نعيش هذه الأيام الذكرى الـ51 على نصر أكتوبر المجيد، عندما انتصرت القوات المسلحة المصرية على جيش الاحتلال الإسرائيلى فى سيناء، واستطاع رجال الجيش المصرى تحرير أرض الفيروز بعد 6 سنوات من الاحتلال، ولا يزال نصر أكتوبر مليئا بالعديد من الأسرار والحكايات التي تستحق تسليط الضوء عليها واستعادة ذكرياتها، ومن ذلك وحكاية شفرة النصر.
كانت اللغة "النوبية" من أبرز أسرار حرب أكتوبر فقد تم استخدام لهجة من لهجات اللغة النوبية كشفرة حرب حيرت العدو وأصابتهم بالجنون نظرا لصعوبة فكها.
ويعود سبب لجوء الجيش المصرى لاستخدام اللغة النوبية إلى أنه لوحظ بعد تولى الرئيس السادات الحكم بنحو 3 أشهر، أن الجيش الإسرائيلى يستطيع فك الشفرات المرسلة فى الجيش المصرى، ما دفع الجيش للتوقف لمدة 7 أيام عن إرسال إشارات داخلية بين قياداته، لذلك أثارت فكرة غريبة اهتمام قادة الجيش عندما تم عرضها من قبل أحد الجنود، وعلى الرغم من أنها كانت فكرة بسيطة للغاية ولكنها كانت عجيبة.
تلك الفكرة التي كان بطلها الجندي المصري النوبي أحمد إدريس الذي انضم بعد تدريبه بفترة لقوات حرس الحدود، وأثناء ذلك كانت الصدفة هي التي جعلته ضمن مناقشة طويلة بين عدة ظباط عن معضلة الوصول إلى شفرة لاستخدامها في التواصل وفي نفس الوقت يصعب على العدو فكها.
تدخل الجندي الشاب أحمد إدريس قائلا إن اللغة النوبية هي الحل لتصبح لغة الإرسال وعندما يحاول العدو فك شفرتها لا يجد أمامه إلا كلمات غير مفهومة لغة بلا أبجدية موثقة، وعندما استمع قائده لتلك الفكرة البسيطة رغم غرابتها أبلغها لقادته الذين أبلغوه فورا باستدعاء ذلك الجندي صاحب الفكرة ليشرحها أمامهم، وبالفعل أبلغوها للرئيس الراحل محمد أنور السادات الذي أمر بالتكتم على تلك الفكرة وعدم التحدث عنها نهائيا.
وتم جمع 344 جنديا مصريا نوبيا يعلمون كل شيء عن اللغة النوبية لتصبح كلمة السر تلك اللغة غير الموثقة كتابيا، وتعتمد على قولها فقط على مر السنين ولا يوجد لها أي مرجعية يستطيع أحد فهمها، وبالفعل تم اعتمادها من قبل الجيش المصري كسرا لشفرة في الحرب، خاصة أنها فكرة غريبة لم يلجأ لها الجيش من قبل على عكس تلك الشفرات المعقدة، وبالفعل بدأ تدريب الجنود النوبيين على أجهزة اللاسلكي الصغيرة، وتحديد الكلمات النوبية التي سيتم إطلاقها على الجنود والدبابات ومختلف الأوضاع.
"ساع آوي وأوشريا" في يوم السادس من أكتوبر كان كل قائد لديه خطاب مغلق يتم فتحه الساعة الثانية إلا عشر دقائق، وفي الوقت المنصوص عليه تم فتح الخطابات ليجدوا فيها أشهر كلمتين كانوا سببا من أسباب النصر وهما "أوشريا" والتي تعني اضرب ويقصد بها إصدار الأمر لكل الوحدات لبدأ إطلاق النيران، و"ساع آوي" ومعناها الساعة الثانية ظهرا ويقصد بها ساعة الصفر وموعد الضربة.
لتساهم بذلك الشفرة النوبية وصاحب فكرتها الجندي أحمد إدريس بقدر كبير في نصر حرب أكتوبر، وذلك لأن استخدام الشفرة النوبية أدهش العدو طوال الحرب بسبب عدم فهمهم تلك اللغة أو معرفة أصلها حتى أنهم ظنوا أن المصريين اخترعوا لغة جديدة.
استخدام الشفرة النوبية كان جزءًا من خطة أكبر للخداع والتضليل، والتي شملت أيضًا تحركات وهمية ومعلومات مضللة لإرباك العدو، هذه الاستراتيجيات مجتمعة ساعدت في تحقيق النصر في حرب أكتوبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة