بعد الهجوم الصاروخى الباليستى الإيرانى - دون الإبلاغ عن وقوع إصابات إسرائيلية - أعلن رئيس الوزراء البريطانى كير ستارمر بحماس: "نحن نقف مع إسرائيل"، فى خطاب رسمى فى داونينج ستريت.
وقال جونز إن ستارمر لم يستجمع أدنى قدر من تلك المشاعر تجاه عشرات الآلاف من العرب الذين ذبحتهم إسرائيل، من فلسطين إلى لبنان. وتساءل ما الكلمة التى يمكن أن تصف هذا التفاوت فى الاستجابة، غير كلمة "العنصرية".
وأوضح جونز أنه لحسن الحظ، هذه ليست العوالم التى يسكنها الجمهور البريطاني. إذ أصبح لدى ثلثى الناخبين الآن وجهة نظر غير مواتية لإسرائيل، مقارنة بـ 17% اختاروا وجهة نظر مواتية: وهو أدنى مستوى على الإطلاق. ويعتقد سبعة من كل 10 أنه من المرجح أن تكون إسرائيل قد ارتكبت جرائم حرب، فى حين يعتقد 54% أنه ينبغى إصدار مذكرة اعتقال بحق بنيامين نتنياهو بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية (مقابل 15% يعارضون الأمر).
وتساءل الكاتب البريطانى ما الذى يفترض أن تفعله إسرائيل بالضبط لزعزعة هذا الموقف من تفانى الساسة البريطانيين تجاهها. وأوضح أن إسرائيل ارتكبت أسوأ مذبحة للأطفال فى عصرنا، من إطلاق النار على رؤوس الرضع إلى ذبح الأسر المذعورة فى سياراتهم، والآن أصبح من الواضح أنها تعمدت تجويع شعب بأكمله، فضلا عن فظائع أخرى.
وفى نهاية مقاله، قال جونز: "حقا، ما الذى يتطلبه الأمر؟ ما الفظائع التى يمكن أن ترتكبها إسرائيل قبل أن يصبح الدفاع عن تحالفنا مسألة عار عام؟ هل توجد عتبة أصلا؟ وما الحصاد الرهيب الذى سيجنيه الغرب لإخباره العالم دون اعتذار أنه لا يعلق أى قيمة على هذه الأرواح العربية التى تم إخمادها من الوجود؟"