جائزة "الكرة الذهبية"، باتت في قفص الاتهام دائمًا، على مدار السنوات الفائتة، خصوصًا أنه بعد كل مرة يعلن فيها الفائز أو الترتيبات النهائية، تخرج ردود فعل غاضبة مُعظمها يصب في خانة التشكيك نحو نزاهة المراحل التي تمر منها الجائزة الفردية الأغلى في عالم الساحرة المستديرة.
قبيل الإعلان عن هوية الفائز بجائزة الكرة الذهبية 2024، كل التوقعات والأخبار تشير إلى فوز البرازيلي فينيسيوس جونيور نجم ريال مدريد، لكن قبل ساعات قليلة من الإعلان الرسمي خرجت تسريبات بأن الإسباني رودريجو هيرنانديز "رودري"، نجم مانشستر سيتي"، هو صاحب لقب "بالون دور" والأعلى تصويتًا، ما دفع النادي الملكي إلى مقاطعة حفل مجلة "فرانس فوتبول" الفرنسية، المنظمة للجائزة بالتنسيق مع الاتحاد الأوروبي لكرة القدم.
عندما جاءت لحظة الحسم على أرض الواقع في الحفل، ظهر الليبيري جورج ويا أسطورة الكرة الإفريقية، ومعه ظرفا في خلفيته شعار الكرة الذهبية وكذلك اسم الفائز بها في النسخة الـ68، وقبل أن ينطق باسمه، بدأ أغلبية الحضور بالهتاف "فيني، فيني، فيني"، في إشارة إلى أحقية فينيسيوس بالجائزة، لكنه راوغ الجميع وأعلن رودري فائزا.
ما إن تم الإعلان رسميًا عن فوز رودري بالكرة الذهبية، وخرجت العديد من الانتقادات في الصحف العالمية، وتحديدًا الإسبانية والبرازيلية، ضد معايير "فرانس فوتبول"، في تحديد هوية اللاعب الأفضل على مستوى العالم، وبدأ ريال مدريد، وفقًا لصحيفة "ماركا" الإسبانية، يشكك في تلك المعايير ويتهم القائمين على منح الجائزة، على رأسهم الاتحاد الأوروبي "يويفا" بأنه يقف خلف منع فينيسيوس من التتويج لأسباب لا علاقة لها بكرة القدم، على خلفية توتر العلاقة مع فلورنتينو بيريز رئيس النادي الملكي بسبب مشروع "دوري السوبر الأوروبي"، وهي المسابقة التي كان يخطط لها كبار الأندية الأوروبية خارج مظلة الاتحاد القاري.
"صدمة وسرقة وعنصرية"، كانت هذه التعابير السائدة في وسائل الإعلام البرازيلية، والتي أشارت إلى أن القائمين يعلمون جيدًا أن فينيسيوس الأحق بالجائزة، لكن يبدو أن هناك أمور خارج نطاق المنافسات والإنجازات، في تلميح لوجود توجه عنصري ضد نجم السامبا.
هل فعلا سرق نجم ريال مدريد؟.. هذا السؤال كان الأكثر تداولا في الصحف العالمية، ورد عليه فينسنت جارسيا رئيس تحرير "فرانس فوتبول" ، قائلا في تصريحات لصحيفة ليكيب الفرنسية: "الحقيقة أن المعايير واضحة ومعلومة، لكن من الواضح أن فينيسيوس تأثر بوجود زميليه الإنجليزي جود بيلينجهام والإسباني داني كارفخال في المراكز الخمسة الأولى المرشحة للفوز بالجائزة، لأنه بحسب الناحية الحسابية، أخذ منه زميلاه عددا من الأصوات".
لكن بعيدًا عن أحقية فينيسيوس بالكرة الذهبية 2024، فهناك موقفا غامضا آخر يطارد "فرانس فوتبول"، يخص مفاجأة عدم تواجد الدولي المصري محمد صلاح نجم ليفربول في القائمة كلها من الأساس، رغم أنه أحد أهم أفضل النجوم على الساحة العالمية خلال السنوات السبع الماضية، وفقًا للغة الأرقام القياسية التي يحققها.
غموض غياب صلاح يثير الشكوك هو الآخر في اختيارات الكرة الذهبية، كما أنه يعيد إلى الأذهان الظلم الدائم التي تعرض له النجم المصري، على هامش تواجده في قوائم الجائزة، خلال الست سنوات الماضية وكان أبرزها في نسخة عام 2018 التي توج بها الكرواتى لوكا مودريتش لاعب ريال مدريد، حيث كانت كل المؤئشرات والإنجازات تؤكد أحقية الفرعون على تحقيق الحلم الإفريقي بحصد الجائزة، لكنه حل في المركز السادس خلف الأرجنتينى ليونيل ميسي صاحب نصيب الأسد في الأكثر تتويًجًا بـ 8 مرات، ووقتها وجهت جماهير الريدز أسهم الاتهامات ضد القائمين عليها بوجود أشياء أخرى تحدد صاحب اللقب.
تكرر المشهد ذاته، مع محمد صلاح في نسخة 2019، عندما رأينا كم حالة السخط والغضب بعد أن فاز ليونيل ميسي لاعب باريس سان جيرمان حينها بجائزة الكرة الذهبية ، بالإضافة إلى احتلال النجم المصري المركز السابع في الترتيب النهائي، وهو ما كان له الكثير من علامات الاستفهام والتساؤلات المثيرة للتعجب، حيث أكد العديد من نجوم العالم أنه على أقل تقدير كان يجب التواجد في الثلاث الأوائل، وخرج البعض يؤكد أن الجائزة لن تذهب لأى لاعب إفريقي نظرًا لأن أوروبا ليست مستعدة لاختلاط الثقافات مع أفريقيا.
السؤال الختامي هنا : متي ينتهي الجدل حول الكرة الذهبية، ونجد أن الجائزة تذهب في النهاية إلى من يستحق وفقًا للموهبة والأرقام وليست بحسابات التدخلات البشرية ومقاييس التسويق وغيرها من هذا القبيل مثلما يرددون؟!.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة