يدفع المدنيون وبشكل خاص الفئات الأضعف، ضريبة الحروب، والحرب في السودان ليست استثناء من هذه القاعدة، إذ أثرت الحرب الضروس التي اندلعت إبريل 2023، على حياة الملايين من الأشخاص، وخلفت وراءها آلاف الضحايا، والمصابين، وخلقت أزمة نزوح هي الأكبر في العالم.
وعلى الرغم من كافة الجهود الدولية، إلا أنها فشلت في حل الأزمة، المستمرة منذ 18 شهرا، فيما تباينت الأرقام المعلنة حول العدد الحقيقي للضحايا، ففي حين قالت منظمة الصحة العالمية إن عدد الضحايا يفوق الـ20 ألف بقليل، إلا أن منظمة "جينوسايد ووتش"، قدرت عدد الضحايا منذ اندلاع القتال في منتصف أبريل 2023، وحتى نهاية أغسطس الماضي، بنحو 150 ألف قتيل.
نزوح 14 مليون شخص هربا من نيران الحرب
وفيما يخص النزوح، هربا من نيران الحرب، قالت إيمي بوب، رئيسة منظمة الهجرة الدولية، إن الوضع في السودان كارثي، مشيرة إلى أن الشعب السوداني، يعيش كابوس، بسبب الصراع والأوبئة المنتشرة والعنف الجنسي، وأكدت على نزوح أكثر من 14 مليون سوداني.
وأكدت فى بوب، في لقاء لتلفزيون الأمم المتحدة، من بورتسودان، أن معاناة السودانيين تزيد بشكل يومى، وأشارت لحديث أنطونيو جوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة، عن احتياج 25 مليون شخص للمساعدة الفورية، ووصفت التقارير عن وقوع عنف جنسى وعلى أساس عرقى، فى ولاية الجزيرة، بأنها صادمة للغاية.
وقالت رئيسة المنظمة الدولية للهجرة، أن أكثر من 14 مليون شخص فروا من منازلهم فى السودان، إما داخل البلاد أو عبر حدودها، وإن نحو 200 ألف شخص فروا منذ الشهر الماضى، وفقا لرويترز.
وقالت المديرة العامة للمنظمة الدولية للهجرة إيمى بوب للصحفيين "هناك 11 مليون شخص نازحون داخليا داخل البلاد، و3.1 مليون شخص عبروا الحدود، وهذا يعنى في الواقع أن هناك أكثر من 14 مليون شخص يتنقلون الآن".
ومن جهته قال أنطونيو جوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة، في تقرير لمجلس الأمن الدولي أن المعاناة فى السودان تزداد يوما بعد الآخر، وأشار إلى أن 25 مليون شخص يحتاجون المساعدة العاجلة، وقال :"شعب السودان يعيش فى كابوس من العنف، فقد قُتل آلاف المدنيين ويواجه عدد لا يحصى فظائع لا يمكن وصفها، بما فيها الاغتصاب والاعتداء الجنسى على نطاق واسع".
وأشار جوتيريش فى حديثه، إلى التقارير التى وصفها بالصادمة، حول أعمال القتل والعنف الجنسى الجماعية بولاية الجزيرة، كما سلط الضوء على خطر الجوع، الذى يواجه السودانيين، حيث يعانى أكثر من 750 ألف شخص من انعدام كارثي للأمن الغذائي مع ترسخ ظروف المجاعة فى مواقع النزوح شمال دارفور فيما يكافح الملايين كل يوم لإطعام أنفسهم.
منظمة دولية: نزوح 2.8 مليون طفل دون سن الخامسة في السودان بسبب الحرب
ومن ناحيتها كشفت منظمة "أنقذوا الأطفال"، أن أكثر من 2.8 مليون طفل دون سن الخامسة، نازحون الآن في جميع أنحاء السودان، مشيرة إلى أن هولاء الأطفال معرضون للخطر بشكل كبير للعنف والأمراض، وبينما هم نازحون، فإن العديد منهم يفتقدون أساسيات الطفولة المبكرة، بما في ذلك التطعيمات والمياه النظيفة والرعاية الصحية والطعام المغذي والمأوى.
وقالت المنظمة في بيان الأربعاء، :"ارتفعت أعداد النازحين بنحو 200 ألف شخص في الشهر الماضي وحده، مع نزوح أكثر من 45 ألف شخص في ولاية الجزيرة بما في ذلك 27 ألف طفل في الأيام السبعة الماضية".
وتكشف الأرقام الجديدة أن 5.8 مليون، من النازحين هم من الأطفال دون سن الـ18، و2.8 مليون من الأطفال دون سن الخامسة، وكشف البيان أن هولاء الأطفال معرضون للخطر بشكل كبير للعنف والأمراض، وبينما هم نازحون، فإن العديد منهم يفتقدون أساسيات الطفولة المبكرة، بما في ذلك التطعيمات والمياه النظيفة والرعاية الصحية والطعام المغذي والمأوى.
وتابع البيان :"بينما يعيش نحو نصف هؤلاء الأطفال الآن في مجتمعات مضيفة، يعيش النصف المتبقي منهم في ظروف يائسة، حيث يعيش 18% منهم في مخيمات للنازحين، و16% في مستوطنات غير رسمية أو في العراء، و9% في مدارس مزدحمة أو مبان عامة أخرى، ويتقاسم العديد من هؤلاء الأطفال مساحاتهم مع بالغين لا يعرفونهم، ولا يحصلون إلا على قدر محدود أو لا يحصلون على المياه والصرف الصحي".
وأكد البيان أن الفتيات معرضات للخطر بشكل خاص، حيث يواجه أكثر من 3.2 مليون من الأطفال النازحين من الفتيات دون سن 18 عاماً تهديدات خاصة بالعنف الجنسي، أو الاغتصاب، أو الزواج المبكر أو القسري.
وتحتل ولاية البحر الأحمر في شرق البلاد أعلى نسبة من الأطفال النازحين، حيث يشكل الأطفال 60% من إجمالي النازحين، تليها ولاية وسط دارفور بنسبة 57%. وأكثر من ثلث هؤلاء الأطفال والأسر النازحة الآن في السودان هم من العاصمة الخرطوم، التي شهدت بعضًا من أعنف المعارك في الصراع، تليها ولاية جنوب دارفور (19%) وشمال دارفور (15%).
وقال محمد عبد اللطيف، مدير منظمة إنقاذ الطفولة في السودان: "إن الأطفال الصغار والأطفال في سن ما قبل المدرسة ـ ملايين من أكثر الناس ضعفاً في العالم يعيشون حالياً في بعض أسوأ الظروف على الإطلاق، إن العالم ملزم برعاية الأطفال ونحن نفشل في توفير الرعاية لهم".
وتابع :"عندما يضطر الناس إلى الفرار من منازلهم بسبب العنف، فإن النساء والأطفال هم عادة من يرحلون أولاً، وكثيراً ما نرى مخيمات النزوح مليئة بالأطفال، لكن عدد الأطفال النازحين في السودان كبير للغاية".
واستمر :"إن الوضع في السودان يتجه إلى الخروج عن السيطرة، وكل يوم يتعرض المزيد والمزيد من الأرواح للخطر بسبب القتل والعنف والتشريد، لقد أصبحت هذه الأزمة واحدة من أكثر الأزمات الإنسانية تدميراً في العالم، ولكن العالم لا ينتبه إلى ذلك"، مضيفا :"في الأسبوع الماضي وحده، قُتل ما لا يقل عن 10 أطفال، بما في ذلك أطفال لا تتجاوز أعمارهم 10 سنوات، وأصيب ما لا يقل عن 43 طفلاً في ولاية الجزيرة فقط".
واستطرد :"وأفادت الأمم المتحدة عن تعرض فتيات لا تتجاوز أعمارهن 13 عامًا للاغتصاب والاعتداء الجنسي، كما سمعنا تقارير عن احتجاز الأطفال، وتدمير المنازل على نطاق واسع، والنزوح الجماعي، مع اضطرار الأسر إلى السير لأيام للوصول إلى بر الأمان".
واختتم :"إننا ندعو المجتمع الدولي بشكل عاجل إلى اتخاذ إجراءات سياسية ذات معنى وعاجلة لمعالجة هذه الأزمة، من أجل وقف فوري لإطلاق النار والتقدم نحو اتفاق سلام دائم."
العنف الجنسي يهدد سيدات السودان
ومن جهتها أصدرت بعثة الأمم المتحدة المستقلة لتقصى الحقائق في السودان، تقرير جديد حول الانتهاكات في الصراع الدائر بالسودان، ووصف محمد شاندي عثمان، رئيس البعثة، حجم العنف الجنسي الذي وثقته البعثة في السودان بأنه كبير للغاية، وأكد أن معظم جرائم العنف الجنسي ارتكبتها قوات الدعم السريع والميليشيات المتحالفة معها، فيما تتراوح أعمار الضحايا بين 8 و75 عاماً.
وأكدت البعثة في تقريرها، أن قوات الدعم السريع وحلفائها مسئولة عن العنف الجنسي على نطاق واسع، بما في ذلك الاغتصاب الجماعي واختطاف واحتجاز الضحايا في ظروف ترقي لوصفها بالعبودية الجنسية، وفقا لصحيفة التغيير السودانية.
وكشف التقرير أن غالبية جرائم العنف الجنسي والعنف القائم على النوع الاجتماعي ارتكبتها قوات الدعم السريع، لا سيما في الخرطوم الكبرى ودارفور والجزيرة.
التقرير الذى أصدرته البعثة، في 80 صفحة، اعتمد على مقابلات مع الضحايا والأسر والشهود.
وأكد التقرير، على رصد البعثة، لجرائم ترقى لجرائم الحرب، وجرائم ضد الإنسانية، منها الاحتجاز التعسفي، وإعاقة وصول المساعدات، وقال رئيس بعثة تقصي الحقائق: "إن الحجم الهائل للعنف الجنسي الذي وثقناه في السودان مذهل وإن الوضع الذي يواجهه المدنيون المستضعفون، ولا سيما النساء والفتيات من جميع الأعمار، مثير للقلق العميق ويحتاج إلى معالجة عاجلة".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة