تعتبر مهنة صناعة السفن والمراكب بالإسكندرية من أقدم المهن بالمحافظة وأدقها، يعمل بها فنيون متخصصون ولهم مكان محدد بالمحافظة وورش خاصة بهم، يعملون فى المهنة منذ سنوات طويلة، اكتسبوا العديد من الخبرات لطفو المركب وصيانتها وتأسيسها بطريقة صحيحة، تقع ورش المراكب فى منطقة الأنفوشى على البحر مباشرة بمجرد دخولك تجد أيادى مكافحة من كل الأعمار، الكل يتعلم ويعمل فى صمت، كل فرد له دور داخل الورشة، بداية دخولك إلى الورش فى المقدمة تجد نجارا يقوم بتقطيع الخشب والقسم الآخر يقوم بالطلاء وتثبيت الخشب بالمسامير، فهى "خلية نحل" تعمل فى صمت على صوت موج البحر.
يبدأ العمل فى ورش صناعة السفن والمراكب من الساعة السابعة صباحًا وحتى غروب الشمس، يعملون فى حرارة الشمس دون انقطاع، يأخذون راحة ظهرا لتناول الطعام ثم يعاودون العمل من جديد حتى المغرب، فى جولة معايشة "اليوم السابع" داخل الورش ليوم كامل نرصد تفاصيل العمل فى ورش كسب الحلال بالإسكندرية.
"أحمد عجمى" يعمل فى صناعة المراكب منذ 30 سنة، يبدأ عمله فى الساعة السابعة صباحا يدخل الورش ليلقى التحية على زملائه ويبدأ فى معرفة المراكب التى يعمل عليها اليوم، ويبدأ فى تفقدها ليخبر صاحب الورشة بصيانتها والأدوات التى يحتاجها، ثم يتناول إفطاره ويباشر العمل.
"أنا بقالى 30 سنة بأشتغل فى المهنة".. بهذه الكلمات التى تحتوى على الفخر ومليئة بذكريات سنوات طويلة يقول عجمى، إنه دخل المهنة فى سن مبكرة وتعلمها على يد صاحب الورشة منذ صغره عندما ألحقه والده فيها ليتعلم المهنة ويكون لديه راتبه الخاص، ليعتمد على نفسه منذ نعومة أظافره، واستمر فيها سنوات طويلة حتى الآن ليكن الفضل فى تعلمه المهنة لصاحب الورشة وأبنائه، وأنهم أصحاب الفضل ليتزوج ويفتح بيته ويتعلم المهنة التى علمها من بعده لأجيال جاءت لتتعلمها .
ويقول "تعلمت المهنة دى وأنا صغير على أيدى عائلة أبو شنب، وهى أقدم عائلة فى بحرى تعمل فى صناعة السفن، يعملون فيها أبًا عن جد حتى الآن وتتوارثها الأجيال، وأى طفل فى منطقة بحرى لازم يشتغل فى السفن والمراكب والصيد فهى قاعدة عامة لأبناء بحرى لا يمكن الخروج عنها ماعدا فى السنوات الأخيرة ".
وعن صناعة المراكب قال، إن لكل مركب صناعة خاصة بها فهى تختلف من الفلوكة إلى مركب الصيد واليخت، فلكل نوع خشب خاص وصناعة خاصة بها لكى تعيش وتطفو وتتحمل الأمواج العالية، ووقت دخول المركب الصيانة يختلف حسب مدة استخدامها فى البحر والصيانة الدورية لها بانتظام تكون بعد 4 شهور .
أما عن تصميم اليخت والذى أصبح عليه طلبات بسبب السياحة والنزهة البحرية التى يرتفع فيها الطلب خلال الصيف، قال إنه يختلف مدة بناءه بحسب حجمه وعدد الغرف الموجودة فيه وتصميمه الخارجى، حيث يستغرق تصميمه عاما كاملا، وفى حالة حجمه الكبير والضخم يستغرق من عام ونصف إلى عامين، لأنه يحتاج إلى تشطيبات خاصة وتصميم خاص لوجود أكثر من غرفة داخل اليخت.
وتحدث عن نوع الخشب الذى يستخدمونه فى صناعة المراكب الخاصة بسفن الصيد، قائلا: خشب التوت من أفضل أنواع الأخشاب التى لا تتأثر بالمياه المالحة ولا تتلف بسهولة، ومدة صيانته طويلة، بينما هناك أنواع أخرى يتم استخدامها على حسب المكان يتم استخدام فيه خشب نوع محدد.
وأوضح، أن صناعة السفن بالخشب هى أبو الصناعات لوجود أنواع من المراكب مصنوعة من الحديد والألومنيوم والفيبر فهى تحتاج فى البداية لتصميم خشبى لكى يستطيع أن يصمم عليها النوع الذى يريده، فهو يحتاج إلى نجار سفن فى البداية ليصمم له المركب ثم لحام ليستطيع وضح الحديد بطريقة معينة ليطفو على الماء.
ويؤكد أن صاحب مهنة صناعة السفن ملم بكل المهن الأخرى، لأنه يقوم بها داخل المركب مثل السباكة ونجارة الباب والشباك والسيراميك، وفى حالة الاستعانة بصنايعى متخصص فى هذه المهن يكون تحت إشرافه، لأنه لديه خبرة فى هذه الصناعات المختلفة.
وأضاف أن المهنة حاليا فى مرحلة الانحدار وخروج عدد كبير منها، لأن خامات الصيانة مرتفعة السعر، فالكل يلجأ إلى مهن أخرى خاصة أن الفترة من شهر ديسمبر حتى منتصف شهر أبريل لا يوجد صيانة نهائيا للمراكب لذلك يتوقف الصنايعى عن العمل لحين خروج المراكب من البحر ودخولها الصيانة.
وداخل الورش يوجد قضبان حديد تشبه السكة الحديد، تستخدم لوقوف المراكب عليها وجذبها للمياه فور الانتهاء من الصيانة، ويتم شدها بواسطة أحبال وآلات ضخمة لتستطيع المركب الدخول للشاطئ وبدء الصيانة فيها .
وينتهى عمل الورش قبل المغرب بعد يوم شاق فى الصيانة والنجارة وليتلقوا اليومية ويذهبون إلى منازلهم التى تتواجد بالقرب من الورشة ليكرروا يومهم حامدين الله على ما آتاهم من فضله".
اثناء-صيانه-احد-البخوت-السياحية
احد-العمال-اثناء-تصنيع-مركب-صيد-صغيرة
احد-العمال-اثناء-صيانه-المراكب-بالإسكندرية
احمد-منجى-يعمل-فى-صيانه-وتصنيع-المراكب-بالإسكندرية
المراكب-القديمة-اثناء-الصيانة