لم يمر انتصار أكتوبر على المرأة الحديدية، جولدا مائير مرور الكرام، وهى التي ظنت يومًا أنها رئيس الدولة العليا إسرائيل، دون أن تعي قدرة المصريون علي صنع المستحيل، وهى بنفسها من تحدثت عن مشاعرها في فصل كامل أسمته " الهزيمة" في كتابها لتكشف لنا جولدا في كتابها "حياتى".
تقول مائير في كتابها: ليس أشق على نفسى من الكتابة عن حرب يوم كيبور 1973، لن أكتب عن الحرب من الناحية العسكرية فهذا أمر أتركه للآخرين، لكننى سأكتب عنها ككارثة ساحقة وكابوس عشته بنفسي، وسيظل معى باقيًا على الدوام، عقدت اجتماعاً فى 5 أكتوبر لبحث الموقف، وخلال الاجتماع اقترح إسرائيل جاليلي تفويضى ووزير الدفاع، لسلطة استدعاء الاحتياطى وإعلان التعبئة العامة، وكان من واجبى أن أستمع إلى إنذار قلبي، وأستدعى الاحتياطي، وآمر بالتعبئة .
ووصفت مائير شعورها بالهزيمة بقولها: لم يكن منطقيًا أن آمر بالتعبئة مع وجود تقارير مخابراتنا العسكرية، وتقارير قادتنا العسكرية، التى لا تبررها ! لكنى فى نفس الوقت أعلم تمامًا أنه كان واجبًا علىّ أن أفعل ذلك، وسوف أحيا بهذا الحلم المزعج بقية حياتى.
وقالت: حرب أكتوبر أكبر خطر عرفته الدولة ولن أعود مرة أخرى نفس الشخص الذي كنت عليه قبل حرب اكتوبر.
واستمرت في الاعتراف لتقول عن مواجهة الجيش المصري: كان هناك تفوق ساحق علينا من الجيش المصري وكنا نقاسي من انهيار نفسي سحيق فور اندلاع الحرب، ولم تكن الصدمة في الطريقة التي بدأت بها الحرب فقط ولكن في حقيقة أن عدد من افتراضاتنا الأساسية قد ثبت خطأوها وكان هناك يقين أننا سنقدر على منع المصريين من عبور قناة السويس.
وتحدثت عن رأيها في اللحظة التي كانت ستواجه فيه القوات المسلحة المصرية في معركة مباشرة، وقالت: كنت اعرف أن كل تقرير حول امكانية مواجهة المصريين يحمل في طياته ثمنا باهظا من الذي ندفعه من الأرواح البشرية وبالتالي ما حدث مع انطلاق حرب أكتوبر وسقوط جنودنا كان بمثابة سكين تغمد في قلبي.
وروت رئيسة الوزراء جولدا مائير حوار دار بينها وبين وزير الدفاع موشى ديان يوم 7 أكتوبر عقب عودته من جولة على الجبهة وظهر أمامها بشكل منهار من الخسائر على الجبهة، وقالت في كتابها: في عصر يوم 7 أكتوبر عاد ديان من إحدى جولاته على الجبهة وطلب مقابلتي على الفور وعندما قابلته أبلغني أن الموقف في سيناء قد وصل إلى درجة من السوء إلى حد أنه يجب أن نقوم بانسحاب جذري ونقيم خط دفاع جديد، واستمعت إليه في فزع وكان المصريين قد عبرو قناة السويس وقواتنا في سيناء قد تحطمت .
وكشف جولدا مائير عن أول لحظة بكت فيها منذ اندلاع حرب اكتوبر وكان بعد وصول أول دعم عسكري من الولايات المتحدة ممثل في إرسال الطائرات جالاكسي يوم 14 أكتوبر، وقالت: أرسلت امريكا بأمر من الرئيس نيكسون الطائرات الجبارة جالاكسي ووصلت أولى رحلاتها يوم 14 أكتوبر وهذا الجسر الجوي لا يمكن تقدير قيمته وساهم في رفع الروح المعنوية.
وأضافت: أن هذه الطائرة الضخمة ساهمت في توضيح الموقف الأمريكي وساعدنا من الناحية العسكرية، وبكيت لأول مرة منذ بداية الحرب عندما علمت أن الطائرات حطت في مطار اللد، وكان ذلك أول يوم علمت فيه عدد خسائرنا، وهذه الطائرات الجالاكسي حملت لنا دبابات وذخيرة وإمدادات طبية وصواريخ الجو وكانت تهبط في مطار اللد طائرة كل 15 دقيقة أحيانا لتعويضنا عما كبده لنا المصريين من خسائر .
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة