عبدالكريم احمود محمد إبراهيم، رمز من رموز المقاومة الشعبية على أرض سيناء ضد الاحتلال الإسرائيلي، خلال النكسة التي انتهت بنصر أكتوبر المجيد.
وُلد عبدالكريم في قرية الخربة، التابعة لمركز بئر العبد بشمال سيناء، عام 1950، ليبدأ مسيرته النضالية في سن مبكرة جدًا، حيث لم يكن قد تجاوز السابعة عشرة من عمره عندما انضم إلى صفوف المقاومة ضد الاحتلال.
نشأ عبدالكريم في أسرة سيناوية عريقة، أحد أبناء قبيلة البياضية، ومع تصاعد الصراع مع الاحتلال الإسرائيلي بعد نكسة 1967، وجد نفسه مدفوعًا للانضمام إلى "منظمة سيناء العربية"، وهي مجموعة من شباب سيناء الذين قرروا مواجهة الاحتلال بكل ما أوتوا من قوة.
كانت منظمة سيناء العربية تمثل روح المقاومة لدى أبناء سيناء، الذين لم يقبلوا بالهزيمة وقرروا أن تكون أرضهم مقبرة للغزاة.
لم يكن عبدالكريم مجرد مناضل عادي، بل كان له دور بارز في تسهيل عمليات عبور الجنود المصريين من الضفة الغربية لقناة السويس إلى بورسعيد، مستخدمًا لنشات صغيرة بالتنسيق مع القوات المسلحة المصرية.
كانت هذه العمليات تتطلب شجاعة كبيرة، خاصة في ظل المراقبة المكثفة من قبل القوات الإسرائيلية، التي أدركت فيما بعد خطورة عبدالكريم وبدأت في ملاحقته.
ورغم أن الاحتلال حاول كسر عزيمته، عبر اعتقال والده الحاج احمود للضغط عليه لتسليم نفسه، إلا أن عبدالكريم ظل صامدًا، لم يستسلم ولم يخضع، بل استمر في تنفيذ مهامه متخفيًا بهوية مزيفة، تمكن من خلالها من زيارة السجناء السيناويين في سجون الاحتلال وجمع معلومات حيوية منهم، وكان يقوم بعبور قناة السويس متخفيًا، لجمع المعلومات الاستخباراتية عن تحركات العدو ومواقع تمركزه، ثم ينقلها للمقاومة التي كانت تتولى تنفيذ ضربات موجعة في عمق سيناء.
كانت شجاعة عبدالكريم واحمود والتزامه بقضية احتلال سيناء محل تقدير القيادة، وبعد انتصار القوات المسلحة في حرب أكتوبر 1973 وتحرير سيناء، تم تكريمه بمنحه نوط الامتياز من الطبقة الأولى، وهو تكريم له ورفاقه بإعتبارهم رمزًا للمقاومة والصمود وأيقونة تحرير الأرض .
يقول ابن أخيه وليد احمود، إن عمه البطل الذي وافته المنية هذا العام عن عمر ناهز 84 عامًا، ترك خلفه إرثًا عظيمًا من البطولات والتضحيات. لم يكتف عبدالكريم بدوره في المقاومة فقط، بل بعد عودة سيناء واستقرارها، كان له دور مجتمعي بارز، فقد عمل على تشجيع أهله وأبناء قريته على التعليم، وشارك في جهود التعمير، وكان دائمًا إلى جانب الدولة في مساعيها لتنمية سيناء.
في أغسطس الماضي، ودّعت قرية الخربة بطلاً من أبطالها، حيث شارك أبناء سيناء من مختلف الأطياف في تشييع جثمان عبدالكريم احمود إلى مثواه الأخير. كان مشهدًا مؤثرًا، إذ تجمعت أجيال مختلفة لتوديع الرجل الذي قدم الكثير لبلاده.
تكريم البطل عبدالكريم احمود
تكريم البطل عبدالكريم احمود
تكريم المجاهد عبدالكريم احمود